ورقة تحليلية”: رسائل كلينتون كشفت أن الصراع كان بمخيلة “طنطاوي” ووضع العراقيل أمام الإخوان لمنع انتقال السلطة

- ‎فيتقارير

ورقة عن رسائل "كلينتون": الصراع كان بمخيلة "طنطاوي" مع "الإخوان" وتهديداته وصلتهم بعد الثورة
أكدت "ورقة تحليلية" أن العلاقة بين المجلس الأعلى للقوات المسلحة الحاكم آنذاك بقيادة المشير محمد حسين طنطاوي، وجماعة الإخوان المسلمين وقياداتها، خصوصًا المرشد العام للجماعة الدكتور محمد بديع، كانت تتراوح بين الشد والجذب، على الرغم من وجود مساحات اتفاق حول بعض الأساسيات التي من شأنها أن تضمن تحقيق مصر لانتقال هادئ للسلطة من يد المجلس العسكري إلى حكومة مدنية منتخبة.

6 إفادات
وحللت ورقة بعنوان "رسائل كلينتون: الإخوان والمجلس العسكري بعد الثورة" نشرها موقع المعهد المصري للدراسات بإسطنبول للباحث عادل رفيق وثيقة لرسائل إيميلات هيلاري كلينتون المؤرخة بـ 9/12/2011 والمرسلة من وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون إلى مصدر في مكتب الرئيس الأمريكي، بعنوان: "سياسة مصر الداخلية".
وتتضمن الرسالة أنه "في الرابع من ديسمبر 2011، أمر المشير محمد حسين طنطاوي، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة الحاكم في مصر آنذاك، ورئيس الدولة المؤقت، كبار ضباط الجيش بالاجتماع بشكل غير معلن مع مصادر اتصالاتهم السرية داخل جماعة الإخوان المسلمين، وإرسال رسالة واضحة للمرشد العام للجماعة محمد بديع بخصوص نتائج الانتخابات الأخيرة، وتذكيره بموافقته غير المعلنة على العمل على ضمان انتقال منظم إلى حكومة منتخبة مع المجلس العسكري".
وتضيف الرسالة أن "طنطاوي" أصدر تعليمات للضباط بأنه "لا يجب أن يكون هناك أي احتمال لوقوع سوء فهم من جانب بديع، وأكد أن الجيش سيرد بكل القوة اللازمة للحفاظ على سيطرته على الحكومة المؤقتة وضمان الاستقرار في جميع أنحاء البلاد".

مصادر حساسة للغاية
وأشارت إلى أنه "وفقًا لمصادر حساسة للغاية"، فإن طنطاوي ومستشاريه قلقون من أن يميل البعض في قيادة الإخوان للعمل مع حزب النور السلفي المحافظ في محاولة للتحرك نحو الحكم المدني بوتيرة أسرع. حيث إن مثل هذه الخطوة ستضع جماعة الإخوان المسلمين في موقع قوي للغاية بصفتها الشريك الأكبر في تحالف يسيطر على أغلبية كبيرة من مقاعد مجلس الشعب التي تم حسمها خلال الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية.
وقال "المصدر" إن حزب الحرية والعدالة التابع لجماعة الإخوان المسلمين فاز بحوالي 37 % من مقاعد البرلمان خلال الجولة الأولى للانتخابات، وحصلت الأحزاب الصغيرة المتحالفة معه في البرلمان الجديد على 10 % إضافية من المقاعد. وفي الوقت نفسه، حصل حزب النور على 24 % من المقاعد.
وبناءً على ذلك، وطبقا لطبيعة الحال في هذا الوقت، فإن التحالف الإسلامي سيكون في وضع يسمح له بالمطالبة بالحق في تشكيل حكومة مؤقتة على الفور، برئاسة رئيس وزراء يتم اختياره من بينهم. مع العلم أن عماد عبد الغفور، رئيس حزب النور، كان معروفا لدى مصادر المجلس الأعلى للقوات المسلحة باهتمامه بشكل خاص بمتابعة هذا المسار.

وأضافت أن "جماعة الإخوان المسلمين، وبشكل كبير من خلال رئيس حزب الحرية والعدالة محمد مرسي ، حافظت على مسافة في العلاقة مع حزب النور، رغم أن مرسي قال في مناسبات عديدة إن على البرلمان الجديد، وليس المجلس العسكري، تشكيل الحكومة المؤقتة بعد الانتخابات".

مرحلة تنتهي بصراع؟
وعلق مصدر "هيلاري" بأن طنطاوي لم يكن متشائمًا مثل بعض مستشاريه تجاه الإخوان المسلمين، بما في ذلك قيادة المخابرات العامة المصرية وقادة الشرطة العسكرية، فقد كان المشير طنطاوي لا يزال يعتقد أن بديع يدرك أن الجيش لن يتنازل عن نيته في إدارة البلاد حتى إجراء الانتخابات الرئاسية في يونيو / يوليو 2012. وهو يدرك أيضًا أن هذا ترتيب يناسب جماعة الإخوان المسلمين وأنه في مرحلة ما سينتهي الأمر بالجانبين إلى درجة من الصراع.

وأشارت الوثيقة إلى قول المصدر الحساس للغاية من أن "بديع وأقرب مستشاريه هم سياسيون من طراز متطور وأنهم يدركون أن المجلس العسكري لن يتردد في استخدام القوة القصوى للحفاظ على استقرار البلاد. وأشار طنطاوي إلى أحد جهات الاتصال أن الإخوان المسلمين أوفوا بالدور المنوط بهم ضمن هذه التفاهمات والمتمثل في العمل على خفض مستوى العنف في المظاهرات المؤيدة للديمقراطية.
وأضاف طنطاوي أن الإخوان المسلمين منظمة كبيرة وأنه سيكون من غير المنطقي ألا يدرسوا جميع الخيارات المتاحة. لكنه كرر أنه يجب ألا يكون هناك أي التباس من جانب بديع في أن الجيش سيتحرك ضد الإخوان المسلمين إذا دعموا أي جهود من قبل حزب النور أو أي طرف آخر تهدف إلى السعي لاغتصاب وضع المجلس الأعلى للقوات المسلحة.
وأشارت الرسائل إلى أن "طنطاوي" أمر ضباط المجلس العسكري باستخدام اتصالاتهم مع الإخوان لتذكير قادتهم بالعواقب المحتملة لأي زلات تقع في هذا الخصوص، بينما كان طنطاوي يستبعد (جدية) تصريحات مرسي بشأن الانتقال السريع إلى الحكم المدني معتبرًا إياها مواقف سياسية ومصالح.

رؤية الرئيس مرسي
وعن تلك الفترة أشارت الورقة إلى "مصادر مطلعة داخل قيادة جماعة الإخوان المسلمين" توقعت بشكل سري أن بديع وقادة آخرين كانوا غير مرتاحين لحزب النور، وخاصة مع عماد عبدالغفور. وأضافت "كانت تدور مخاوفهم حول إمكانية قيام المجلس الأعلى للقوات المسلحة بتحرك عسكري ضد جميع الأحزاب الإسلامية إذا وصل المجلس العسكري إلى قناعة بأن وضعه أصبح مهددًا".

ونقلت أن "مرسي" شدد على أن موقف الإخوان المسلمين، رغم كونهم إسلاميين، لم يكن متطرفًا بطبيعته وأن الحكومة التي ستتشكل من الإخوان المسلمين / حزب الحرية والعدالة ستعمل على خلق بيئة عمل جيدة للشركات الأجنبية، بما في ذلك تطبيق إجراءات مصرفية موافقة للشريعة، مع نظام بنكي آخر موازي يضمن التعاون مع البنوك الغربية. وأبلغ مرسي كبار مسئولي الإخوان المسلمين بأن حزب النور يؤيد بقوة تطبيق رؤية غير مرنة من الشريعة الإسلامية، وأن أي إشارة إلى تبني مثل هذه السياسة من شأنها أن تحفز الجيش على التحرك وأن تخيف كذلك الشركات الأجنبية والمستثمرين الأجانب. وأشار مرسي إلى أن أحد مجالات الاتفاق بين جميع الأطراف هو الحاجة إلى تبني سياسة خارجية وأمنية لا تدعم الكيان الصهيوني بأي حال.

رؤى سياسية
ونقلت الرسائل واقع ما حدث في الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية، من سعادة قادة الإخوان المسلمين بأداء نشطائهم السياسيين فيها وأنهم يتوقعون استمرار النجاح في الانتخابات المقبلة المقرر إجراؤها في 14 و 15 ديسمبر 2011.
وبحسب الوثيقة، تحدث الإخوان عن "استطلاعاتهم كانت ذا قيمة خاصة، وسوف يمنحهم ذلك ميزة على منافسيهم السياسيين في الفترة المتبقية من الانتخابات البرلمانية، وصياغة دستور جديد والموافقة عليه ، وأخيرًا الانتخابات الرئاسية في منتصف عام 2012".
وأضافت أن الإخوان يعتقدون "أن نسبة 47 % تقريبًا من المقاعد التي فاز بها حزب الحرية والعدالة والأحزاب الصغيرة المتحالفة معه ستزيد في الجولات المقبلة. وكإجراء طارئ، وفي حالة فشل هذا النجاح المتصاعد، يعتقد مسئولو الإخوان المسلمين / حزب الحرية والعدالة أنه يمكن كسب أصوات كافية من الأحزاب الليبرالية (غير الدينية) لمنحهم الأغلبية في البرلمان الجديد.

تأثير الإخوان في ليبيا
وأشارت الوثيقة بشكل لافت إلى ثقة تحدث بها مستشار المرشد العام للإخوان د.محمد بديع –لم تسمه- من أن أحد مجالات الاهتمام الخاصة في ذلك هو صناعات الخدمات النفطية، والتي سيتركز الكثير منها على إنتاج النفط الليبي. وصرح هذا الشخص بثقة أن كلًا من رئيس الوزراء الليبي عبد الرحيم الكيب ورئيس المجلس الوطني الليبي مصطفى عبد الجليل كانا على ارتباط بجماعة الإخوان المسلمين خلال أيام دراستهم في مصر.
واشارت الوثيقة إلى أن ذلك سيسمح للإخوان المسلمين والحكومة المدنية الجديدة التي يأملون في تشكيلها في منتصف عام 2012 أن يكون لهم تأثير كبير على النظام الليبي الجديد.
وأضافت أن "د.بديع" يعتقد أن دعم الصناعات النفطية المتوقع هذا سيكون ذا قيمة كبيرة للبلاد، بمجرد تشكيل الحكومة المصرية الجديدة في منتصف عام 2012.