لماذا يحاول السيسي “تطفيش” المصريين من صلاة الجمعة؟

- ‎فيتقارير

رغم إعلان حكومة الانقلاب عن عودة صلاة الجمعة بدءا من الغد بعد ضغوط شعبية متواصلة، إلا أنها تحاول بكل السبل والوسائل تطفيش المصلين وصرف الناس عن الصلاة وإبعادهم عن المساجد وكأن بيوت الله هى الوباء الذى ينطلق منه فيروس كورونا المستجد وغيره من الأوبئة! فى المقابل تشجع حكومة الانقلاب السياحة والأنشطة الترفيهية وتقدم للسياح تخفيضات وهدايا وتقيم لهم حفلات ومهرجانات وكأن السياحة لا تأتى إلا بالخير وليس لها سلبيات رغم أن السياح الأجانب كانوا المصدر الأول لنقل الفيروس اللعين إلى مصر.

هذا الموقف يثير الكثير من التساؤلات؛ منها: لماذا يحارب نظام الانقلاب الدموى بقيادة عبد الفتاح السيسي صلاة الجمعة؟ ولماذا يكره المساجد ويريدها أن تظل مغلقة؟ هل هى حرب على الإسلام وهل يتآمر السيسي مع النظام العالمى ضد المسلمين؟

حرب شعواء
موقف السيسي يكشفه ويجسده الأمنجى محمد مختار جمعة وزير الأوقاف الانقلابى الذى يشن حربا شعواء على المساجد والأئمة والدعاة ويحاول التضييق بكل السبل على المصلين.
وفى هذا السياق حدد جمعة – والذى من المقرر أن يلقى غدا خطبة الجمعة التي ينقلها التلفزيون المصري والإذاعة المصرية، تحت عنوان الأمل حياة – شروطا وإجراءات لعودة صلاة الجمعة تحت شعار مكافحة كورونا وهى فى الحقيقة موجهة للتضييق على المصلين وإبعادهم عن بيوت الله، منها الالتزام بمراعاة التباعد وارتداء الكمامة وإحضار سجادة شخصية، وفتح المساجد قبل الصلاة بـ10 دقائق فقط، وإغلاقها فور انتهاء الصلاة، والاقتصار على الأماكن المتاحة وفق تحقيق إجراءات التباعد الاجتماعى فقط، وتكون خطبة الجمعة فى حدود عشر دقائق فقط. كما تضمنت شروط الأمنجى عدم فتح دورات المياه، أو دور المناسبات، أو زيارة الأضرحة، وعدم السماح بأى مناسبات اجتماعية من أفراح أو عزاء أو نحوه، وعدم السماح بصلاة الجنائز بالمساجد.

وقرر جمعة الاقتصار على فتح المساجد الكبرى والجامعة بشرط وجود إمام أو خطيب معتمد من الأوقاف، ومصرح له بالخطابة، وعمال معينين على المسجد أو مسكنين عليه ومسئولين مسئولية تضامنية مع إمام المسجد أو الخطيب ومفتش المنطقة ومدير الإدارة وقيادات المديرية عن تنفيذ جميع الإجراءات الاحترازية.

ومن أجل تطفيش الأئمة وعمال المساجد حذر الأمنجى من أنه فى حالة حدوث أى مخالفة سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية الحاسمة تجاه المخالف أو المخالفين مع عدم إقامة الجمعة فى المسجد الذى تحدث فيه المخالفة مرة أخرى. وأعلن جمعة أنه قرر تشكيل غرفة عمليات مركزية برئاسة رئيس القطاع الديني، وأخرى فرعية فى كل مديرية برئاسة مدير المديرية، مشددًا على عدم السماح بصعود المنبر لغير المصرح لهم بالخطابة من الأوقاف، وفِى المساجد المحددة لكل منهم، والتى حددتها المديرية لصلاة الجمعة فى ظل الظروف الحالية. كما شدد على عدم تجاوز الوقت المحدد للخطبة حاليا وهو 10 دقائق فقط والالتزام بموضوع خطبة الجمعة المحدد من قبل الوزارة بعنوان: "الأمل حياة" وفق تعبيره.

مجمع البحوث
وتحت شعار التيسير على المصلين واصلت لجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية التطبيل لنظام العسكر وقالت إنه يجوز لمن يخشى من انتقال عدوى كورونا.. الصلاة بالمنزل، مشيرة إلى أنه يجوز الترخص بالصلاة في البيوت لكبر السن وأصحاب الأمراض المزمنة، وأشارت اللجنة إلى قوله تعالى "مَا يُرِيدُ الله لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ"، وقول النبي (ﷺ) (إنما بعثتم ميسرين، ولم تبعثوا معسرين).
وشددت على أهمية الالتزام بالاجراءات الوقائية أثناء صلاة الجمعة، مشيرة إلى أن ارتداء الكمامات لحماية الأنفس وعدم وصول أو تسلل الفيروس إلى الفم أو الأنف عند وجود حالات بين المصلين مصابة بالفيروس.

مركز الأزهر العالمى

وعن حكم التباعد أثناء أداء الصلاة خلال أزمة كورونا، خاصةً أن تسوية الصفوف وتواجد المصلين بجانب بعضهم البعض شرط أساسي أثناء الصلاة قال المركز العالمى للفتوى الإلكترونية إنه وفقًا للشرع فإن تسوية الصفوف وسد خللها من حسن الصلاة وتمامها؛ لقول سيدنا رسول الله ﷺ: «سَوُّوا صُفُوفَكُمْ، فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصُّفُوفِ مِنْ إِقَامَةِ الصَّلاَةِ» وأيضًا عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ، فَإِنِّي أَرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي»، وَكَانَ أَحَدُنَا يُلْزِقُ مَنْكِبَهُ بِمَنْكِبِ صَاحِبِهِ، وَقَدَمَهُ بِقَدَمِهِ". وأشار المركز الى أن المراد بتسوية الصفوف هو إتمام الأول فالأول، وسد الفُرج، ويحاذي القائمين فيها بحيث لا يتقدم صدر أحد ولا شيء منه على من هو بجنبه، ولا يشرع في الصف الثاني حتى يتم الأول، ولا يقف في صف حتى يتم ما قبله.
وأضاف أنّ تسوية الصفوف من الأمور المستحبة إلا أن المحافظة على النفس مقصد ضروري من مقاصد الشريعة الإسلامية، موضحا انه يجوز تباعد المُصلين في صلاة الجماعة كإجراء احترازي لمنع تفشي الإصابة بفيروس كورونا ولا يبطل ذلك الصلاة .
ولفت المركز إلى أنّ الضرورات تبيح المحظورات، ودرأ مفسدة انتقال العدوى أعظم من مصلحة وصل الصفوف هو من تمام الصلاة، لا من أركانها، ولا من شروط صِحتها موضحا أنه يجوز بجواز التَّباعد بين المُصلين بنوعيه (التباعد بين المناكب، والتباعد بين الصفوف)، إلا أنه لا تسقط تسوية الصفوف مع تباعد المصلين فيها؛ لأنها من شِعار صلاة الجماعة، ولأنه لا ضرورة ولا حاجة تدفع لتركها؛ إذ الميسور لا يسقط بالمعسور، والضرورة تقدر بقدرها.

وأجاز المركز أداء صلاة الجمعة في المنزل ظهرًا بالتزامن مع عودة صلاة الجمعة والجماعة في المساجد، مؤكدًا أن الله سبحانه فرض صلاة الجمعة على المسلمين القادرين على السعي إليها؛ فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) وَعَنْ حَفْصَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبيَّ ﷺ قَالَ: «رَوَاحُ الجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ» وقال ﷺ في فضل أدئها والحرص عليها: «مَنِ اغْتَسَلَ، ثُمَّ أتَى الجُمُعَةَ فَصَلَّى مَا قُدِّرَ لَهُ، ثُمَّ أنْصَتَ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ خُطْبَتِهِ، ثُمَّ يُصَلِّي مَعَهُ، غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجُمُعَةِ الأخْرَى، وَفَضْلُ ثَلاثَةِ أيَّامٍ».
وتابع : إن النِّساء وغير البالغين (الأطفال الصِّغار) غير مطالبين شرعًا بصلاة الجمعة، وإنما يجوز لهم تأديتها في البيوت ظهرًا على وقتها جماعةً أو انفرادًا؛ سيما في ظرف وباء كورونا الرَّاهن.
وقال المركز انه مع هذا الفضل العظيم لأداء الرجال صلاة الجمعة في المساجد إلا أن للنوازل والأزمات تفقُّهًا يناسبهما ولا يخفى ما يسببه انتشار فيروس كورونا من أضرار على المستويات كافة، وأن الاختلاط والتزاحم أحد أهم أسباب انتشاره.
واضاف : لذا جاز لمن كان من أصحاب الأمراض المزمنة، أو ضِعاف المناعة أن يترك صلاة الجمعة في المسجد لحين زوال هذا الوباء فقد رفع الله سبحانه الحرج والمشقة عن المريض فقال: { لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ}.

وشدد المركز على أنه ينبغي على من يعاني من أحد أعراض الإصابة بالفيروس التخلف عن صلاة الجمعة في المسجد، كمن يعاني من ارتفاعٍ في درجة الحرارة، أو السُّعال، أو ضيق التَّنفس، أو التهاب الحلق.. إلخ؛ لما يترتب على ذهابه من إمكان إلحاق الضرر بغيره، والنبي ﷺ يقول: «لا ضرر ولا ضرار» موضحا أنه في هذه الحالة على صاحب العذر أن يُصليها في بيته ظهرًا جماعة أو منفردًا؛ قال رسول الله ﷺ: «مَنْ سَمِعَ الْمُنَادِيَ فَلَمْ يَمْنَعْهُ مِنَ اتِّبَاعِهِ، عُذْرٌ»، قَالُوا: وَمَا الْعُذْرُ؟، قَالَ: «خَوْفٌ أَوْ مَرَضٌ، لَمْ تُقْبَلْ مِنْهُ الصَّلَاةُ الَّتِي صَلَّىٰ».