د. رشاد لاشين يكتب: كيف نفوز بالرحمة في العشر الأوائل

- ‎فيمقالات

ديننا الرائع الجميل يربينا على أرقى الأخلاق التي تحقق الحياة الفاضلة، وعلى رأس الأخلاق التي تحتاجها المجتمعات ويحتاجها بنو البشر وحتى بني الحيوان لتحقيق العلاقات الطيبة والتعايش الجميل والتعاون الرائع: خلق الرحمة التي لولاها لما طابت لإنسان ولا حيوان حياة على وجه هذه البسيطة.

وخير الشهور رمضان المعظم الذي ارتضاه الله تعالى لخير أمة ثلثه الأول (رحمة)، كما أخبرنا رسول الرحمة- صلى الله عليه وسلم- الذي ابتعثه ربه جل وعلا للرحمة فقال فيه ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107)﴾ (الأنبياء).

قال عن رمضان "شهر أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار"، ونحن مقبلون بشوقٍ ولهفةٍ لاستثمار هذا الشهر العظيم يجب أن نخطط لكل عشرةِ أيامٍ بما يناسبها، فهيا بنا نسعى للفوز بالرحمة في العشر الأوائل:

– لنعش معًا عشرة أيام من التراحم والتواد والتواصل والرفق واللين مع أنفسنا ومع غيرنا وحتى مع الحيوانات.

وحتى ننال الرحمة يجب أن نعي الآتي:

"الراحمون يرحمهم الرحمن"، "مَن لا يرحم لا يُرحَم"، "إنما يرحم الله من عباده الرحماء".

– هيا نحرص على رحمة الآباء ﴿وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنْ الرَّحْمَةِ﴾ (الإسراء: 24).

– هيا نحرص على التراحم بين الزوجين ﴿وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾ (الروم: 131).

– هيا نحرص على رحمة الأبناء والصغار "ليس منَّا من لم يرحم صغيرنا".

– هيا نحرص على صلة الأرحام بالتزاور بالهاتف، وبتفقد الأحوال وحل المشكلات والإصلاح بين المتخاصمين؛ فالرحم معلقة بعرش الرحمن مَن وصلها وصله الله ومَن قطعها قطعه الله.

لمن تُكتب رحمة الله تعالى؟ ﴿ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ﴾ (الأعراف: 156).

مَن الذين سيرحمهم الله؟ ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمْ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ (التوبة: 71).

– اتباع القرآن والحرص عليه يجلب الرحمة: ﴿وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ (الأنعام: 55).

– الإحسان يجلب الرحمة: ﴿إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنْ الْمُحْسِنِينَ﴾ (الأعراف: 56).

هيا بنا نحسن في عبادتنا ونحسن في عملنا ونحسن في كلامنا ونحسن في معاملاتنا، هيا نحسن اختيار أعضاء البرلمان من الصالحين المحسنين حتى يرحمنا الله تعالى من الغلاء والتخلف والفساد والمفسدين، وينعم علينا بالرحمة والإصلاح والتقدم والفلاح.

– الإصلاح بين المسلمين يجلب الرحمة: ﴿فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ (الحجرات: 10).

– الرحمة بالعاصي وأخذ يده إلي الخير يجلب الرحمة: فأرشد غيرك إلى الخيرات وخذ بيد الناس إلى رحمة الله تعالى.

– وكذلك يجب أن تذكر الناس أنَّ أمتنا خير أمة: فهي أمة الرحمة ورسالتها رحمة للعالمين وأنَّ الرحمة خُلقنا في كل شيء حتى في الحرب، فهذا أبوبكر الصديق رضي الله عنه يُوصي جيشه: "لا تقتلوا امرأةً ولا شيخًا ولا طفلاً ولا تعقروا نخلاً ولا تقطعوا شجرة مثمرة..".

وهذا عمرو بن العاص يترك خيمته لحمامة باضت في أعلاها، وغير ذلك كثير شَهِدَ به القاصي والداني حتى قال جوستاف لوبون الفيلسوف الفرنسي "ما عرف التاريخُ فاتحًا أعدل ولا أرحم من العرب".

– ومن أهم وسائل جلب الرحمة أن نُقاوم أعداء الرحمة: الذين يهلكون الحرث والنسل ويشيعون في الأرض الفساد من الظالمين والطاغين الذين تسلطوا على الشعوب وكذلك اليهود والأمريكان والبريطان الذين ضربوا أبشع الأمثلة في الظلم والقهر والطغيان واستعباد الشعوب ونهب الثروات وأضاعوا كل معاني الرحمة والإنسانية.. ومقاومة هؤلاء والعمل على تطهير البلاد منهم من أوجب الواجبات لتحقيق معاني الرحمة لنا ولغيرنا من الشعوب.

فهيا أيها الرحماء نقاوم أعداء الرحمة بكل وسيلة:

– هيا ننتهز فرصة هذا الشهر المبارك فنكثف الدعاء والتضرع إلى الله تعالى أن يخلص البلاد والعباد من هؤلاء المجرمين وأن نتحرى أوقات إجابة الدعاء: عند الإفطار وفي وقت السحر وأثناء السجود.

– أن نجتهد في كفالة الأيتام والأرامل وضحايا الظلم الأسود الذي حل بوطننا الغالي .

– أن نقاطع بضائع من يؤيد الظلم وبضائع أعداء أمتنا فلا يجوز ولا يليق أن تنصرف أموالنا لصالح أعداء أمتنا وأعداء الإنسانية فهيا نقوم بحملات في رمضان لمقاطعة الكوكاكولا والبيبسى والإريال وكل بضائع وأدوية الأعداء.

– هيا نُحيي ذكرى الشهداء وضحايا المطالبة بالحرية ومقاومة الظلم والقهر .

– ومن وسائل جلب الرحمة أيضًا أن ننشر رُوح السلام والسلمية بتحية الإسلام: فما أعظمك يا أمتنا الحبيبة فتحيتك (سلام ورحمة وبركة) فنحن نقول كما علَّمنا رسولنا الحبيب- صلى الله عليه وسلم- "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وهذه السلمية نهج تربوي أصيل مهما أدعي المدعون وكذب الكاذبون المجرمون أعداء الإنسانية الذين ضربوا أبشع الأمثلة في الارهاب والإجرام وماتت الرحمة في قلوبهم .

وهكذا أيها الإخوة الأحباب يجب أن نحرص على تحقيقِ الرحمة بكل معانيها في هذا الشهر العظيم حتى نفوز برحمة ربنا تبارك وتعالى سائلاً المولى تبارك وتعالى أن يعيننا في هذا الشهر الكريم على تحقيق الرحمة فيما بيننا وأن يخلصنا من أعداء الرحمة اللهم آمين.