كشف رئيس الكونجرس اليهودي العالمي رولان لاودر أن دعم اليهود في الولايات المتحدة الأمريكية لإسرائيل في حالة تراجع، محذرا من خسارة إسرائيل دعم اليهود في العالم بسبب السياسات التي تتبناها الحكومات الإسرائيلية تحت وطأة تأثير القوى الدينية واليمينية.
واعترف رئيس الكونجرس اليهودي العالمي في مقال له نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية أن قطاعات كبيرة من اليهود في الولايات المتحدة باتت تتبنى مواقف معادية لإسرائيل والصهيونية، لافتاً إلى أن ما يفاقم خطورة التحولات التي طرأت على اتجاهات مواقف اليهود في الولايات المتحدة، تحديداً من إسرائيل، حقيقة أنها تزامنت مع تعاظم التوجهات "التقدمية" هناك.
واستدل رئيس الكونجرس اليهودي العالمي على صحة ما ذهب إليه بنتائج استطلاع للرأس العام أجرى مؤخرا كشف أن 34 بالمائة من الأميركيين يرون أن إسرائيل تتبنى سياسات عنصرية تجاه الفلسطينيين، في حين قال 25 بالمائة منهم إن إسرائيل دولة "فصل عنصري" (أبارتهايد). وأضاف أن هذه المعطيات تدلّ على أن نسبة تتراوح بين ربع وثلث الأميركيين يرون في إسرائيل "كياناً غير شرعي"، مشيراً إلى أن الكثير من الشباب الأميركي لا يرفض المستوطنات والاحتلال فقط، بل يرفض حق إسرائيل في الوجود. بحسب ترجمة الباحث والمحلل السياسي الدكتور صالح النعامي.
أسباب تراجع الدعم لإسرئيل
ويعزو رئيس الكونجرس اليهودي إلى تراجع دعم يهود أمريكا لإسرائيل إلى أن الأغلبية الساحقة من هؤلاء اليهود لا ينتمون إلى التيار الأرثوذكسي المتشدد، وهم يرون أن إسرائيل تتبنى مواقف عدائية إزاء معتقداتهم وقيمهم وأنماط حياتهم الشخصية. ويحذر من أن الشباب اليهودي في العالم لم يعد قادراً على التضامن مع إسرائيل بسبب سياساتها في الضفة الغربية وبسبب طابعها الديني. وحسب لاودر، فإن أحد أهم أسباب القطيعة بين اليهود وإسرائيل تتمثل في خضوع الحكومات في تل أبيب لتأثير الأحزاب الدينية الأرثوذكسية المتشددة (الحريدية)، وهذا ما دفع هذه الحكومات إلى عدم الاستثمار في تعزيز العلاقة مع يهود العالم، الذين معظمهم ينتمون إلى التيار الليبرالي.
ويعزو رئيس الكونجرس اليهودي أسباب ذلك إلى ثلاثة تحولات كبرى وصفها بالتحولات التدميرية، هي التي أسهمت في هذ التراجع:
أولا، بروز التيار "التقدمي" الذي لم يعد يتماثل مع القيم والمواقف التي يعبر عنها الحزب الديمقراطي تجاه إسرائيل، فضلاً عن أن هذا التيار "لم يعد يرى في اليهود جزءاً من تحالف الأقليات، بل مركباً من الأغلبية البيضاء ذات الامتيازات"، في وقت ينظر إلى إسرائيل على أنها دولة "عنيفة، عنصرية، وكولونيالية".
ثانيا، التحول الثاني يتمثل في التغييرات التي طرأت على مواقف يهود العالم من إسرائيل، مشيراً إلى أن الجيل الذي كان ينتمي إليه والده كان يرى في إسرائيل "كياناً مقدساً يتوجب عمل كل شيء من أجل الحفاظ على مصالحه، في حين أن الأمر مختلف تماماً عندما يتعلق الأمر بالجيل الذي يمثله أولادي وأحفادي". ويعزو تهاوي العلاقة بين الشباب اليهودي في أرجاء العالم وإسرائيل إلى ضعف الاهتمام بالثقافة اليهودية، "وخفوت تأثير ذكرى الكارثة وخيبة الأمل من طابع تعاطي إسرائيل مع الجاليات اليهودية"، مشيراً إلى أن هذا الواقع أفضى إلى تراجع الالتزام بإسرائيل ومصالحها لدى هؤلاء اليهود.
ثالثا، ويؤكد أن التحول الثالث يتمثل في السياسات المتشددة التي تتبناها إسرائيل تجاه الفلسطينيين، وإصرارها على مواصلة الاحتلال وبناء المستوطنات.
ويحذر لاودر من أن ما تشهده الجامعات الأمريكية ومواقع التواصل والجدل بين التجمعات اليهودية في أرجاء العالم، يمثل تهديداً للمشروع الصهيوني. ويستدل على ذلك بشابة يهودية أمريكية دعيت أخيراً إلى حفل عشاء شبابي في حي "بروكلين"، حيث طلب منها المغادرة بعدما رفضت المواقف "المعادية" لإسرائيل التي عبّر عنها الشباب، الذين كان نصفهم من اليهود وبعدما أكدت أنها صهيونية. وحث لادور كلاً من رئيس الوزراء نفتالي بينت ووزير الخارجية يئير لبيد إلى التدخل لإنقاذ العلاقة بين إسرائيل ويهود العالم. ولفت إلى أن استمرار الواقع الحالي يهدّد مستقبل الشراكة بين الولايات المتحدة وإسرائيل التي تُعدّ أمراً حيوياً لتل أبيب.