“إندبندنت”: العالم العربي يموج بثورات بحثا عن الحرية والتغيير

- ‎فيعربي ودولي

أكدت صحيفة "The Independent" البريطانية، في ذكرى مرور 10 سنوات على ثورات الربيع العربي التي بدأت بتونس ولحقتها مصر وليبيا واليمن سوريا، أنه حتى في ظل وجود جزء كبير من المنطقة في أعماق حقبة مضادة للربيع العربي حاليا، إلا أن المنطقة تموج بانتفاضات ستندلع من أجل الحرية والتغيير. واستدلت الصحيفة البريطانية بانتشار احتجاجات حاشدة في جميع أنحاء لبنان والعراق في أواخر عام 2019، وأوائل عام 2020، مع حشود تطالب بإزالة الطبقات الحاكمة بأكملها، وفي السودان، أجبر المتظاهرون عمر البشير على التنحي عن الحكم. مشيرة إلى أن هذه الثورات والانتفاضات تعلمت من درس 2011، فواصلوا احتجاجاتهم، في محاولة لطرد الجيش من السلطة أيضًا، وأنهم كانوا ناجحين جزئيا في ذلك فقط. وخلص تقرير للصحيفة بعنوان "الربيع العربي، عقد من الاضطرابات وفقدان الآمال" إلى أن تلك الثورات تشير إلى كيف أن طموحات الانتفاضات الأولية لا تزال تتردد في جميع أنحاء المنطقة، لكن في الوقت الحالي، يبدو حتى التغيير التدريجي بعيد المنال.
الطموح البعيد
وعن وجود هذا الطموح في مصر، قالت إن عبد الفتاح السيسي، غالبا ما يشير إلى الحطام المحيط بالمنطقة لتعزيز أحد مزاعمه الرئيسية للشرعية "أنا أو الفوضى". وأضافت أن السيسي تعلم الدرس –أيضا- من عام 2011، وهو أنه حتى أدنى انفتاح قد يعطي موطئ قدم للاضطرابات، وغالبًا ما يقول إن "الاستقرار مطلوب أثناء إعادة تشكيل الاقتصاد". وعلقت قائلة: "إنها حجة يتردد صداها بين العديد من المصريين، ولم تزعزعها الحروب في سوريا وليبيا فحسب، بل وأيضا الاضطرابات المصرية لسنوات بعد سقوط حسني مبارك". وأشار التقرير إلى أن النتيجة كانت قمع المعارضة إلى أبعد مما شوهد في عهد مبارك، وتضمن سحق الإخوان المسلمين، حيث شن السيسي هجومًا عنيفًا على اعتصام للإسلاميين خلف مئات القتلى. وعن شيوع الممارسات القمعية منذ انقلاب 3 يوليو 2013م، أوضح التقرير أنه في السنوات الأخيرة، اعتقلت حكومة السيسي نشطاء علمانيين وآخرين، وغالبًا ما تقدمهم لمحاكمة بتهم تتعلق بالإرهاب.
وبحسب التقرير، فإن حلم التغيير والحرية كان قصيرا جدا وفقا لــ بدر البنداري الذي أصيب بالعمى إثر مشاركته في ثورة 25 يناير 2011 في مصر، عندما أطلقت قوات الأمن النار على وجهه. حدث ذلك أثناء اشتباك أصبح رمزا بين "ثوار" مصر، عندما اشتبك المتظاهرون والشرطة على جسر فوق النيل في القاهرة لساعات، وانتهى بتشتت الشرطة. وأوضحت الصحيفة أنه يقيم حاليا، في الولايات المتحدة، ولا يستطيع العودة إلى المنزل، حيث يقبع العديد من رفاقه في الاحتجاجات في سجون مصر.
وعن حلم الثورة التي انطلقت من تونس في ديسمبر 2010، وانتشرت بسرعة من دولة إلى أخرى في ثورات ضد الحكام المستبدين منذ فترة طويلة. أصبح يعرف باسم الربيع العربي، ولكن بالنسبة لأولئك الذين نزلوا إلى الشوارع، كانت الدعوة "ثورة". وأضافت أن الانتفاضات كانت أكثر من مجرد إزاحة الحكام المستبدين، كانت في جوهرها مطلبًا جماهيريًا لتحسين الحكم والاقتصاد، وسيادة القانون، وحقوق أكبر، والأهم من ذلك كله، أن يكون لهم صوت في صناعة القرار في بلادهم.
حقيقة مؤلمة
وأضاف تقرير "الإندبندنت" أنه لفترة ما بعد عام 2011، بدا الاندفاع نحو تلك الأحلام لا رجوع فيه. الآن هم أبعد من أي وقت مضى عن هذه الأحلام. أولئك الذين يحافظون على الإيمان بالثورة مقتنعون بأن الشوق إلى الحرية كان حقيقيًا ولا يزال – أو حتى يتزايد بينما يكافح الناس في جميع أنحاء العالم العربي مع الاقتصادات المتدهورة والقمع الأشد. في النهاية، كما يقولون، سوف يظهر مرة أخرى. وأشارت إلى أن هذا التوق إلى الحرية يأتي في وقت تعاني فيه المنطقة من الصدمة والإرهاق من أكثر العقود تدميرا في العصر الحديث، وربما الأكثر تدميرا منذ قرون.
وأوضحت أنه في جميع أنحاء سوريا واليمن والعراق، فقد الملايين منازلهم في الحرب ويكافحون من أجل إيجاد سبل العيش أو تعليم أطفالهم أو حتى لإطعام أنفسهم. وانتشرت الفصائل المسلحة في تلك البلدان وفي ليبيا، وتجني الأموال وتجنيد الشباب الذين لا يجدون سوى القليل من الخيارات الأخرى. ارتفعت معدلات الفقر في جميع أنحاء المنطقة، خاصة مع جائحة فيروس كورونا.
ورغم إقرار التقرير بأن الليبراليين العلمانيين فشلوا في تكوين جبهة أو قيادة متماسكة، إلا أنه يزعم أن الإسلاميين وخصوصا الإخوان المسلمون، بالغوا في استخدام أيديهم، بينما كانت المنظمات العمالية، التي تم تحييدها لعقود من الحكم الاستبدادي، لم تستطع أن تتقدم كمحرك قوي أو قوة سياسية. ويعزو التقرير النجاح النسبي الذي تحقق في كل من تونس والسودان إلى وجود حركات عمالية ومهنية قوية.

وعن المشهد الدولي، أشار التقرير إلى أنه بدأ محرضا ضد الانتفاضات، وكانت ردود فعل الولايات المتحدة وأوروبا مشوشة بين خطابهما حول دعم الديمقراطية واهتمامهما بالاستقرار والمخاوف بشأن الإسلاميين. وفي النهاية، استمعوا إلى الأخير إلى حد كبير". وهو (الاستجابة للتخوفات بشأن الإسلاميين).
واضافت الإندبندنت أن الأولوية الرئيسية لأوروبا دوما، كانت وقف تدفق المهاجرين الأفارقة من ليبيا عبر البحر الأبيض المتوسط. لذلك أصبحت ليبيا طريقا مسدودا مروعا لآلاف الرجال والنساء الذين يحاولون الهجرة من وسط وشرق أفريقيا ليجدوا أنفسهم محبوسين ويعذبون من قبل رجال الميليشيات. وأبانت أن دول الخليج استخدمت الثروة النفطية لخنق أي مد ثوري ودعم القوى الرجعية. وأن روسيا وإيران وتركيا والإمارات العربية المتحدة تدخلوا في حروب المنطقة، إما بإرسال قواتها الخاصة أو بتسليح فصائل.