منذ رحيل الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب تزايدت الانتقادات الأمريكية لملف حقوق الإنسان بمصر، وسط تهديدات باتخاذ إحراءات تصعيدية ضد نظام الدكتاتور عبدالفتاح السيسي، حتى يذعن لإجراء تحسينات في ملف حقوق الإنسان، وهو ما تكذبه تطورات الأوضاع في مصر، حيث الانتهاكات متصاعدة وقتل السجناء بالتعذيب والجوع والمنع من الزيارة والدواء؛ وهو ما يكشف أن التصريحات الأمريكية المتواصلة ضد قمع واستبداد نظام السيسي مجرد ضجيج بلا طحين، قد يكون أحد أهدافها تحصيل المزيد من المصالح الأمريكية، فيما يتعلق بقناة السويس ومشتريات السلاح والعلاقات الاقتصادية.
قلق أمريكي
ويوم الخميس 11 مارس 2021م، أعرب المتحدث باسم الخارجية الأمريكية "نيد برايس"، عن قلق الولايات المتحدة حيال أوضاع حقوق الإنسان في مصر. وقال "برايس"، في إفادته الصحفية اليومية: "نشعر بقلق بالغ حيال أوضاع حقوق الإنسان في مصر وقمع حرية التعبير والمجتمع المدني"، مشيرا إلى أن الإدارة الأمريكية "ستثير هذه القضايا ضمنا وعلنا مع المسؤولين المصريين".
وأضاف أن "انتهاكات حقوق الإنسان وقمع المجتمع المدني يقوض ديناميكية واستقرار مصر" كشريك لبلاده. وفيما يتعلق بمبيعات الأسلحة إلى مصر، شدد متحدث الخارجية الأمريكية على أن الولايات المتحدة "يمكنها متابعة مصالحها والتمسك بقيمها"، واصفا مصر بأنها "دولة ذات مكانة هامة ورائدة في مسيرة السلام بالشرق الأوسط".
وكان وزير الخارجية الأمريكي "أنتوني بلينكن" قد ناقش هاتفيا مع سامح شكري، نهاية فبراير الماضي، أهمية التعاون الاستراتيجي، وتحديدا في مكافحة الإرهاب ومبادرات السلام الإقليمية، كما أثار مخاوف بلاده بشأن حقوق الإنسان في مصر. وذكر بيان للخارجية الأمريكية آنذاك أن "بلينكن" ناقش هاتفيا المخاوف بشأن حقوق الإنسان في مصر، مؤكدا أن هذا الملف سيكون محوريا في العلاقات بين واشنطن والقاهرة، كما عبر عن مخاوف واشنطن من احتمال شراء مصر مقاتلات "سوخوي-35" الروسية.
وكان الرئيس الأمريكي "جو بايدن" قد وصف عبدالفتاح السيسي، أثناء حملته الرئاسية، بأنه "ديكتاتور ترامب المفضل"، وقال إنه لن يسمح بإعطائه مزيدا من الشيكات على بياض، كما استنكر اعتقال ونفي وتعذيب ناشطين مصريين. ولم يمر على استلام "بايدن" للسلطة سوى شهر تقريبا، حتى وافقت إدارته على بيع معدات عسكرية إلى الجيش المصري، تقترب قيمتها من 200 مليون دولار؛ لكن الخارجية الأمريكية أكدت في الوقت نفسه أن الصفقة لا علاقة لها بالقلق حيال أوضاع حقوق الإنسان.
اعتقال الأقارب
وفي إطار الأكاذيب التي يستند اليها نظام السيسي في علاقاته مع الغرب، نفى مصدر أمني بحكومة السيسي وجود أي معتقلين بالسجون المصرية، وزعم أن جميع نزلاء السجون يخضعون لإجراءات قضائية. وزعم المصدر تعليقا على بيان وزارة الخارجية الأمريكية أنه "لم يتم القبض علي أي من أقارب الأمريكي محمد سلطان". وأكد المصدر "عدم إلقاء القبض على أي مواطن بدون إجراءات قانونية وإذن مسبق من النيابة العامة في حال ارتكابه أعمالا مجرمة وفقا لقانون العقوبات المصري"، وفقا لزعمه.
يأتي هذا في الوقت الذي ما زال يقبع في سجون السيسي أقارب الناشط محمد سلطان، وأقارب الإعلاميين معتز مطر ومحمد ناصر وحمزة زوبع وعبد الله الشريف وهشام عبدالله وشقيقة الوزير السابق الدكتور محمد محسوب، حيث يتخذ السيسي أقارب المعارضين بالخارج رهائن لدى نظامه، في انتهاك واضح لحقوق الإنسان ومبادئ القانون الدولي والمصري على حد سواء. والذي ينص على شخصية الجريمة وأيضا العقوبة.
ودهمت عناصر من الأمن الوطني الشهر الماضي، منازل أبناء عمومة وأعمام المدافع عن حقوق الإنسان محمد سلطان، وألقت القبض عليهم..وسبق أن اعتقل 5 من أقرباء "سلطان"، العام الماضي، رداً على قضية أقامها الأخير ضدّ رئيس الوزراء الأسبق "حازم الببلاوي"، بتهمة المسؤولية والإشراف على وقائع تعذيبه خلال فترة احتجازه عقب فضّ اعتصام رابعة العدوية في أغسطس 2013. واستمر احتجاز أقرباء "سلطان" لمدة 5 أشهر، حيث لم يفرج عنهم إلا في بداية نوفمبر الماضي، في خطوة ربطها مراقبون بفوز المرشّح الديمقراطي جو بايدن.
ودأبت سلطات الانقلاب العسكري على مدار أعوام على التنكيل بأسر المعارضين السياسيين المقيمين بالخارج من أجل تهديدهم وإجبارهم على السكوت، في ظلّ تصاعد حملات الاعتقالات العشوائية، وسياسة تكميم الأفواه التي تمارسها سلطات الانقلاب العسكري بمساعدة النيابة العامة والقضاء، حسب تقرير لـ"الشبكة المصرية لحقوق الإنسان"، الذي كشف أن أعضاء بالنيابة العامة يقوم أيضا بتعذيب المعتقلين السياسيين وليس ضباط وعناصر الشرطة فقط.