لماذا تستجدي مصر عقد لقاء بين السيسي وبايدن في أسكتلندا؟

- ‎فيأخبار

نحو عام مر على رئاسة جو بايدن لأمريكا دون توجيه دعوة إلى السيسي للقائه أو زيارة البيت الأبيض، بعد 4 سنوات من حكم ترامب الذي فتح كل أبواب أمريكا للسيسي واصفا إياه بدكتاتوره المفضل، فيما اقتصر نظام بايدن وإدارته على اتصال تليفوني بينه وبين السيسي إبان العدوان الإسرائيلي على غزة ورد المقاومة الفلسطينية المزلزل عبر الصواريخ التي وصلت لتل أبيب في مايو الماضي.

وحاول نظام السيسي مرارا فتح قنوات اتصال مع بايدن إلا أن الأخير رفض، نظرا للضغوط الكبيرة التي تمارسها دوائر صنع القرار في أمريكا والتي تنتقد إدارة السيسي وانتهاكاته غير المسبوقة لحقوق الإنسان.
ووفق مصادر سياسية مصرية، فإن مساعٍ حثيثة من جانب الدائرة المقربة من عبد الفتاح السيسي لعقد لقاء بينه وبين الرئيس الأمريكي جو بايدن، في ظل حالة من الرفض من جانب بعض مراكز صناعة القرار في واشنطن، بسبب الملاحظات الحقوقية من قِبل الإدارة الأميركية على الوضع في مصر.

وقد أجرى مسؤولون مقربون من السيسي اتصالات أخيرا مع الإدارة الأمريكية من أجل ترتيب لقاء بينهما ، خلال قمة المناخ المقرر عقدها في مدينة جلاسكو الأسكتلندية في الفترة من 31 أكتوبر الحالي إلى 12 نوفمبر المقبل، ويأتي ذلك في ظل صعوبة إجراء تلك المقابلة بدعوة من الإدارة الأميركية في البيت الأبيض، وسط الضغوط المفروضة عليها من بعض مراكز صنع القرار نتيجة ضغوط مماثلة تفرضها المنظمات الحقوقية الدولية بشأن الوضع الحقوقي في مصر، نظرا لما تصفه تلك المنظمات بالتوسع في عمليات القبض العشوائي على المعارضين السياسيين، وتحول آلية الحبس الاحتياطي إلى وسيلة عقابية تمارس بحق المعارضين، ووفق المصادر فإن المسؤولين في مصر تلقوا مؤشرات إيجابية لإمكانية إتمام لقاء قصير بين السيسي وبايدن ، بعدما تأكد سفر السيسي إلى أسكتلندا لحضور القمة.

وذكرت المصادر أنه على الرغم من الملاحظات التي تلقاها الوفد المصري غير الرسمي التابع للجنة الحوار الدولي خلال زيارته إلى أمريكا أخيرا ولقاء مسؤولين رسميين، وأعضاء في الكونجرس، إلا أنه يمكن وصف النتائج العامة بـالجيدة، خصوصا بعدما ساهمت في تخفيف حدة النقد الموجه لنظام الانقلاب المصري، مع إشارتها إلى تحركات وصفوها بالمبشرة بشأن الملفات محل الانتقاد في مصر، وعلى رأسها قضية التمويل الأجنبي التي بات إغلاقها مسألة وقت فقط.
ولفتت المصادر إلى أن السيسي يولي أهمية قصوى لإتمام لقاء مع بايدن خلال القمة، واستغلال الظرف الراهن الذي تؤدي فيه القاهرة أدوارا متعددة، وكذلك في ظل التحركات التي لاقت استحسانا كبيرا من جانب الإدارة الأمريكية على صعيد ملف القضية الفلسطينية، واستدركت أنه حتى الآن، لم يتم تأكيد إجراء المقابلة على الرغم من تأكد حضور السيسي للقمة، وسط مخاوف من تكرار فشل الجهود كما حدث في وقت سابق قبل اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تراجع السيسي عن حضورها في اللحظات الأخيرة، بسبب عدم موافقة الإدارة الأمريكية على عقد لقاء مشترك مع بايدن".
ومن المرجح أن هناك تسهيلات سيتم تمريرها خلال الأيام القليلة المقبلة قبل سفر السيسي إلى إسكتلندا لحضور القمة، متعلقة ببعض الملاحظات التي تلقاها وفد لجنة الحوار الدولي بقيادة رئيس حزب الإصلاح والتنمية محمد أنور السادات، التسهيلات ستشمل الترويج لقرارات وإجراءات متعلقة ببعض أسماء المعارضين السياسيين في السجون المصرية، خصوصا في أوضاعهم المعيشية في مقرات الاحتجاز، متابعة كذلك سيبدأ برلمان العسكر خلال أيام، الإجراءات الخاصة بتفعيل ما يطلق عليه "الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان" التي أطلقها السيسي في الحادي عشر من سبتمبر الماضي.

وتسعى الدوائر المقربة من السيسي، إلى محاولة امتصاص ردود الأفعال السلبية، والتأثيرات غير الإيجابية، بالنسبة لنظام الانقلاب من قِبل المنظمات الحقوقية التي لم تُبدِ رضا عن قرار السيسي، بعدم مد حالة الطوارئ في البلاد.

ويعمل الانقلاب على مراجعة الحد المسموح به من الملاحظات الأمريكية، وكان من أبرز تلك الملاحظات ما يتعلق بقضية التمويل الأجنبي لمنظمات المجتمع المدني، والمتهم بها مئات من العاملين في المجال الحقوقي، وفي هذا الصدد، أصدر قاضي التحقيق في القضية المستشار علي مختار، بعد أيام قليلة من عودة وفد لجنة الحوار الدولي إلى القاهرة، قرارا بعدم إقامة دعاوى جنائية ضد 4 منظمات حقوقية من المنظمات المتهمة في القضية، وبذلك ارتفع إلى 75 كيانا، كان قد عني بالاتهام فيها ما يربو على 220 شخصا، عدد المنظمات والكيانات التي صدر قرار بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية بشأنها، بخصوص ما تضمّنه تقرير لجنة تقصي الحقائق من وقائع، سواء كان الأمر صادرا لعدم وجود الجريمة أو لعدم كفاية الأدلة.

وشمل قرار قاضي التحقيق الأخير، مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية ومركز دعم التنمية والتأهيل المؤسسي ومركز السلام للتنمية البشرية وجمعية نظرة للدراسات النسوية.

وفي 20 مايو الماضي، أجرى بايدن أول اتصال بالسيسي منذ توليه السلطة في واشنطن في 20 يناير الماضي، وكان هذا الاتصال بمثابة الضوء الأخضر لإعلان وقف إطلاق النار بين الاحتلال الإسرائيلي، والفصائل الفلسطينية بوساطة مصرية في وقت كانت المعركة قد وصلت إلى ذروتها.

وبعدها بأربعة أيام أجرى بايدن الاتصال الثاني والأخير بشكل مباشر مع السيسي الذي وصفه خلال أحد الخطابات إبان حملته الانتخابية العام الماضي بـديكتاتور ترامب المفضل.

ويسعى السيسي من خلال اللقاء إلى تحسين صورته في الغرب ومنحه مشروعية الاعتراف المتبادل مع بايدن، وتياره الديمقراطي الذي يرفض حكم السيسي وممارساته القمعية. كما يراهن على استمرار المساعدات الأمريكية لمصر ، بعدما علق الكونجرس الأمريكي مؤخرا نحو 300 مليون دولار من المعونة العسكرية المقدمة لمصر، والتي تعد اعترافا دوليا بأهلية مصر للحصول على القروض من المؤسسات الدولية ، وهو ما تسبب تراجعها في أزمة اقتصادية لمصر، التي باتت المؤسسات الدولية تتوقف كثيرا عند منحها القروض أو المساعدات، وهو ما تسبب في تعويل السيسي ونظامه على البنوك المصرية التي تتوسع في منح النظام القروض ما يؤثر على مجمل الاقتصاد المصري.