بدعوى السياحة والاستثمار.. الصهاينة يغزون سيناء تحت أعين العسكر

- ‎فيتقارير

بعد 42 سنة من اتفاقية كامب ديفيد (26 مارس 1979م)، انتهى الأمر بأن تصبح سيناء مرتعا للصهاينة تحت حماية قوات الجيش والشرطة المصرية، في الوقت الذي يجد فيه المصريون صعوبة شديدة في دخول سيناء وقد يتم تصنيفهم باعتبارهم إرهابيين، أما أهالي سيناء فإنهم في عرف النظام العسكري في مصر مشتبه بهم إلى أن يثبت العكس.

وكانت سفارة الاحتلال بالقاهرة كشفت في منشور على صفحتها على مواقع التواصل الاجتماعي أن "نحو 70 ألف إسرائيلي قد وفدوا إلى سيناء بكل سهولة ويسر للاستمتاع بشواطئها الخلابة والاستضافة الرائعة".

هذه السهولة في  دخول الصهاينة يقابلها تعنت كبير في دخول المصريين إلى سيناء حيث يواجهون تشديدا من سلطات العسكر ويخضعون إلى فحص أمني على المعابر المؤدية إلى المواقع السياحية، خصوصا تلك التي يسلكها الزوار الأجانب، بينما هناك لائحة بأماكن سياحية تحظر وجود المصريين بالكامل في فترات محددة من السنة تشهد تزايد السياح الأجانب والإسرائيليين. وتخضع هذه المناطق لإجراءات أمن مشددة وبالغة التعقيد، حرصاً على عدم تعرض السياح خصوصا الصهاينة إلى أي اعتداء مهما كان نوعه وحجمه، ما يشجعهم على زيارة هذه المناطق بسبب المعاملة الجيدة التي يلقونها فيها.

وبحسب أحد العاملين في القطاع السياحي بجنوب سيناء فإن هذا الموسم شهد إقبال السياح الإسرائيليين على الحضور إلى مناطق سيناء، والتجول فيها والاستجمام على الشواطئ المتنوعة في الجنوب تحديدا، في وقت أحيطوا بحراسة أمنية علنية ومخفيّة. وجرى تخصيص فنادق ومقاه ومطاعم للسياح الإسرائيليين وبعض الأجانب، مع حظر وجود المصريين دخولها في الوقت ذاته، وهذا أمر مطبق خلال الموسم الحالي، في وقت يحاول مسؤولو المرافق السياحية استقطاب الوفود السياحية الإسرائيلية طمعاً بالمردود المالي الجيد الذي يوفره حضورهم، وللإفادة من الاهتمام الأمني والحكومي بالأماكن التي يقصدها هؤلاء السياح".

ومنذ عام 2017 فرضت سلطات الانقلاب في مصر قيودا بالغة التعقيد على دخول المصريين إلى شبه جزيرة سيناء بشقيها شمال وجنوب سيناء، والتي تتضمن إجراءات أمنية للمارين من خلال نفق أحمد حمدي الذي يمر تحت قناة السويس، أهمها أنه لن يسمح للمصريين بالسفر برا إلى محافظتي شمال وجنوب سيناء من خلال النفق إلا إذا كان المسافرون يحملون بطاقات هوية صادرة من سيناء أو كان المسافر يعمل لدى جهات حكومية وخاصة في المحافظتين ومعه ما يثبت ذلك، أما في ما يتعلق بسفر السياح فإنه يجب إبراز عقد تملك أو إيجار عقار ما أو حجز فندقي.

ورغم أن تل أبيب أعادت في مارس  الماضي فتح معبر طابا الحدودي البري مع مصر أمام سفر السياح وعودتهم، لكنها لا تزال تحظر حركة النقل الجوي إلى شرم الشيخ، علماً أن وسائل إعلام إسرائيلية كانت أشارت إلى أن جولة محادثات أجريت بين الوفد الأمني الإسرائيلي والمسؤولين المصريين في يونيو الماضي شهدت صعوبات بين ممثلي الطرفين في الاتفاق على تدابير إعادة تشغيل الرحلات الجوية. وأوردت هيئة الإذاعة الإسرائيلية أن القاهرة رفضت طلب إسرائيل نشر عناصر أمن إسرائيليين مسلحين في الأراضي المصرية من أجل تأمين أفواج السياح، إذ تريد إسرائيل أن يرافق عناصر أمنها الرحلات الجوية الإسرائيلية إلى منتجع شرم الشيخ الذي أوقفت إسرائيل الرحلات الجوية إليه عام 2015، بسبب الأوضاع الأمنية في شبه جزيرة سيناء، وسقوط طائرة روسية.

 

استثمارات إسرائيلية

وفي مارس 2021م، أجرى وفد إسرائيلي رفيع المستوى زيارة اقتصادية وسياسية لشرم الشيخ ، وهي الزيارة التي أُحيطت بتكتُّم مصري شديد وترحيب إسرائيلي بـ«عودة المباحثات المشتركة المعلنة بين البلدين إلى سيناء للمرّة الأولى بعد سقوط حكم محمد حسني مبارك»، وبتمثيل هو الأضخم لرجال الأعمال الإسرائيليين منذ بداية الألفية الثالثة تقريبا. وتخلّلت الزيارة مناقشاتٌ حول موضوعات عدّة، بينها التمهيد لزيارة رئيس حكومة العدو، بنيامين نتنياهو، للقاهرة، المفترض أن تكون قريبة. واستقبل نائب رئيس المخابرات العامة المصرية، اللواء ناصر فهمي، وزير المخابرات الإسرائيلية، إيلي كوهين، إلى جانب عشرات من رجال الأعمال والاقتصاديين الإسرائيليين الذين تناقشوا في فرص الاستثمار في سيناء التي تتيحها الحكومة المصرية، إضافة إلى تفاصيل مشروعات محتمل تنفيذها بالتعاون بين البلدين في إطار اتفاقية «كامب ديفيد»، وهو ما يتّسق مع وصف كوهين للزيارة بـ«التاريخية» وبأنها «تعمل على تحويل العلاقات إلى سلام دافئ».

وقد شارك عشرون رجل أعمال إسرائيليا في البحث في تعميق الاستثمارات الإسرائيلية في مصر والتنسيق للعمل مع شركات مصرية، سواء مباشرة أو ضمن تحالفات دولية، لكن الأهمّ كان التصريح المصري الرسمي عبر اللواء فهمي الذي أكد «البحث في سبل التعاون المشترك في جميع المجالات»، علما بأنه لم يسبق لمسؤول مصري الحديث بهذه اللهجة منذ مدّة طويلة. لكن بخلاف المناقشات الاقتصادية التي رحّبت بأموال الإسرائيليين في سيناء، كان المطلب المصري الرئيسي والعاجل الإسراع في رفع شرم الشيخ من وجهات السفر المحظورة على السيّاح الإسرائيليين، وهي الخطوة التي تهدف بها مصر إلى إنعاش الحركة السياحية في المدينة التي يدخلها الإسرائيليون من دون تأشيرة أو موافقة مسبقة بموجب اتفاقية «كامب ديفيد».

وتضمنت هذه اللقاءات التعاون الاقتصادي وحركة السياحة والتنسيق الأمني، لكن الخفيّ كثير، وخاصة أن الاجتماعات تأتي بعدما أبدت حكومة السيسي اعتراضا على الإسراع في التطبيع بين إسرائيل والإمارات وتبادل الاستثمارات، لتَظهر الآن وهي تحاول أن تكون شريكة في هذه الاستثمارات، ولا سيما في مجالات النقل البحري. وفي شأن المسألة الأمنية، تركّزت النقاشات المصرية ــــ الإسرائيلية على تعزيز الإجراءات على الشريط الحدودي ولا سيما من ناحية قطاع غزة، والمراقبة البحرية المصرية لبحر القطاع، والتأكُّد من انتهاء عمليات التهريب للأسلحة عبر الأنفاق، التي يظنّ الإسرائيليون أنها مصدر السلاح الرئيسي الذي يصل إلى حركة «حماس» في السنوات الأخيرة.