قال مراقبون إن الشعب في العادة هو من سيسدد فاتورة خسائر قناة السويس التي تكبدتها مصر بواقع 15 مليون دولار يوميا لمدة أسبوع كامل خلال تعطل الملاحة بالمجرى بسبب جنوح حاملة الحاويات العملاقة "إيفر جيفن"، وأنها ستخصم من دعمه التمويني وزيادة في الضرائب والرسوم على أبسط الأمور.
وأشار مراقبون إلى أن الدكتاتور عبدالفتاح السيسي، رئيس الانقلاب العسكري، منذ اليوم الأول كانت عينه على تعويض الخسائر والمطالبات التأمينية محاولا بكل السبل دفعها عنه حتى لا يتحمل ارتفاعات جديدة ضاغطة على الشعب المصري، وذلك اتضح بقوله إن "تعويض خسائر الحادث ليس مسؤولية مصر بل مسؤلية السفينة ومالكها؛ لأن الحادث يقع على عاتق قائد السفينة وليس مرشدي القناة" وهو نفس التصريح الذي صدر من اللواء أسامة ربيع رئيس الهيئة.
وجاءت آراء المراقبين بعد أن تزايد الحديث دوليا من خلال شركات التأمين العالمية عن مطالباتها العديدة من قبل شركات الشحن بتعويض الخسائر التي تكبدوها بعد توقف غير مسبوق في المجري الملاحي لقناة السويس، وهو ما يأتي في العادة من خلال دفعات التأمين التي تسددها الشركات بشكل سنوي أو بشكل مجزأ بحسب الرحلة البحرية.
عدد تزايد من الكوارث
ومن أبرز هذه التصريحات ما أدلى به جيمس فيكرز رئيس شركة ويليس ري Willis Re لإعادة التأمين، حيث رجح أن يؤدي تعطل الملاحة في قناة السويس جراء جنوح سفينة الحاويات البنمية إيفرجيفن، إلى مطالبات بالحصول على تعويضات ضخمة من شركات إعادة التأمين، مما سيزيد الضغوط التصاعدية على أسعار إعادة التأمين البحري.
وقال فيكرز، إن خسائر قطاع إعادة التأمين "لن تكون مبلغا هينا من المال"، مضيفا أن تعطل الملاحة في القناة كان الأحدث في عدد متزايد من الكوارث من صنع الإنسان، التي تسفر عن خسائر لإعادة التأمين، إضافة إلى قائمة من الكوارث الطبيعية حدثت خلال العام الماضي. ولفت فيكرز إلى أنه حتى قبل واقعة قناة السويس، لم تكن السوق البحرية "بحاجة لكثير من التشجيع لمواصلة التحرك في اتجاه تصاعدي".
ومن جهته، قال بروس كارنيجي براون، رئيس مجلس إدارة شركة لويدز لندن بلندن، إن توقف الملاحة في قناة السويس لمدة أسبوع تقريباً سيكبد الشركة خسائر كبيرة. وأضاف أن هذا حادث سيكبد خسارة لويدز نحو 100 مليون استرليني أو أكثر، مشيرا إلى أن “لويدز” قد تتحمل ما بين 5% – 10% من إجمالي طلبات تعويض إعادة التأمين. ويأتي ذلك في وقت سجلت فيه سوق التأمين خسائر 900 مليون جنيه إسترليني (1.2 مليار دولار) قبل حساب الضرائب في 2020 بسبب جائحة كورونا.
واستبعد خبراء التأمين تحديد تكلفة جنوح سفينة الحاويات البنمية إيفر جيفن في قناة السويس، خصوصا مع وجود إجراءات قضائية مرتقبة، للتحقيق في أسباب جنوح السفينة، والمتسبب في الخطأ.
تساعد شركات إعادة التأمين شركات التأمين على تغطية المطالبات في الوقائع الجسيمة مثل الأعاصير في مقابل جزء من قسط التأمين. وعادة ترفع شركات إعادة التأمين الأسعار بعد تكبدها خسائر كبيرة، وتفرض جائحة كوفيد-19 أيضا ضغوطا صعودية على أسعار إعادة التأمين على نطاق واسع.
ويختلف قطاع التأمين البحري عن غيره من القطاعات الأخرى، فهو يشمل تغطية الأضرار اللاحقة بالسفن والبضائع خلال عملية النقل من المصدر إلى الوجهة النهائية.
وتقول مصادر في القطاع إن عبء طلبات التعويضات التأمينية للسفن والشحنات التي تضررت يقع مبدئيا على الشركة المؤمنة على “إيفر جيفن” وهي “يو كيه بي آند آي كلوب”، لكن الأخيرة ستستعين أيضا بإعادة التأمين وجزء منه في سوق اللويدز. وقدر ملاك السفن ومستأجروها الذين لم يتمكنوا من الإبحار في قناة السويس لنحو أسبوع، خسائرهم المالية بنحو 24 مليون دولار، ولن يستطيعوا تعويضها لأن بوالص التأمين الخاصة بهم لا تغطيها، وفقا لما ذكرته مصادر لوكالة رويترز.
ومن جانبها، قدرت هيئة قناة السويس متوسط الخسائر والتلفيات الناجمة عن جنوح السفينة إيفر جيفن وإغلاقها للممر الملاحي بنحو مليار دولار. وقال رئيس شركة نكست NEXT البريطانية لبيع الملابس بالتجزئة، الخميس، إن تعطل قناة السويس في الآونة الأخيرة تسبب في تأخر وصول نحو 2%من مخزون الشركة.
بدأت هيئة قناة السويس المصرية تحقيقات رسمية، الأربعاء، في جنوح سفينة إيفر جيفن، وتعطيل حركة عبور السفن لنحو أسبوع. وكانت وكالة "Fitch" قالت إن إغلاق #قناة_السويس خسارة كبيرة حتى بالنسبة لشركات إعادة التأمين العالمية، وأن الإغلاق سيقلص أرباح شركات إعادة #التأمين العالمية لكنه لن يؤثر كثيرا على أوضاعها الائتمانية، وأن أسعار إعادة التأمين البحرية ستزيد بشكل أكبر نتيجة لجنوح سفينة الحاويات في القناة.
السيسي يبحث عن تعويضات
في السياق، كان رئيس هيئة قناة السويس بسلطة الانقلاب أسامة ربيع، قد ذكر يوم الأربعاء الماضي، أنه يقدر التعويضات التي من المرجح أن تحصل عليها مصر من الشركة المالكة لشركة "إيفرا ونيند" بأكثر من مليار دولار.
وقال رئيس اللجنة إنه سيتم بحث التعويضات بعد الانتهاء من التحقيقات فى الحادث. وقال ربيع في لقاء مع قناة "صدى البلد": "هذا حق الدولة إن شاء الله سنصل إلى مليار وأكثر بقليل [كتعويض]". وأشار ربيع إلى أن الأضرار تشمل وقف حركة الملاحة في قناة السويس التي تدر إيرادات يومية لمصر تقدر بـ 14 مليون دولار. وأضاف أن المجلس سيحسب تكاليف أعمال المعدات والأضرار وعمال القناة على مدى ستة أيام من أجل تعويم السفينة. وقال "هذا حق للبلاد، لن نضيع قرشا واحدا"، "تركنا القارب سليماً".
وقال ربيع إن التحقيقات في الحادث بدأت يوم الأربعاء من قبل لجنة مكونة من نحو ستة أفراد، معظمهم من هيئة قناة السويس، بالإضافة إلى مستشار من خارج البلاد سيهتم بتقدير قيمة التعويضات.
وشدد ربيع على أن السفينة لن تغادر مصر قبل انتهاء التحقيق، وأضاف أنه إذا وقعت الشركة المالكة للسفينة اتفاقية لدفع التعويضات فان الأمر ينتهى فى غضون يومين أو ثلاثة، وفي حال رفض الشركة القيام بذلك، فإن الأمر سيتحول إلى قضية مدنية أمام المحكمة. وتابع:"[السفينة] لديها بضائع بقيمة ثلاثة ونصف مليار دولار… أنقذناهم من أشياء كثيرة"، مع التأكيد على أن الشركة أظهرت تعاونها مع هيئة القناة خلال الأزمة وأرسلت شركة سميت الهولندية للمساعدة في تعويم السفينة.
ضعف البنية التحتية
في غضون ذلك، قالت مصادر صناعة النقل البحري لرويترز يوم الخميس إن على مصر التحرك بسرعة لتحديث بنيتها التحتية الفنية من أجل تجنب تعطل الشحن في المستقبل. وأضافت المصادر أن المعدات المتخصصة والإجراءات المرتبطة بها كافحت طويلاً لمواكبة الحجم المتزايد للسفن التجارية.
وقال بيتر تاونسند، وهو من قدامى المحاربين في صناعة التأمين البحرية إن " متوسط حجم معظم السفن قد زاد أضعافا مضاعفة على مدى السنوات ال 15 الماضية، ومصر لا تمتلك القدرة على إنقاذ هذه السفن الأكبر حتى الآن". وتابع: "القضية هي كيف يتم استخراج حاويات يصل ارتفاعها ٢٠ طابقا في البحر."
وقال مايكل كينجستون ، وهو متخصص فى الشحن الدولى ومستشار للمنظمة البحرية الدولية التابعة للأمم المتحدة ، إن الهيئة لم تتمكن من نقل الحاويات من السفينة بسبب نقص المعدات. وأضاف أن "الطريقة الواضحة لتخفيف السفينة (…) هو أن تفريغ الحاويات، لم يكن لديهم طريقة للقيام بذلك، لم تكن هناك معدات متاحة بسهولة".
https://www.middleeasteye.net/news/Egypt-suez-canal-blockage-over-1bn-compensation
(https://www.middleeasteye.net/news/Egypt-suez-canal-blockage-over-1bn-compensation)