بعد تفريطه في مياه النيل.. المنقلب يستجدي الصين للتدخل في أزمة سد النهضة

- ‎فيأخبار

أجرى وزير الخارجية في حكومة الانقلاب سامح شكري اتصالا هاتفيا في 25 يونيو مع نظيره الصيني وانغ يي، يُطْلِع فيه الأخير على آخر تطورات أزمة سد النهضة الإثيوبي، وفقا لموقع "المونيتور". وصدر بيان لخارجية الانقلاب في اليوم نفسه، قالت فيه إن: "المكالمة بين الدبلوماسيين الكبيرين تضمنت "محادثة طويلة ومتعمقة بشأن السد على جميع المستويات".

وجاءت مشاركة الصين في قضية السد في أعقاب رسالة شكري في 12 يونيو التي وجهها إلى رئيس مجلس الأمن الدولي، والتي اعترض فيها على إعلان إثيوبيا أنها ستبدأ ملء السد خلال موسم الفيضانات في يوليو.

وفي كلمة ألقاها في 31 مايو خلال ندوة افتراضية عقدتها السفارة الصينية في القاهرة بمناسبة الذكرى الرابعة والستين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين القاهرة وبكين، ناشد عمر صميدة، رئيس حزب المؤتمر ورئيس الكتلة البرلمانية للحزب في مجلس الشيوخ، الصين إلى "ممارسة المزيد من الضغط الدبلوماسي على الحكومة الإثيوبية في محاولة لتجنيب المنطقة بأسرها أي خطر من عدم الاستقرار، وتوقيع اتفاقية ملزمة قانونا مع دول المصب، أي السودان ومصر".

وقال علي الحفني، السفير المصري السابق في بكين، لـ"المونيتور": "الصين عضو دائم في مجلس الأمن الدولي، ومن الطبيعي أن تنسق مصر معها وتوضح موقف القاهرة من أزمة السد، كما أكدت مصر أنها تواصل السعي للتوصل إلى اتفاق قانوني ملزم ومتوازن يحقق مصالح الأطراف الثلاثة".

الصين يمكنها التدخل

وأضاف: "يمكن للصين أن تلعب دورا جيدا في إقناع إثيوبيا بالتخلي عن مواقفها المتعنتة وإظهار مرونة أكبر في محادثات سد النهضة مع السودان ومصر تحت رعاية الاتحاد الإفريقي، في إطار علاقات بكين ومصالحها الرئيسية مع أديس أبابا"، وقال إن : "الصين تُعد أحد أكبر المساهمين في مشروعات التنمية والاستثمار في إثيوبيا".

وقال حفني إن "القاهرة تأمل في أن تلعب بكين دورا في المفاوضات المُتوقع عقدها خلال الفترة المقبلة في مجلس الأمن لمناقشة السد، في محاولة لدفع إثيوبيا لتوقيع اتفاق ينظم عملية ملء وتشغيل السد بطريقة تطمئن البلدين في المصب فيما يتعلق بمصالحهما المستقبلية في نهر النيل".

وقال إن "القاهرة تقيم علاقات قوية مع بكين تطورت بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة، وتشترك الدولتان في شبكة من المصالح المشتركة، وهو ما ينعكس في عدد المشاريع المشتركة التي تنفذها الشركات الصينية في مصر، فضلا عن أن السوق الصينية منفتحة على الصادرات المصرية والعكس بالعكس، وهو أمر ازداد في السنوات القليلة الماضية".

وقال السفير الصيني لدى القاهرة لياو لي تشيانغ في مؤتمر صحفي عُقد يوم 27 مايو إن: "الصين كانت الشريك التجاري الرئيسي لمصر للعام الثامن على التوالي، وتجاوزت التجارة بين البلدين 14.5 مليار دولار في عام 2020".

وأضاف لي تشيانغ أن "حجم الاستثمارات الجديدة من العام الماضي بلغ 190 مليون دولار، ليصل الإجمالي إلى أكثر من 1.2 مليار دولار".

وقالت نادية حلمي، أستاذة العلوم السياسية في جامعة بني سويف في مصر، وخبيرة الشؤون الصينية والآسيوية، لـ "المونيتور":  "الأطراف الثلاثة في أزمة السد هي حلفاء للصين، وهذا من شأنه أن يسمح لبكين باستخدام نفوذها الاقتصادي والدبلوماسي للمساعدة في إيجاد حل لقضية سد النهضة وتخفيف التوترات التي ظلت مرتفعة لعدة سنوات حتى الآن، فضلا عن لعب دور رئيسي في المحادثات بوساطة الاتحاد الأفريقي".

وأضافت أن: "بكين لديها بالفعل عدة أوراق ضغط على أديس أبابا لإقناعها بالتوصل إلى اتفاق مع مصر والسودان، وإن الصين لديها عدة مشروعات ضخمة في إثيوبيا وقد منحت بالفعل قروضا لأديس أبابا لبناء السد".

تأثير صعب للصين

ووفقا لتقرير نشرته صحيفة "آسيا تايمز" الصينية في 19 يناير، فإن: "بكين لها حصة كبيرة في المشروع من خلال تمديد تسهيلات ائتمانية بقيمة 1.2 مليار دولار لتمويل خطوط نقل السد، وهو جزء من نحو 16 مليار دولار من القروض الصينية لإثيوبيا".

غير أن نادية حلمي قالت إن "الصين قلقة من التدخل في الأزمة كما أنها تمتلك استثمارات في البلدان الثلاثة المعنية، كما لم يطلب أي طرف رسميا من بكين التوسط". ورأى السودان أن وساطة الاتحاد الإفريقي لم تسفر عن أي نتائج مما دفع الخرطوم إلى البحث عن مزيد من الوسطاء إلا أنه لم يُشر إلى الصين".

والأهم من ذلك، وفقا لحلمي، تعتقد الصين أن استثماراتها في البلدان الثلاثة يمكن أن تتعرض للخطر إذا تصاعدت الأمور إلى صراع مسلح، وهو أمر يمكن أن يعوق هذه البلدان عن الوفاء بالتزاماتها المالية تجاه بكين".

وقال أيمن سمير، خبير العلاقات الدولية العامل مع صحيفة الأهرام، لـ"المونيتور" عبر مكالمة هاتفية: "مصر تعتمد على أدوار القوى الكبرى مثل الصين، التي لديها العديد من الاستثمارات الكبيرة في إثيوبيا ولديها علاقات جيدة مع رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد، لإقناع أديس أبابا بالتمسك بالمفاوضات واحترام القانون الدولي باعتباره السبيل الوحيد للتوصل إلى حل مُرضٍ لجميع الأطراف المعنية".

إلا أنه قال: "سيكون من الصعب على الصين التأثير على موقف إثيوبيا أو دفعها إلى إبداء مرونة أكبر في المحادثات، إن المواجهة بين أديس أبابا والقاهرة مستمرة منذ 10 سنوات، وحتى الآن، لم نرَ بكين تبذل جهدا واضحا لجمع وجهات النظر معا".

وقال: "في رأيي أن الولايات المتحدة هي الطرف الوحيد الذي يمكن أن يحقق اختراقا في الأزمة".

وأضاف سمير أن "الصين قد تعتقد أن طرح مبادرة تهدف إلى حل الأزمة، يمكن أن يقوض سياستها في اتخاذ نفس الموقف تجاه جميع الأطراف المعنية أو يهدد استثماراتها، ولهذا السبب، أعتقد أن الصين لا تزال تنأى بنفسها عن الأزمة".

https://www.al-monitor.com/originals/2021/07/china-ready-intervene-nile-dam-crisis