أبعاد زيارة وزراء يونانيين وصهاينة للقاهرة في ظل مؤشرات حول تقارب مصري تركي

- ‎فيأخبار

شهدت الساعات الماضية تطورات عدة على صعيد التوتر الدائر في منطقة شرق المتوسط؛ حيث رحبت تركيا بموقف النظام العسكري في مصر الذي عبر عن احترامه للجرف القاري التركي في البحر المتوسط، خلال توقيع القاهرة لاتفاق استكشاف كربوهيدرني بالبحر المتوسط مع إحدى الشركات العاملة في الطاقة؛ وهو ما قوبل بارتياح وامتنان مصري، شجع الإدارة التركية على الإعلان عن نيتها وطلبها توقيع اتفاق ترسيم حدود بحرية مع القاهرة وتنمية العلاقات المشتركة مع مصر، كونها قلب المنطقة العربية.
وعلى الفور وخلال ساعات أجرى وزير الخارجية اليوناني اتصالا بعبد الفتاح السيسي، زعيم الانقلاب العسكري، لاستيضاح الأمر، تلاه زيارة غير مدرجة أو معلن عنها سابقا للقاهرة، حيث التقى الوزير اليوناني المسئولين المصريين في محاولة لقطع الطريق على أي تقارب تركي مصري في شرق المتوسط.
ويوم الإثنين 8 مارس 2021م، أجري وزيرا خارجية مصر واليونان، في القاهرة، جولة من المباحثات الثنائية، حول قضايا شرقي المتوسط، والوضع في ليبيا، ومنتدى الصداقة. ووفق مصادر مطلعة؛ فإن وزير خارجية اليونان "نيكوس ديندياس" سيلتقي خلال زيارته لمصر عددا من كبار المسؤولين لبحث ملف علاقات التعاون بين البلدين، بحسب "د ب أ". كذلك سيلتقي "ديندياس" الذي وصل إلى القاهرة على رأس وفد دبلوماسي، مع نظيره المصري "سامح شكري" لبحث تعزيز العلاقات الثنائية، والتعاون في قطاع الطاقة.
والشهر الماضي، شاركت مصر واليونان إلى جانب قبرص التابعة لأثينا وفرنسا والبحرين والإمارات والسعودية والأردن، في "منتدى الصداقة"؛ بهدف تعزيز الروابط بين الدول المشاركة فيه، خاصة في مجالي الطاقة والأمن. والمنتدى هو الثاني من نوعه الذي يختص ببحث قضايا المتوسط، في محاولة لتكوين جبهة مناوئة للمصالح التركية في المنطقة، بعد تدشين منتدى غاز شرق المتوسط (مقره القاهرة)، العام الماضي، ويضم كلا من مصر، والإمارات، واليونان، وإيطاليا، والأردن، وقبرص اليونانية، وإسرائيل.
وفي إطار إسالة لعاب مصر لجذبها بعيدا عن تركيا -التي استمرت علاقاتهما الاقتصادية في التطور رغم القطيعة السياسية- قال سفير اليونان بالقاهرة "نيقولاوس جاريليديس"، إن الاستثمارات اليونانية في مصر تجاوزت 3 مليارات دولار، وهو ما يجعلها تحتل المركز الخامس بين دول الاتحاد الأوروبي التي تستثمر في مصر، ومن المتوقع زيادة حجم الاستثمارات إلى خمسة أضعاف.
وأضاف السفير اليوناني، خلال لقائه اللواء "محمد الشريف" محافظ الإسكندرية بحكومة الانقلاب، الأحد، أن اليونان تعطي أهمية لتوقيع اتفاقية لمنطقة اقتصادية بين اليونان ومصر، تعود بالخير والنفع على البلدين.

قلق يوناني
وقد أثار مراعاة مصر لحدود الجرف القاري لتركيا خلال طرحها مزايدة للتنقيب عن النفط والغاز شرق المتوسط، استياء كبيرا في وسائل إعلام يونانية. وتم تحديد حدود الرقعة "رقم 18" على الخريطة من قبل مصر، مع مراعاة حدود الجرف القاري الذي أبلغت عنه تركيا الأمم المتحدة. حسب وكالة الأناضول.
وقالت صحيفة "بروتو ثيما" اليونانية في خبر بعنوان "غدر من مصر"، إن القاهرة سمحت بالتنقيب عن موارد الهيدروكربون في رقعة تحدها المنطقة التي تعتبرها تركيا جرفها القاري. ولفتت إلى أن موقف مصر في هذا الخصوص، أدى إلى انزعاج أثينا، وأن وزير الخارجية اليوناني نيكوس دندياس، توجه إلى القاهرة على وجه السرعة، عقب مكالمة هاتفية أجراها مع السيسي. وزعمت أن هناك خلافا بين القاهرة وأثينا بشأن تحديد الشركة التي ستتولى التنقيب عن الهيدروكربون في المنطقة.
وتساءلت "هل سينجح وزير الخارجية (دندياس) في إيجاد صيغة لحل لهذه المشكلة التي يحاول (وزير الخارجية التركي) مولود تشاووش أوغلو الاستفادة منها وهو يشعر بالفرح بالاعتراف بحدود الجرف القاري لتركيا؟".
أما صحيفة "تانيا" فاستخدمت عنوان "اللعبة الخبيثة لمصر مع تركيا" في معرض تعلقيها على الموضوع. وأكدت أن ترخيص القاهرة للتنقيب في الرقعة المذكورة تسبب بقلق كبير لدى اليونان.وأشارت إلى أن أثينا تتابع عن كثب التصريحات بشأن تقارب محتمل بين مصر وتركيا.

تقارب محتمل 
أما موقع "energia.gr" اليوناني، فاعتبر أن قرار مصر بالترخيص للتنقيب في الرقعة رقم 18، في المنطقة البحرية التي حددتها أثينا والقاهرة كمنطقة اقتصادية خالصة "يخلق العديد من علامات الاستفهام". وأشارت إلى مراعاة مصر لحدود المنطقة التي أعلنتها تركيا جرفها القاري والتي زودت الأمم المتحدة بإحداثياتها.
والأربعاء، أكد وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، إمكانية التفاوض مع مصر بشأن مناطق الصلاحية البحرية وتوقيع اتفاق معها بهذا الخصوص.
جاء ذلك تعليقًا على طرح مصر مزايدة للتنقيب عن البترول والغاز بالبحر المتوسط في 18 فبراير الماضي. وأضاف تشاووش أوغلو: "تواصل مصر احترام جرفنا القاري، ونحن نرحب بذلك".
بدوره، أعلن متحدث الرئاسة التركية إبراهيم قالن، أن أنقرة "يمكنها فتح صفحة جديدة في علاقتها مع مصر وعدد من دول الخليج"، وذلك في مقابلة مع وكالة بلومبيرج الأمريكية، نشرت الإثنين. ووصف في حديثه مصر بـ"قلب العالم العربي"، لافتا إلى استمرار المباحثات بين البلدين في عدة قضايا، واستعداد أنقرة لترميم علاقتها مع القاهرة.
وجاءت تصريحات قالن، عقب إعلان تشاويش أوغلو في ديسمبر الماضي أن بلاده ومصر "تسعيان لتحديد خارطة طريق بشأن علاقاتهما الثنائية". وقال حينئذ إن التواصل مع مصر على الصعيد الاستخباراتي مستمر لتعزيز العلاقات، مشيرا أنه التقى نظيره المصري عام 2019 في اجتماعات دولية، وأنهما شددا على ضرورة العمل على خارطة طريق بشأن علاقات البلدين.
وانطلاقا من الموقف التركي الرافض للانقلابات باعتبارها خيارا غير ديمقراطي، عارضت أنقرة الإطاحة باالرئيس الشهيد محمد مرسي، أول رئيس مصري مدني منتخب عام 2013، ما أدى إلى تدهور العلاقات بين البلدين، لكن العلاقات التجارية والاقتصادية بينهما استمرت بشكل طبيعي.

دوافع مصرية
ولعل مجريات الأحداث المتسارعة في مصر ومنطقة الشرق المتوسط، يكشف سبب مصر نحو التقارب مع تركيا، حيث جرى حرمان مصر من قبل إسرائيل واليونان وقبرص من مد خط الأنابيب الجديد "إيست ميد" المخطط مده من "إسرائيل" إلى قبرص واليونان نحو أوروبا لنقل الغاز، بعيدا عن الأراضي المصرية، على الرغم من تقديم مصر مساحات شاسعة من حدود مياهها الاقتصادية إلى اليونان وقبرص وإسرائيل في عملية ترسيم الحدود البحرية، نكاية في تركيا، حيث تنازلت لإسرائيل عن حقول نفطية في المتوسط، وتنازلت عن نحو 11 كلم2 من حدودها لليونان، ونحو 42 كم2 لقبرص. ورغم ذلك تم الاتفاق من ورائها وحرمانها من عوائد اقتصادية متوقعة؛ وهو ما يفسر ترافق زيارة وزير الطاقة الإسرائيلي ووزير الاستخبارات الصهيوني أيضا، من أجل جر مصر بعيدا عن تركيا.