“المونيتور”: الجبهة الشعبية للحفاظ على نهر النيل تحرج حكومة المنقلب

- ‎فيتقارير

نشرت صحيفة المونيتور تقريرا سلطت خلاله الضوء على إنشاء القوى الوطنية والأحزاب اليسارية في مصر جبهة جديدة تهدف إلى زيادة الوعي الشعبي والضغط على إثيوبيا في أزمة سد النهضة المثير للجدل على نهر النيل.

وبحسب التقرير، الذي ترجمته "بوابة الحرية والعدالة"، أعلنت القوى الوطنية المصرية وعدد من الشخصيات والأحزاب مؤخرا عن تأسيس الجبهة الشعبية للحفاظ على نهر النيل، وهي حملة تهدف إلى دفع الشعب وحكومة الانقلاب للمشاركة في الدفاع عن حق البلاد في المياه وإحباط المخاطر الناشئة عن سد النهضة الإثيوبي الكبير المقرر أن يتم ملؤه ثانية في موسم الأمطار المقبل في شهري يوليو وأغسطس المقبلين.

وفي بيانها الافتتاحي في الأول من يونيو، قالت الجبهة الشعبية :"إن أزمة سد النهضة تتطلب تعبئة وطنية عامة لإحباط المخاطر الناشئة عن السد"، مضيفة أن "الشعب حزب أصيل ويجب أن يكون على دراية بكل ما يجري، وبدلا من أن يكون [الناس] متفرجين على قضية مصيرية، يجب أن يكونوا شريكا نشطا في دعم جميع الجهود الرامية إلى الدفاع عن الحقوق الوطنية".

الضغط على إثيوبيا

ودعت الجبهة الشعبية إلى ممارسة الضغط على إثيوبيا لتوقيع اتفاق مُلزم بشأن ملء وتشغيل السد، فضلا عن اتفاق بعدم إقامة أي مشاريع مستقبلية دون موافقة دول المصب، وهي مصر والسودان، كما شددت الجبهة الشعبية على تجريم بيع أو توصيل المياه خارج حدود دول النيل، وتحديدا إلى إسرائيل.

ويأتي تشكيل الجبهة الشعبية للحفاظ على نهر النيل وسط توقف مفاوضات سد النهضة في ضوء إصرار إثيوبيا على المضي قدما في الملء الثاني دون اتفاق مع بلدي المصب، ورفضها لكافة المقترحات الفنية بشأن قواعد ملء وتشغيل السد التي قدمتها القاهرة خلال جولات التفاوض السابقة أو تلك التي اقترحها الوسطاء الدوليون، ومن ناحية أخرى ، كثفت سلطات الانقلاب جهودها الدبلوماسية لإقناع إثيوبيا بتوقيع اتفاقية ملزمة تتعهد فيها بعدم الإضرار بحصة القاهرة من مياه نهر النيل .

وقال مدحت الزاهد:رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي الذي انضم إلى الحملة، ل"المونيتور" عن المسار القانوني الذي ستتخذه الحملة من خلال التواصل مع الجاليات المصرية في الخارج لحثها على رفع دعاوى قضائية ضد الشركات المشاركة في بناء سد النهضة، وتابع زاهد "أن الجبهة الشعبية ستدعو المصريين في الخارج إلى مطالبة البرلمانات الأجنبية بالضغط على حكوماتها لإدانة أعمال الحكومة الإثيوبية وتعنتها الشديد ضد مصالح مصر في مياه النيل، أو وقف المساعدات للحكومة الإثيوبية بالكامل".

وأضاف الزاهد أن الجبهة الشعبية ستعمل على توجيه الرأي العام الإثيوبي والأفريقي وتوضيح أن مصر دولة تدعم السلام ولا تقف ضد تقدم إثيوبيا وشعبها، ولكن بشرط مراعاة مصالح مصر وحقوقها التاريخية في مياه النيل.

وتضم الجبهة الشعبية للحفاظ على نهر النيل أحزابا وشخصياتٍ يسارية وناصرية التوجه، وهي الحزب الاشتراكي المصري، وحزب التحالف الشعبي الاشتراكي، والحزب الشيوعي المصري، وحزب الخبز والحرية، وحزب الكرامة، وحزب المحافظين، والحزب الناصري الديمقراطي العربي، بالإضافة إلى المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي وعضو البرلمان ضياء الدين داود والمخرج السينمائي المعروف خالد يوسف ووزير القوى العاملة السابق كمال أبو عيطة.

هجوم الأذرع الإعلامية

كما تضم الحملة مجموعة من الكُتاب والصحفيين المعارضين لحكومة الانقلاب، وهو ما أثار جدلا، حيث اعتبرت وسائل الإعلام الموالية للنظام تشكيل الجبهة الشعبية مخالفا للمسار الرسمي للحكومة.

وفي هذا السياق، انتقد نشأت الديهي، مقدم البرامج في قناة TeN TV، الجبهة الشعبية، قائلا:"إن محاولات الضغط التي تمارسها غير مجدية وأن الضغط الشعبي على قضية سد النهضة لم يعد قابلا للتطبيق"، وقال الديهي: في برنامجه "إن مصر بحاجة إلى التضامن الشعبي بدلا من البحث عن بطولة زائفة واختلافات فكرية".

من جانبه، قال الزاهد:"إن دور الجبهة الشعبية مكمل لدور حكومة السيسي، حيث إن المجتمع المدني والأحزاب – بالإضافة إلى كونها جزءا من الدولة – يمكن أن تلعب أدوارا مُعِينَة لا تستطيع الدولة القيام بها، مؤكدا أن خطاب المجتمع المدني الذي يخاطب الأحزاب الإثيوبية والجمهور قد يكون له تأثير أكبر في بعض المجالات".

وأشار إلى أن الجبهة الشعبية تدعم حكومة السيسي في كل اتجاه يحمي مصالح مصر في مياه النيل، لكنها أيضا "لا تواجه أي مشكلة في الضغط على صناع القرار لاتخاذ قرارات تحمي مصالحنا".

واعترف الزاهد بأن تشكيل الجبهة الشعبية طال انتظاره، لكن الأحزاب المدنية تصالحت مع هذا الوضع ووجهت رسائل بجميع اللغات إلى الأحزاب اليسارية في إثيوبيا والعالم، محذرة من السياسات الإثيوبية في المنطقة.

اعتراف السيسي بالسد

وكانت مصر قد وقعت إعلان المبادئ مع إثيوبيا والسودان في مارس 2015. وشكل الاتفاق اعترافا مصريا رسميا ببناء مشروع سد النهضة، شريطة أن تلتزم الدول الثلاث بمبادئ التعاون القائم على التفاهم المتبادل، وتحقيق الاحتياجات المائية لكل طرف، وعدم التسبب في إلحاق الضرر بأي شخص.

بيْد أن البلدان الثلاثة واجهت نزاعات، كان آخرها إصرار الإثيوبيين على الملء الثاني للسد، وفي الوقت نفسه، فشلت الجولة الأخيرة من المفاوضات التي عقدت في أبريل بين مصر وإثيوبيا والسودان في العاصمة الكونغولية كينشاسا في التوصل إلى اتفاق بشأن آلية ملء وتشغيل السد.

وبالتالي، أحالت سلطات الانقلاب ملف سد النهضة إلى مجلس الأمن الدولي وطالبته بالتدخل كما أبرمت القاهرة اتفاقيات عسكرية مع الدول المجاورة لإثيوبيا من أجل عزلها.

وقال النائب السابق في برلمان السيسي وعضو الجبهة الشعبية، هيثم الحريري لـ "المونيتور"، :"إن الحملة تهدف إلى دعم صناع القرار في مصر ولكن الضغط في الوقت نفسه لأن الوضع مُزرٍ"، وقال :"إن مصر أهدرت 10 سنوات في مفاوضات غير مجدية مع إثيوبيا ووقعت اتفاقية لا تحمي حقوقها، ويُعتقد أن الخطوات الجادة التي اتخذتها مصر مؤخرا قد فات أوانها.

أسلوب مختلف

وأشار إلى أن الجهود التي بذلتها حكومة السيسي مؤخرا، مثل اللجوء إلى مجلس الأمن والمناطق المحيطة بإثيوبيا من جميع الأطراف، كان ينبغي متابعتها خلال السنوات الماضية، بيد أن الوضع الحالى يتطلب من الجبهة الشعبية معالجة قضية سد النهضة باستخدام أسلوب مختلف لأنها قضية حساسة .

من جانبه، قال طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، لـ"المونيتور" :"إن وجود الجبهة الشعبية للحفاظ على نهر النيل ليس مهما سياسيا أو شعبيا لأن المرحلة الحالية تتطلب إجراءات رسمية مباشرة، وليس مبادرات شعبية أو دبلوماسية".

وقال فهمي: إن الجبهة الشعبية لن تتمكن من تحقيق أي شيء لأن وقت تشكيل الجبهات قد انتهى، وقال إن هذه الجبهة لن تحقق أي نتائج إيجابية، وطرحها في هذا الوقت يعطل موقف الدولة.

https://www.al-monitor.com/originals/2021/06/new-front-protect-nile-river-raises-controversy-egypt