تحليل إسرائيلي لقدرات حماس القتالية: انشغلت بتطوير قوتها لتحقيق توان الرعب

- ‎فيتقارير

سلط تحليل أعده خبير عسكري إسرائيلي الضوء على حجم التطوير في القدرات القتالية لحركة المقاومة الفلسطينية حماس، لافتا إلى أن الحركة استغلت السنوات السبع الماضية بعد انتهاء حرب 2014م من أجل تطوير قدراتها العسكرية للمواجهة التالية التي اندلعت في 2021م. مؤكدا أن الحركة استهدفت تحقيق توازن الرعب مع الاحتلال.
بناء القوة

وبحسب أليئور ليفي في تحليله الذي نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية فإن "السنوات السبع التي أعقبت الحرب الثالثة على غزة، انشغلت حماس فيها بتكثيف وبناء قوتها لخلق توازن رعب ضد إسرائيل، وهدفها الإستراتيجي تحقيق ردع عسكري كبير تجاه إسرائيل، ما يضع أمام إسرائيل المزيد من القيود والتوازنات في التعامل مع الحركة التي تسيطر على قطاع غزة".
وأوضح أن "أداء حماس في الأيام الأخيرة كشف عن صورة المفاجآت التي تخطط لها في حملتها المقبلة، وهي ترى في هذه الإجراءات سلاحا استراتيجيا تحقق من خلاله صورة انتصار، لعل أهمها العمل تحت الأرض، حيث وجدت حماس طرقًا للتكيف مع الواقع الجديد الذي أكملت فيه إسرائيل الجدار تحت الأرضي، وتخطط لإخراج قوة كبيرة من الأنفاق قرب السياج، والتسلل إلى المستوطنات الإسرائيلية".
وبحسب الترجمة التي قام بها الباحث عدنان أبو عامر لصحيفة "عربي 21" فإن "هذه هي الطريقة التي لا تزال تعمل بها حماس رغم العائق تحت الأرضي، وفي الوقت نفسه، شملوا مجموعة من الأنفاق الداخلية داخل قطاع غزة لحشد القوات، مع التخطيط لممر آمن لكبار المسؤولين من مكان لآخر، والعمليات التكتيكية في حالة قيام الجيش الإسرائيلي بمناورة برية".
وأكد أن "حماس بذلت جهودا كبيرة لتحسين قدراتها البحرية، وتعلم أعضاء وحداتها الخاصة الغوص لمسافات طويلة في المركبات العاملة بالغواصات، وتتيح هذه الإجراءات لحماس القدرة على الغوص لمسافات طويلة في حالة وقوع غارة بحرية لمحاولة الالتفاف على أجهزة الاستشعار التي وضعها الجيش الإسرائيلي على الحدود البحرية، والوصول إلى وجهة أبعد من أقرب ساحل إسرائيلي حيث شاطئ زكيم".
وأوضح أن "حماس تحضرت في المعركة القادمة أن تستهدف منصات الغاز الإسرائيلية قبالة السهل الساحلي الجنوبي، وقد تهدف حماس إلى القيام بذلك من خلال إطلاق صاروخ شاطئ على منصات الحفر من قلب قطاع غزة". مضيفا أن "حماس أدخلت الطائرات المسيرة التي تم استخدامها مؤخرا كأداة جوية هجومية، لأنه في عقيدتها القتالية تسعى حماس جاهدة لاستخدام العديد من الطائرات الانتحارية في وقت واحد ضد أهداف إسرائيلية، فيما يسود اعتقاد بأن حماس تدربت على إطلاق طائرات منخفضة الارتفاع أيضا".
وأوضح أنه "في الماضي، حاولت حماس تشكيل وحدة مقاتلين يستخدمون الطائرات الشراعية لتنفيذ غارات جوية داخل إسرائيل، ومن غير المعروف ما إذا كانت هذه الوحدة لا تزال موجودة"، لافتا إلى أن "حماس حسنت صواريخها بالاعتماد على الخبرات الإيرانية والسورية، حيث ذهب عناصرها إلى الخارج للتدريب، وأقاموا نظامًا للبحث والتطوير لتحسين الإنتاج الذاتي من الصواريخ، وتم إجراء التحسينات من خلال زيادة المتفجرات، وتحسين دقتها، وزيادة أعداد الصواريخ، وخلق جيل محسن من النماذج الحالية".
وختم بالقول إن "حماس أنشأت وحدات سيبرانية تحاول انتزاع المعلومات من الجنود الإسرائيليين عن طريق اختراق الهواتف، والتنصت على شبكات اتصالات الجيش الإسرائيلي، وقد أقامت حماس مجموعات لمهاجمة أهداف إسرائيلية على الإنترنت".

مكاسب بالجملة للمقاومة
وبحسب الكاتب الصحفي ياسر أبو هلالة فإن من دروس الحروب السابقة، أن "حماس" تعود أقوى عسكريا، وتضاعف ترسانتها كمّا ونوعا. وهي حققت، في هذه الحرب، بمعزل عن موعد نهايتها، أرباحا استراتيجية، تهون أمامها أي تضحيات، وأبرزها:
أولا، أعادت القضية الفلسطينية إلى مسارها الصحيح، فهي ليست صراعا على مغانم السلطة بين رام الله وغزة. هي صراع مع الاحتلال، جوهره القدس، وهو صراعٌ ظهر بأجمل تجلياته عالميا قبيل الحرب، عندما هيمنت صور الفلسطيني الجميل في القدس على الفضاء الرقمي، مدنيون عزَّل يتحلّون بالعزيمة والشجاعة في مواجهة قوةٍ همجية. العالم كله ضجَّ بالبث المباشر للمشاهير، وصور لا تنتهي على مدار الساعة، قوامها جيلٌ فتيٌّ يبرع في استخدام المنصات الرقمية، وتحدّى هيمنة اللوبيات الصهيونية فيها، وطوّعها لنصرة القدس في تضامن عالمي نادر وغير مسبوق، وصل إلى أجيال ظلت بعيدة عن القدس والسياسة عموما.
وينقل أبو هلالة عن ناشطة سعودية تدرس الدكتوراه في بريطانيا، وتدخل في سجالات مع الصهاينة في غرف "لكلوب هاوس"، كيف اشتكى صهاينة بريطانيون من أن أولادهم لا يستطيعون نشر صور على "أنستغرام" تتضامن مع إسرائيل، خشية توبيخ أقرانهم لهم… اضطرّت منصة إنستغرام للتراجع عن حذف حسابات، والتضييق على حملات التضامن بعد التصدّي لها… هذه الحرب الناعمة اندرجت فيها "حماس" بأكثر الحروب خشونة في تاريخ الصراع.
ثانيا، حجم القوة الصاروخية الذي أذهل الجميع. وحسب ما وصف مراسل الإذاعة العسكرية الإسرائيلية، الهجوم الصاروخي الذي زاد على ألفي صاروخ في يومين هو الأكبر في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، ونجح في كسر القبة الحديدية والضرب في قلب القدس وتل أبيب، مُحدثا مشاهد لم يسبق للعالم والعرب والإسرائيليين رؤيتها. ذلك أظهر أن المقاومة لا تتحلى بالشجاعة والتضحية فقط، بل هي تتمتع بذكاء خارق، وإبداع فاجأ العالم، فتجهيز الصواريخ النوعية والمسيَّرات مهماتٌ تنوء بها دولٌ غنية، فكيف بجيبٍ محاصر؟ تأثر الردع وتوازن الرعب لا يقل أهمية عن رفع الحالة المعنوية للأمة كلها، وليس لفلسطين وحدها.
ثالثا، فلسطين واحدة، ليس في غزة ورام الله. كانت القدس العنوان الذي التقى عنده الجميع، ودخل فلسطينيو 48 بقوة من اليوم الأول للمواجهة. ولم يكن فلسطينو الشتات بعيدين عمَّا يجري، وكان دورهم فاعلا حيثما حلوا في ديار العرب والغرب. هذه الوحدة الفلسطينية ميدانيا تحتاج مأسسة وقيادة ترقى إلى مستواها.
رابعا، الانخراط العربي غير مسبوق، وهو ما أسقط اتفاقات التطبيع. ومن يتابع منصّات التواصل يلاحظ مدى انشغال العرب بقضيتهم الأولى، وخصوصا الأجيال الشابة. تصدّرت الوسوم المتضامنة مع فلسطين الترند في السعودية ومصر والأردن والكويت، والعالم العربي عموما، وساندتها تظاهرات ميدانية حيثما سمحت السلطات.
هذا الكسب الاستراتيجي ليس لحركة حماس ولا لغزة، هو لكل فلسطين التي تستحق الخسائر في الأرواح والبنية التحتية من أجلها. لكنها ليست تضحياتٍ تختص بها غزة. يبقى السؤال: أين الضفة؟ عندما تحضر السلطة تغيب فلسطين؟ مؤسفٌ موقفها، وخصوصا في اعتقال منفذ عملية زعترة، رجل الأعمال الأربعيني وحامل الجنسية الأميركية يضحي بكل شيء، وجواسيس التنسيق الأمني يقدّمون كل شيء لاعتقاله وترويع أسرته، إنه المشهد القبيح في اللوحة الرائعة. .. المأمول أن تكتمل اللوحة بالضفة.