بالأرقام.. جرائم اليمين المتطرف الإرهابية تزيد بنسبة 250%

- ‎فيتقارير

انتهى مقال نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية إلى أن الجرائم الإرهابية التي ارتكبها مسلمون انخفضت بنسبة 59% منذ ذروتها في أعقاب إعلان تنظيم "داعش" سنة 2014م، بينما زاد خطر إرهاب اليمين المتطرف والذي زاد بنسبة 250% في نفس الفترة، وبات حاليا يمثل نحو 46% من الهجمات و82% من القتلى على يد عنصريين بيض ينتمون إلى اليمين المتطرف.
ويؤكد المقال الذي كتبه فريد زكريا في 29 إبريل 2021م أن معظم "التشدد الإسلامي" بات محليا اليوم – حركة طالبان في أفغانستان وبوكو حرام في نيجيريا والشباب في القرن الأفريقي. لافتا إلى أن ذلك يعتبر تراجعا كبيرا عن الأيام المجيدة للقاعدة التي أصر قادتها على عدم التركيز على "العدو القريب" (الأنظمة المحلية) بل وعلى "العدو البعيد" (الولايات المتحدة والغرب بشكل عام)، حيث تشرذمت القاعدة إلى حفنة من المليشيات الباحثة بيأس عن مكان وبدون قيادة مركزية أو أيديولوجية. وربما فعل تنظيم الدولة من ناحية الثروة المالية، أحسن من القاعدة لكنه يبحث أيضا عن مناطق غير مستقرة وخارجة عن الحكم مثل موزامبيق للعمل منها. ويؤكد الكاتب أنه رغم حدوث هجمات متفرقة كما في فرنسا إلا أن منفذيها أفراد لم يكونوا تحت رقابة الشرطة أو أعضاء في جماعات جهادية. وفي هذه الأيام، لدى أمريكا الكثير من البيض الذين يشعرون بالاغتراب من المسلمين، مما أدى لتغيير الإرهاب على التراب الأمريكي.
يعزو الكاتب أسباب صعود هذه التنظيمات المتشددة في العالم الإسلامي إلى السياق السلطوي الذي تعانيه الدول العربية على وجه الخصوص؛ حيث ازدهرت هذه التنظيمات خلال فترة السبعينات من القرن الماضي، حيث تجذرت في الفشل- فشل الأنظمة الملكية والديكتاتورية في العالم العربي لتطوير مجتمعاتها. وحث الإسلاميون أبناء مجتمعاتهم على التخلي عن الحداثة الغربية التي قادت إلى الفقر والطغيان وتبني فكرة الإسلام السياسي التي تقود في النهاية للدولة الإسلامية.
وبحسب الكاتب فإن أسامة بن لادن زعيم القاعدة وشريكه أيمن الظواهري حولا الإسلام السياسي إلى الإسلام المتشدد على اعتبار أنه الطريقة الوحيدة للإطاحة بالديكتاتوريات في العالم العربي وخارجه. ودعيا للإرهاب ضد هذه الأنظمة والقوى التي تدعمها، وبخاصة الولايات المتحدة. وأشار الكاتب إلى مقال نشره نادر هاشمي بمجلة الأديان ناقش فيه أن جاذبية الإسلام السياسي نبعت من حركات المعارضة غير المجربة والبديل الروحي للواقع الرديء الموجود في العالم الإسلامي.
ويشير الكاتب إلى أن الحركات الإسلامية دخلت العملية السياسية خلال العقد الماضية في مصر والعراق والسودان وتونس وغزة والأردن ومناطق أخرى، وأصبحنا اليوم نمر بالذكرى العاشرة للربيع العربي عندما حاول الملايين تغيير أنظمتهم بطريقة سلمية والمطالبة بالحرية وحقوق الإنسان. وهي نفس الحركة التي ظهرت مرة أخرى في السودان والجزائر والعراق ولبنان. ورغم محدودية النجاح إلا أنها تعطي صورة أن العرب والمسلمين يريدون الحرية والديمقراطية أكثر من الخلافة. ويختم "في الوقت الذي تطوف فيه الولايات المتحدة العالم بحثا عن أعداء جدد علينا التعرف على حجم أعدائنا من اليمين المتطرف والبحث عن طريق للهروب سريعا ولكن بدون خوف".
وكانت صحيفة "أيكونوميست" البريطانية قد نشرت تقريرا في مارس 2019م في أعقاب الهجوم الذي شنه المتطرف النيوزلندي الأبيض "برينتون تارانت" على أحد المساجد فقتل أكثر من 50 مسلما وأصاب العشرات وأكدت الصحيفة أن الإرهابي لم يبد أي رحمة لأنه لم ير ضحاياه بشرا كاملين، وعندما قتل 50 شخصا، لم ير أمهات وأزواجا ومهندسين وحراس أهداف، رأى فقط أعداء".
وتورد المجلة أنه بحسب بعض التقديرات، فإنه في الفترة بين عام 2009 و2018 قتل المتطرفون البيض أكثر من ثلاثة أرباع الـ313 شخصا الذين قتلهم متطرفون في أمريكا، بالإضافة إلى أنه تم اكتشاف شبكات يمينية متطرفة لها تطلعات عنيفة داخل الجيش الألماني.
ويفيد التقرير بأنه "ليس في الغرب قوميون بيض مقابل تنظيم الدولة، لكن هناك الكثير من العنصريين الغاضبين يمكنهم الوصول للبنادق، والأحداث الأخيرة أشعلت الفتيل، فمثلا خلقت أزمة اللاجئين السوريين صورا حية للمسلمين يدخلون أوروبا بأعداد كبيرة، ما أثار حفيظة العنصريين المنزعجين أصلا من أن غير البيض يفوقون البيض في الإنجاب، وأنهم في يوم من الأيام (سيحلون) محلهم في أرض أجدادهم".

وأمام هذه الحقائق تستنكر الإيكونوميست عدم وجود خبراء في الإرهاب اليميني المتطرف بوزارة الأمن القومي الأمريكي، لكن حتى مع توفر التمويل الكافي لن تكون المهمة سهلة، حيث يتظاهر الأشخاص الذي ينشرون المساجلات العنصرية عادة بأنهم يمزحون، والتعرف على القاتلين المحتملين من بين العدد الكبير من الذين ينشرون السموم أمر صعب، وكذلك تحديد الأشخاص الذين يحتاجون للخضوع لبرنامج ثني عن التطرف اليميني، ويمكن للجهاديين المحتملين أن يقنعهم إمام معتدل بخلاف ذلك، معتمدا على أدلة من النصوص التي يقدسها الطرفان، وهذه مسألة أصعب مع النازيين الجدد، لكن النبذ العام وتقديم الاستشارة بصبر قد يعطيان نتائج".