“إسرائيل” تعبث بأمن المنطقة.. ماذا يحدث في تركيا والأردن؟

- ‎فيعربي ودولي

وضع الجيش الأردني ولي العهد السابق الأمير حمزة بن الحسين رهن الإقامة الجبرية وطالبه بالتوقف عن "تحركات ونشاطات توظف لاستهداف أمن الأردن واستقراره"، فيما أكد الأخير خضوعه للإقامة الجبرية. وقالت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية نقلا عن مصادر أردنية، إن الاعتقالات شملت حوالي عشرين مسؤولا، وأنها تمت على خلفية تورطهم في" خطة معقدة لتنفيذ انقلاب ضد الملك، شارك فيها مسؤولون، وانضم لها أحد الأمراء على الأقل".
اعتقالات وتحديد إقامة بالأردن

وأعلنت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية، السبت، اعتقال السلطات مجموعة من المسؤولين في مقدمتهم الشريف حسن بن زيد. وأوضحت أن من بين المعتقلين رئيس الديوان الملكي السابق باسم عوض الله، أحد المتهمين بقضايا فساد. وقالت إن اعتقالهم بالإضافة إلى آخرين جاء بعد "متابعة أمنية حثيثة"، فيما ذكرت صحف أردنية أن باسم عوض الله مُتهم بشراء أراض لصالح "إسرائيليين".
وباسم عوض الله هو وزير تخطيط سابق بالأردن، وتربطه علاقة مقربة بولي عهد السعودية محمد بن سلمان، إذ يشاع أنه أحد مخططي مشروع "نيوم"، كما ظهر عدة مرات إلى جانب الأمير السعودي. وكان عوض الله مبعوثا أردنيا إلى السعودية بشكل رسمي، قبل أن يقيله الملك في 2018م.
وبعد ساعات من تداول أنباء عن اعتقالات على وسائل التواصل الاجتماعي، أرسل محامي الأمير حمزة بيانا مصورا باللغة الإنجليزية لموقع "بي بي سي" البريطاني، أكد فيه أن الجيش طلب منه البقاء في البيت، ونفى فيه أن يكون متورطا بأي خطة لإثارة الأمن بالأردن، وقال إن السلطة هي المسؤولة عن وجود انتقاد لأدائها من قبل المواطنين. وأضاف: "أنا لست الشخص المسؤول عن انهيار الحكومة والفساد وعدم الكفاءة التي كانت سائدة في هيكلنا الحاكم منذ 15 إلى 20 عاما وتزداد سوءا.. ولست مسؤولا عن قلة إيمان الناس بمؤسساتهم".
وبحسب بيانات عشائرية فقد جرى اعتقال ياسر المجالي، مدير مكتب الأمير حمزة، والعقيد المتقاعد ياسر ريفان المجالي. وتداول ناشطون بيانا صادرا عن عشيرة "أبو حماد" في منطقة سحاب بالعاصمة عمّان، تفيد بأن الأجهزة الأمنية اعتقلت العقيد عدنان أبو حماد الذي عمل مديرا لقصر الأمير حمزة دون إيضاح الأسباب.
الصحفي "الإسرائيلي" باراك رافيد، قال في تغريدة عبر "تويتر" إن مسؤولين عسكريين أردنيين بعثوا لنظرائهم في تل أبيب رسالة اطمئنان حول الأحداث الحاصلة. وذكر أن المسؤولين الأردنيين أكدوا أنه بعد الاعتقالات التي جرت فإن "الوضع تحت السيطرة، ولا يوجد خطر على استقرار المملكة". إلا أن حكومة الاحتلال لم تصدر أي تعليق حول ما جرى.

خفافيش العسكر في تركيا
وفي تركيا، يتداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الإعلام بيانا قيل إنه صادر عن نحو 103 أميرال تركي متقاعد، حذروا فيه من المساس باتفاقية "مونترو" الدولية، المتعلقة بالملاحة في المضائق التركية، الموقعة عام 1936، وألمحوا فيه إلى الاعتراض على كل من مشروع "قناة إسطنبول"، ومساعي الرئيس رجب طيب أردوغان صياغة دستور جديد للبلاد قد تعصف بالأسس العلمانية التي كرسها مصطفى كمال أتاتورك.
وأثار البيان غضب مسؤولين في الحكومة التركية، وأضفى أجواء ارتياب بشأن عودة المؤشرات لتدخل عسكري في الشؤون السياسية، أو احتمال أن تشهد البلاد محاولة انقلابية جديدة، فيما فتحت أنقرة تحقيقا رسميا بحسب وسائل إعلام محلية.
وأعرب المتقاعدون العسكريون، في بيانهم الذي تناقلته وسائل إعلام محلية، عن قلقهم إزاء النقاش حول اتفاقية "مونترو"، التي تنظم العلاقة بين سيادة البلاد على مياهها، وحرية الملاحة بالنسبة للدول الأخرى.

واعتبر الموقعون على البيان أن النقاش في وسائل الإعلام وأروقة صنع القرار يأتي في ضوء مضي البلاد في تنفيذ مشروع "قناة إسطنبول" المائية، التي تهدف إلى توفير بديل ملاحي لمضيق البسفور، يصل بين البحرين الأسود ومرمرة. كما يأتي ذلك، بحسبهم، في وقت قامت فيه أنقرة بالفعل من الانسحاب من اتفاقية دولية، في إشارة إلى "اتفاقية إسطنبول" المعنية بوقف العنف ضد المرأة، والتي اعتبرت تركيا أنها لم تفلح بتحقيق ذلك.
ويدور نقاش من وقت لآخر في تركيا حول صلاحية بعض الاتفاقات والمعاهدات الدولية، التي تعود إلى السنوات الأولى لتأسيس الجمهورية، ولا سيما في سياق مشاريع طموحة تمس المضائق أو المساحات المائية. ولفت تقرير لموقع "تي24" إلى أن البيان يأتي بشكل خاص تعقيبا على إشارة رئيس البرلمان، مصطفى شنطوب، في تصريح صحفي، مؤخرا، إلى إمكانية مضي أنقرة بإلغاء "مونترو"، كما ألغت اتفاقية إسطنبول.
وقال بيان العسكريين المتقاعدين إن المضائق التركية هي من أهم الممرات المائية في العالم، مشددا على أن "مونترو" هي الكفيلة بضمان حقوق البلاد فيها بأفضل طريقة. وأضاف الموقعون أن مونترو هي الوثيقة الأساسية الضامنة لأمن البلدان المشاطئة للبحر الأسود، وهي "العقد الذي يجعل البحر الأسود بحر سلام"، ومكّنت البلاد من الحفاظ على حيادها خلال الحرب العالمية الثانية.
واعتبر البيان أن القوات المسلحة، وخاصة البحرية، تعرضت في السنوات الأخيرة لهجوم من قبل تنظيم "غولن"، وإلى "مؤامرات غادرة"، مشددا على ضرورة أن يكون الدرس المستفاد هو الحفاظ "بجد على القيم الأساسية للدستور التي لا يمكن تغييرها أو عرض تغييرها".كما زعم وجود "جهود" لحرف الجيش التركي عن "المسار المعاصر الذي رسمه (مصطفى كمال) أتاتورك"؛ مؤسس الجمهورية. ولفت تقرير "تي24"، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن الجزئية الأخيرة تخص تحديدا ظهور قائد عسكري رفيع في البحرية التركية، مؤخرا، مرتديا زيا صوفيا في "تكيّة"، ما أثار جدلا وغضب المتعصبين لـ"علمانية الجيش".
من جانبها فتحت النيابة التركية تحقيقات بشأن البيان من أجل التوصل إلى الجهة التي أصدرته وضباط المتورطين فيه. ورد مسؤولون أتراك بعنف على البيان، محذرين من أي محاولة لاستجلاب أجواء الانقلابات وسطوة العسكر على التوجهات الشعبية التي تعكسها المؤسسات السيادية المنتخبة ديمقراطيا. وعبر "تويتر"، شدد وزير الداخلية سليمان صويلو على تمجيد من يرتدون الزي العسكري في البلاد، بمن فيهم المتقاعدون، مستدركا بتحديد أولئك "الذين لا يستخدمون زيّهم أداة سياسية".
وبدوره، كتب فخر الدين ألطون، مخاطبا الموقعين على البيان: "من أنتم؟ وبأي حق تشيرون بأصابعكم للممثلين الشرعيين للإرادة الوطنية؟".
وأضاف ألطون، مدير الاتصال في الرئاسة التركية: "تركيا دولة قانون. لا تنسوا هذا أبدا. لن يضر (مدّعوا) الوصاية بديمقراطيتنا مرة أخرى. بيدق خاسر من القوى الأجنبية يزداد قوة لا يقطع جبهة تركيا!".
وبدوره، وصف فؤاد أوكتاي، نائب الرئيس التركي، من أصدروا البيان بأنهم "جبناء" و"عاشقون للانقلاب"، معتبرا أنهم لم يتمكنوا بعد من هضم الإرادة الشعبية.