شهودها ما زالوا أحياء.. “مذبحة ليمان طره 1957”.. أول مجازر العسكر بسجون مصر

- ‎فيلن ننسى

في 23 سبتمبر الماضي تمت تصفية 4 شبان بسجن ليمان طره، بعد مزاعم قتلهم ضابطا بالسجن وتبعتها حملة لإعدام المعتقلين في 5 أكتوبر من 2020، أبرزهم ياسر شكر وياسر الأباصيري، وقالت مصادر من مشرحة زينهم إن عدد الجثث المستلمة من وزارة الداخلية بلغ 35 جثة. مجمل قصة التصفية المريبة التي ما زالت علامات الاستفهام تدل عليها، ذكرت بذكرى مذبحة ليمان طره 1957، في عهد جمال  عبد الناصر، والذي ذبح في يوم واحد 34 معتقلا بسجونه في 1 يونيو من ذلك العام.

شاهد حي

وتحت عنوان "مذبحة ليمان طره: أولى كبريات مذابح عسكر مصر"، استعرضت منصة "المجلس الثوري المصري" ما كتبه فاروق مساهل أحد شهود عيان "مذبحة 57 " بسجن ليمان طره. واعتبر "مساهل" أنها "أول مذبحة كبيرة يرتكبها الكيان العسكري في مصر ضد المسالمين العزّل من أفراد الشعب المصري".

وكشف أنه "في أول يونيو ١٩٥٧م ارتكب العسكر أول مذبحة كبيرة ضد مساجين الإخوان في ليمان  طره.. هؤلاء كانوا يقضون أحكاما ظالمة، وصار لهم عدة سنوات عندهم في الحبس، وبالتالي فهم مسالمون تماما، كل يوم يخرجون للجبل سواء برد ومطر أو شمس وحر يقطعون في الجبال ويسوون الحجر وينقلونه على ظهورهم في أماكن التجميع لتبيعه مصلحة السجون للمقاولين والعمولة تذهب لضباط السجون.. وبدون أدنى مخالفة لقوانين أو لوائح  السجون كانت لهم مطالب وسلموها مكتوبة لإدارة الليمان، وطلبوا مقابلة النيابة وانتظروا في الزنازين لحين المقابلة، لكن مدير الليمان رفض طلبهم، واتصل بوزير الداخلية زكريا محيى الدين الذي اتصل بعبدالناصر، فكان ردّه "أن يقوموا باللازم"، وبدلا من حضور النيابة توجهت إليهم سريّة من الجنود المسلحين، وأطلقت النار على المحبوسين العزّل والمجردين إلا من ملابس السجن فقتلت ٢١ وأصابت مثلهم ..". وأكد فاروق مساهل أن جهاز الداخية لا يزال يتكتم "على هذه المذبحة ولم يحدث أي تحقيق فيها منذ وقوعها"!

واضاف مساهل أن "عبدالناصر يمثل الشخص المريض في "أتمّ" صورة؛ فكان مصابا بمرض ضيق الشرايين الذي أودى به لاحقا ومعه مرض العظمة الذي جعل منه قاتلا ساديا يجد في تعذيب البشر وإراقة دمائهم مسكّنا لأعصابه الشاذة التالفة، وهذا الخليط المرضي دفعه لإلقاء الجيش المصري في أتون ثلاث حروب (٥٦ وحرب اليمن و٦٧) وضمّ إليهم مذبحة جزيرة أبا بالسودان هلك فيهم الآلاف من المدنيين والعسكريين إرضاء لنفسه المريضة الشريرة".

وعن وراثة القتل، أشار إلى أن مذابح الشعب المصري تواصلت "في عهد مبارك الطويل الممل الذي أنهاه بقتل أكثر من ألف مصري ليخلفه حكم عسكري انقلابي غير إنساني أعمل في المصريين قتلا وتنكيلا في مذابح متتالية متنوعة دون توقف أو رادع".

https://facebook.com/1449375258671340/posts/2954244991517685/?d=n

أقسمت أن أروي

«أقسمت أن أروي» هو عنوان الكتاب الذي أصدره الكاتب اللبناني المسيحي"روكس معكرون" الذي شهد مذبحة ليمان طره في يونيو 1957م، ورأى بعينه ما جرى وسجله في كتابه.

وفي صدر الكتاب كتب "معكرون" إهداء:

إلى أرواح الشهداء ..

إلى الشباب النضر كزهور الربيع ..

إلى الإيمان المجرد كأنه جوهر الحق

إلى التضحية الصادقة بالدم والروح

إلى الوطنية وإلي الإخلاص

إلي شباب مصر شهداء مذبحة ليمان طره ..

إلي أصدقائي: على حمزة .. إبراهيم قعوار .. خيري .. وبقية الأصدقاء الشهداء .. لقد عشت معكم أياما وليالي.. وأنا مسيحي وأنتم مسلمون.. وما شعرت معكم بغير الألفة والود والمحبة والإقدام المتبادل.. وما لمست فيكم غير أيمانكم بدينكم.. وإيمانكم بوطنكم وإيمانكم بإنسانيتكم.. وهو منتهى المعرفة.

ويضيف: «.. لقد عشت معكم صديقا، نأكل ونشرب كأس السجن والعذاب معا.. جمعتني وكثير منكم رابطة الألفة والصداقة ومشاركة العمر والثقافة والميول فكنتم لي أخوة في المحنة.. وكنت لكم أخا.. وشهدت الكارثة الرهيبة، ورأيت أخوتي يسقطون صرعى.. ورصاص الطغاة الآثمين يسلبكم الحياة.. بعد أن فشلت كل أساليب الغادرين، أن تسلبكم الإيمان.. وأقسمت أن أروي للتاريخ مأساتكم الهائلة .. إلى الرأي العالمي.

شهادة صحفي

الكاتب الصحفي الراحل جابر رزق، أحد أعمدة الصحافة الإسلامية، قال إن مذبحة الإخوان المسلمين في ليمان طره ستبقى مجهولة لدى الشعب المصري حتى يهيئ الله المناخ السياسي المناسب الذي تعرض فيه إلى أمام القضاء ليصدر فيها حكمه العادل ضد الطاغية السفاح جمال عبد الناصر والمجرمين من أزلام نظامه الذين نفذوا المذبحة وارتكبوا أبشع جرائم العصر… والله غالب على أمره.. ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

وفي كتابه "مذبحة الإخوان في ليمان طره"، قال إن أجهزة جمال عبد الناصر أقامتها في أول يونيو1957 داخل ليمان طره فأطلق الرصاص على الإخوان داخل الزنازين؛ فاستشهد واحد وعشرون أخا وجرح اثنان وعشرون… وفقد البعض عقولهم .. وبقيت أسرار "المذبحة" إلى ما بعد وفاة جمال عبد الناصر لم يسمع الشعب شيئا عنها.. وبعد صدور دستور سنة 1971 وتشكيل جهاز تحقيقات قضايا التعذيب تقدم عدد من أبناء الشهداء ببلاغات إلى النائب العام يطالبون بالتحقيق في المذبحة، ولكن للأسف هناك من يقول إن الجريمة سقطت بالتقادم فقد مضى عليها أكثر من عشرين عاما".