رغم تطاول ماكرون على النبي.. لهذه الأسباب يزور السيسي فرنسا

- ‎فيتقارير

أثارت زيارة عبدالفتاح السيسي، قائد الانقلاب الدموى، إلى فرنسا الكثير من علامات الاستفهام؛ خاصة أنها تأتى بعد تدشين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حملة معادية للإسلام والمسلمين ورفعه شعار التهجم والتطاول على سيد الخلق أجمعين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
معنى الزيارة في هذا التوقيت أن زعيم الانقلاب الذي اشتهر بعدائه للإسلام والمساجد، أنه يستهدف دعم الرئيس الفرنسي، ودعم مواقفه العنصرية ضد المسلمين، والسكوت عن تطاوله على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، كما تمثل برهانا على أن السيسي إنما يعبر بهذه الزيارة عن انحياز سافر للرئيس الفرنسي ضد حملات المقاطعة التي تتبناها الشعوب المسلمة ضد البضائع والشركات الفرنسية.
ورغم هذه الملابسات كافة، إلا أن رئيس الانقلاب بهذه الزيارة إنما يستهدف أيضا توثيق «الشراكة الإستراتيجية» بين النظامين المصري والفرنسي، وكلاهما بالغ العداء للِإسلام والمسلمين. وتحت مسمى التعاون في «مكافحة الإرهاب"، يستهدف كل من السيسي وماكرون التضييق على المسلمين؛ فالأول يعتقل عشرات الآلاف من المصريين لانتمائهم إلى التيار الإسلامي الذي يدعو إلى تحكيم شريعة الإسلام وعلى رأسها العدل والإنصاف والحريات. كما يشن حملة هدم لعشرات المساجد بدعوى أنها بنيت على أرض الدولة بالمخالفة للقانون، في الوقت الذي سن فيه قانونا خاصا لتقنين أوضاع الكنائس رغم أنها بينت أيضا على أرض الدولة وبالمخالفة للقانون! أما ماكرون فإنه يشن أيضا حملة شعواء ضد الإسلام ونبيه العظيم محمد صلى الله عليه وسلم، ويتباهي وزير داخليته بأن عصر ماكرون شهد أعلى معدل لغلق المساجد في فرنسا بدعوى الحرب على الإرهاب.
فى المقابل سيحصل السيسي على الدعم الفرنسي، وربما تفتح له باريس خزائنها لاعتقال المزيد من المصريين، ودعمه في مواصلة الحرب على التيار الإسلامى بصفة عامة وجماعة الإخوان المسلمين بصفة خاصة، وغض الطرف عن انتهاكاته لحقوق الإنسان، وهكذا يصبح السيسي وماكرون "يد واحدة تحارب الله ورسوله وكل من يرضى بالإسلام دينا".
كان عبد الفتاح السيسي قد وصل إلى باريس الأحد 6 ديسمبر 2020م في زيارة تستغرق ثلاثة أيام، يلتقى خلالها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. وقالت وكالة "فرانس برس"، إن الزيارة تهدف إلى تعزيز التعاون الفرنسي المصري في مواجهة الأزمات في الشرق الأوسط، دون تجاهل المسألة الحساسة لحقوق الإنسان. وأشارت إلى اللقاء الذي جمع السيسي وماكرون الاثنين 7 ديسمبر، بعد سنتين تقريبا على اجتماعهما على انفراد في القاهرة والذي كشف عن خلافات حول مسألة حقوق الإنسان ومزاعم السيسي أن حقوق الإنسان فى مصر تختلف عن آوروبا ومخاطبته لفرنسا والعالم كله قائلا : "لا تنسوا أننا في منطقة مضطربة" وفق زعمه.
عقوبة الإعدام
من جانبها، استبقت «منظمة العفو الدولية» زيارة السيسي إلى أوروبا بإصدار تقرير جديد يندّد بالتوسّع في عقوبة الإعدام. وقالت المنظمة، إن دولة العسكر نَفّذت أحكام إعدام في حق ما لا يقلّ عن 57 شخصاً خلال آخر شهرين، مقارنة بـ32 فقط خلال عام 2019م. وانتقدت ظروف محاكمات هؤلاء الذين تم إعدامهم، مشيرة إلى أن 15 منهم على الأقلّ صدرت بحقهم أحكام في قضايا تتعلّق بالعنف السياسي بعد محاكمات شابتها «اعترافات قسرية» و«انتهاكات تضمّنت تعذيباً واختفاء قسريا».
معا ضد تركيا
وكشف مصدر مسئول أن السيسي يُعوّل على زيارته لأوروبا، التي تأتي بعد زيارته اليونان بأسابيع، من أجل حشد موقف أوروبي موحّد ضدّ تركيا، إلى جانب التحرّك كطرف وسيط في عملية التسوية بين الفلسطينيين والإسرائيليين تحت عنوان أهمّية هذا التحرك في إيجاد «وضع مستقر في الشرق الأوسط» وفق مزاعم السيسي.
وقال المصدر الذى رفض الكشف عن هويته إن السيسي يعتقد أن آوروبا ستقف معه فى مواجهة ما يسميه بـ«التجاوزات التركية »، مؤكدا أنه حصل على دعم كبير في هذا الملف من الأمير المنشار محمد بن سلمان ولى العهد السعودي وعيال زايد فى الإمارات، وذلك عبر الاتصالات والترتيبات التي جرت في الأيام الماضية. وأشار إلى أن الجولة يجري الترتيب لها منذ وقت، وكان يفترض أن تكون مصاحبة لزيارة اليونان، لكن الأمور اللوجستية وبعض الاتفاقات التي جرت صياغتها لم تكن قد اكتملت، وهو ما فرض إرجاءها. وأكد المصدر أن السيسي قرر إخلاء المعتقلين من «المبادرة المصرية للحقوق الشخصية» قبل سفره بزعم أن هذه نقطة ستحسب له فى الملف الحقوقي وسجلّ عمل المنظّمات الحقوقية ومن خلالها يستطيع التغطية على ملف اعتقال أكثر من 60 ألف معتقل سياسي فى سجون العسكر.
ديكتاتور مجرم 

وقال أنطوان مادلين، مسؤول في الإتحاد الدولي لحقوق الإنسان، إننا مذهولون لرؤية فرنسا تمدّ البساط الأحمر لمجرم ديكتاتور، في حين أن هناك اليوم أكثر من 60 ألف معتقل رأي في مصر. وانتقد مادلين، فى تصريحات صحفية، استخدام السيسي لتشريعات مكافحة الإرهاب من أجل القضاء على العمل المشروع لحقوق الإنسان، وإلغاء أي معارضة سلمية.
وكشف أنه بعدما طلب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من السيسي -خلال زيارته إلى القاهرة في مطلع 2019- حماية حقوق الإنسان، حدث منذ ذلك الحين تصعيد في القمع أفضى إلى أخطر وضع في تاريخ مصر الحديث. وأعرب مادلين عن أسفه لأن محامين وصحفيين ومدافعين عن حقوق الإنسان يتعرضون لملاحقات ومضايقات وقمع من جانب ميلشيات السيسي. وطالب فرنسا بالانتقال من الأقوال إلى الأفعال فى تعاملها مع نظام السيسي، مشددا على ضرورة وقف صفقات بيع الأسلحة ومعدات المراقبة الإلكترونية من شركات فرنسية في الظروف الحالية، وإلا فستكون باريس متواطئة في القمع.
ملف الاعتقالات
ودق مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة ناقوس الخطر، منتقدا مواصلة نظام السيسي الاعتقالات والمحاولات الرامية لإرهاب المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان واستخدام تشريعات مكافحة الإرهاب والأمن القومي لإسكات المعارضة، وقال المفوض السامى، إن هذه الاعتقالات وسياسة القمع والكبت كان لها أثر مخيف وعميق على المجتمع المدني المصري الضعيف أصلا، مؤكدا أنه تم الكشف عن الطبيعة الانتقامية لهذه الاعتقالات وشجبها علنًا في مختلف أنحاء أوروبا والولايات المتحدة.