لماذا غابت حقوق الإنسان في درعا؟

- ‎فيمقالات

في الوقت الذي يتعالى فيه الصراخ، وتُنْصب البكائيات، بثًا وحزنًا على حقوق الإنسان في أفغانستان بعد الانسحاب الأمريكي الذى استمر لعقدين من الزمان عاث الأمريكان خلالها فسادًا ودمروا البنية الأخلاقية للمجتمع من خلال نشر الرذائل وزراعة المخدرات وسلخ المرأة من دينها وحجابها وغير ذلك من أساليبهم المعروفة .

والحقيقة أن الغرب المنافق عندما يتحدث عن حقوق الإنسان فإنه لا يقصد سوى حقوق الإنسان الغربي، أما الشعوب المقهورة فهي لاتعدو كونَها عبيدا وخدما للإنسان الغربي .
فقد دعا الأمين العام للأمم المتحدة جميع الأطراف في أفغانستان  _بما في ذلك طالبان _ إلى الالتزام بحماية المدنيين، ودعم حقوق الإنسان، واحترام القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان .
أما المتحدث باسم مفوضية حقوق الإنسان "روبرت كولفيل" فقد تحدث عن  تقارير مروعة تفيد بحدوث انتهاكات لحقوق الإنسان، وانتقد كذلك القيود المفروضة على حقوق الأفراد، وخاصة النساء والفتيات في بعض أنحاء البلاد التي سيطرت عليها طالبان خلال الأسابيع القليلة الماضية . 
كما دعت "لجنة الأمم المتحدة المعنيّة بالقضاء على التمييز ضد المرأة ولجنة الأمم المتّحدة المعنية بحقوق الطفل" طالبان إلى الوفاء بتعهدها بحماية النساء والفتيات الأفغانيات واحترام وإعمال حقوق الإنسان المنصوص عليها في اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة واتفاقية حقوق الطفل .
والسؤال لهؤلاء: أين كانت حقوق الإنسان فى ظل الاحتلال الأمريكي؟ وهل حقوق الإنسان هي العري وزراعة المخدرات ومشاهدة الأفلام الإباحية وهدم الإسرة وتدمير قيم وثوابت الدين؟؟؟ . 
ولاشك أن الجميع شاهد الممارسات الديمقراطية الأمريكية وحقوق الإنسان الأمريكية في أفغانستان خلال عقدين كاملين !!! من خلال قصف المدارس ودور تعليم القرآن الكريم وزراعة المخدرات فى الوقت الذى لم تبنِ فيه مصنعًا واحدًا، ولا مشروعات صغيرة يتعايش منها الفقراء . 
وقد لخص بايدن ذلك من خلال خطاب الهزيمة الذى أعلنه  بعد الانسحاب من أفغانستان بأن الأمريكيين "غير ملزمين ببناء دولة للأفغان … وإن أرادوا فعليهم أن يفعلوا ذلك بأنفسهم" . 
وفي ظل هذا الحديث المتكرر _ من الغرب والشرق _عن الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان العالمية .. فإننا نرى أماكن دُمرت فيها هذه الحقوق .
وعلى سبيل المثال لا الحصر،  هناك  منطقة منكوبة إسمها " درعا" بسوريا ُتحاصرها ميليشيات نظام طائفي حاقد بمعاونة الجيش الروسي والإيراني .
 الناس فى درعا يبحثون عن الأمان المفقود؛ ومع ذلك لم نسمع صراخا ولا نحيبًا ولم تسكب دموع التماسيح من أجل أهل درعا؛  لأن حقوق الإنسان ليست لدرعا ولكنها فقط لنساء أفغانستان !! .
درعا مدينة تقع ضمن المنطقة الجنوبية من سورية التى تخضع لتسوية خاصة مع المحتل الروسي ضمن اتفاقيات خفض التصعيد التي أبرمت عام 2018 مع كل من الولايات المتحدة الأمريكية والأردن ، وبموجب هذا الاتفاق تعهدت الأطراف بإبعاد الميليشيات الإيرانية وميليشيات حزب الله اللبنانية عن الحدود الجنوبية مع الأردن ، والحدود الغربية مع هضبة الجولان المحتلة لمسافة 80 كيلو متراً .
لكن للأسف الأمم المتحدة وأمينها العام خفتت أصواتهم وانتهى قلقهم وكأن درعا تقع ضمن الكوكب الأحمر!! . 
ميليشيات النظام الطائفي لم تتوقف عن قصف المدينة كعقاب جماعي للسكان لاستمرارهم فى التظاهر احتجاجًا ضد نظام بشار ، فضلاً عن عزوفهم عن المشاركة في مهزلة الانتخابات الرئاسية التي جرت مؤخرًا .
وقد قام النظام بفرض حصار خانق على المدينة مع استمرار عمليات القصف بالمدفعية الثقلية في الوقت الذي تتواصل فيه الوساطات الروسية  مع قوى المعارضة لوقف إطلاق النار والتوصل لتسوية سلمية ، وعندما أعلنت لجنة التفاوض التى تمثل وجهاء المدينة عدم موافقتها على المقترح الروسي بشكل نهائي ، قامت ملشيات النظام الطائفي والفرقة الرابعة المحاصرة للمدينة بقصفها بالمدفعية والأسلحة الثقيلة . 
ومع كل هذه الجرائم التى يقترفها النظام بحق السكان والتي ترتقي إلى الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية.. لم نر أي تحرك دولي لوقف القصف على أحياء المدينة ورفع  الحصار المفروض عليها لضمان وصول المساعدات العاجلة الضرورية للسكان .
فلم تلتزم روسيا بتعهداتها التي التزمت بها بمقتضى اتفاق خفض التصعيد الموقع عام 2018 ولم تُخْفِ أنها جاءت بقضها وقضيضها لحماية نظام طائفي يمارس التعذيب والقتل والتنكيل بحق مواطنيه، بالرغم من الصور التي فضحت ممارساته من خلال حرق جثث المعتقلين ، وتعتبر كل تهجير للسوريين انتصارًا ضد الغرب الذى يعرقل تمويل إعادة الإعمار الذى ستحوز فيه روسيا نصيب الأسد!! . 
وإيران تمارس حروبها العنصرية الطائفية تحت سمع وبصر المجتمع الدولي من خلال الميليشيات الشيعية التى جلبتها من العراق وأفغانستان وغيرها.
ومن المضحك المبكي أن "مجلس حقوق الإنسان" التابع للأمم المتحدة حين عقد جلسة خاصة بالوضع في أفغانستان بعد سيطرة حركة طالبان وتعالت الأصوات حول انتهاكات الحركة لحقوق النساء فى أفغانستان… قام النظام  الدموي الطائفي _الذي لايزال المجتمع الدولي يتعامل معه باعتباره ممثلا للشعب السوري _ بدعم الجلسة الخاصة بأفغانستان .. في الوقت الذي يمارس فيه كل أنواع الانتهاكات بحق الشعب السوري المغلوب على أمره من خلال التهجير القسري والقتل الجماعي والبراميل المتفجرة .
وكان الأولى بمجلس حقوق الإنسان هذا أن يخصص جلسة من جلساته لمناقشة الصور والمقاطع الخاصة بحرق جثامين المعتقلين بدلا من الحديث عن انتهاكات موهومة!!
وكأن النساء لا يوجدن إلا في أفغانستان !! 
فهناك أيضا نساء وأطفال فى درعا ليس لهم إلا الله وحده !!
وحسبنا الله ونعم الوكيل .