قبل زيارة “بومبيو” للخرطوم.. السودان يتجه نحو حكم عسكري مطلق

- ‎فيعربي ودولي

الجولة التي بدأها الأحد 23 أغسطس 2020م وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، في المنطقة العربية تشمل أولا الكيان الصهيوني والإمارات في أعقاب اتفاق التطبيع الذي جرى الإعلان عنه الخميس 13 أغسطس، وتشمل أيضا كلا من السودان والبحرين، باعتبارهما من أقرب الدول العربية على لائحة التطبيع خلال الفترة المقبلة.

ووفقا لبيان الخارجية الأمريكية حول زيارة بومبيو التي تمتد في المنطقة حتى 28 أغسطس، فإن وزير الخارجية سوف يناقش مع نتنياهو قضايا الأمن الإقليمي المتعلقة بنفوذ إيران، وإقامة علاقات إسرائيلية وتعميقها في المنطقة، وكذلك التعاون في حماية الاقتصادين الأمريكي والإسرائيلي".

أما في السودان، فسيلتقي بومبيو برئيس الوزراء عبد الله حمدوك ورئيس المجلس السيادي الانتقالي عبد الفتاح البرهان، لمناقشة استمرار الدعم الأمريكي للحكومة الانتقالية والتعبير عن دعمهم لتعميق العلاقة بين السودان وإسرائيل، بحسب المصدر نفسه.

نحو سلطوية عسكرية

اللافت في الأمر، أن السودان يشهد عدة مؤشرات على توجهات نحو سلطوية عسكرية شمولية منذ نجح انقلاب إبريل 2019م في الإطاحة بحكم الرئيس السابق عمر البشير الذي اغتصب الحكم أيضا بانقلاب عسكري سنة 1989م.

المؤشر الأول، أن رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان واصل التعريض بالحكومة المدنية، ورميها بالفشل في إدارة شئون الاقتصاد ومعيشة الناس، وذلك لليوم الثاني على التوالي لخطاباته أمام وحدات عسكرية.

وقال البرهان، في كلمة له الاثنين 24 أغسطس 2019 أمام ضباط وجنود القوات المسلحة، بمنطقة وادي سيدنا العسكرية بأم درمان، إنه و"رغم مرور أكثر من عام على نجاح الثورة، ليس هناك نجاح يذكر، ويستمر الصراع حول كراسي السلطة والمحاصصات الحزبية"، مشيراً إلى "سوء التخطيط والإدارة". وأضاف البرهان، الذي سبقت أحاديثه الأخيرة مطالبات بإخضاع شركات الجيش الاقتصادية لسلطة وزارة المالية، أن "الفاشلين يريدون تعليق فشلهم على مؤسسة القوات المسلحة"، مبيناً أنهم عرضوا على الحكومة "تقديم المساعدة لها، لكنها لم تفعل شيئا"، وأوضح أن "شركات الجيش أسست من استقطاعات من رواتب الجنود والضباط"، مؤكدا أن "الجيش لا يمانع أن تعم فائدتها كل السودانيين".

واتهم البرهان جهات (لم يسمها) بالسعى للفتنة بين القوات المسلحة والشعب، وتحاول جاهدة صنع الأزمات، وأن "المحاولة تلك تتضمن تشويه سمعة القوات المسلحة، وشيطنة الدعم السريع، والفتنة بينهما"، مؤكداً أن "تلك المحاولات لن تنجح، ونحن متحدون ومتماسكون ويد واحدة، وعهدنا مع الشعب أن نقف معه ومع ثورته". وأضاف: "هناك أيضاً أصوات تدعو لتفكيك القوات المسلحة، وارتفعت وتيرتها في الفترة الأخيرة"، مؤكداً أن "تفكيك القوات المسلحة يعني تفكيك شعب السودان"، قبل أن يستدرك: "تنفيذ ذلك المخطط صعب المنال لقوة قواتنا وصمودها"، وتعهد بـ"العمل مع الشعب لتحقيق أهداف الثورة"، وأن "يظل الجيش تحت إشارة الشعب". واتهم البرهان جهات بـ"التخطيط لسرقة ثورة الشباب"، وقال إن الجيش سيقف "شوكة حوت" دفاعاً عن الثورة وضد كل من يريد الالتفاف عليها. وحيا رئيس مجلس السيادة المواطنين في حلايب وشلاتين، وقال: "نحن معكم، والقوات المسلحة لن تفرط في شبر من أرض السودان، وحقنا ما بنخلي".

المؤشر الثاني، لجنة حكومية في السودان، أصدرت الأحد 23 أغسطس، قرارات بفصل مئات الموظفين العموميين من بينهم 151 قاضياً، بحجة موالاتهم نظام الرئيس السابق عمر البشير، وتعيينهم بطرق غير مشروعة بغرض تمكين النظام. وأصدرت القرارات، لجنة "إزالة تمكين نظام الثلاثين من يونيو واسترداد الأموال المنهوبة"، حيث شملت فصل عاملين في قطاع الكهرباء والتعدين والخطوط الجوية السودانية والطيران المدني ووزارتي الشباب والرياضة والشئون الدينية والأوقاف وجامعة أفريقيا العالمية، إضافة لموظفين في كل من ولايات شمال كردفان وغرب كردفان وشمال دارفور.

 

تكريس الانقلاب

المؤشر الثالث أن ذات اللجنة قررت حل المفوضية القومية لحقوق الإنسان، ومطالبة الجهات ذات الصلة باختيار أعضاء جدد وفقاً للوثيقة الدستورية والمبادئ العالمية في تشكيل مفوضيات حقوق الإنسان، وكذلك حل مجالس إدارات بنوك وإلغاء تسجيل منظمات عاملة في المجال الإنساني. وشُكلت لجنة "إزالة التمكين"، في ديسمبر2019، بقرار من مجلسي السيادة والوزراء، بهدف تصفية وجود العناصر التابعة للنظام السابق، من مؤسسات الدولة واسترداد الأموال المنهوبة طوال 30 سنة من عمر النظام.

ومن الدروس المستفادة من التجربة المصرية، فإن كل هذه الإجراءات هي إجراءت شكلية الهدف منها تكريس سلطوية النظام الجديد الذي اغتصب السلطة أيضا بانقلاب عسكري؛ والدليل على ذلك، توجهاته نحو التطبيع مع الكيان الصهيوني؛ فالثورات الشعبية لا تقبل التطبيع أو التقارب مع الاحتلال بينما الانقلابات فقط هي التي تبرم مثل هذه الصفقات المشبوهة.