عودة الانتحار: ثلاث حالات لشابين وطالبة واستشاري نفسي: الاكتئاب السبب

- ‎فيتقارير

ثلاث وقائع انتحار شهدتها مصر خلال الساعات الماضية، فتحت الباب للحديث عن تصاعد الظاهرة في البلاد خلال السنوات الأخيرة، فقد ألقت فتاة جامعية بنفسها من أعلى كوبري الإبراهيمية أمام نادي البلدية بأسيوط، بعد أن تركت حقيبتها ومتعلقاتها الشخصية.

وقبلها بيومين كشفت التحريات تفاصيل صادمة في العثور على جثتي طالبين أحدهما بكلية الطب والآخر في الهندسة، مشنوقين بأحد فنادق كورنيش وسط المدينة الإسكندرية قيل إنهما "أقدما على الانتحار وتركا رسالة نصها لم نخلق لعالم كله كذب وخداع".

الطالبان من أسرة ثرية أحدهما طالب بكلية الطب هو ولد على 4 بنات، والثاني طالب في كلية الهندسة بأحد الكليات الخاصة بمحافظة الإسكندرية.

 

السيسي قاتل

ومرت مصر خلال الأشهر الأخيرة تحديدا بأنواع جديدة من الانتحار، عندما تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي، مقطعا مصورا لطبيبة أسنان حديثة التخرج أقدمت على الانتحار في أحد أشهر مولات القاهرة، وكشفت التحقيقات أن الفتاة تعاني من خلافات مع عائلتها.

التهديد أو محاولة الانتحار، كان وسيلة للتعبير أيضا عن الظلم الذي يتعرض له المصريون سواء في السجون أو خارجها، فالأسبوع الماضي، كشف الناشط المصري علاء عبد الفتاح خلال جلسة تجديد حبسه، عن نيته الانتحار، بسبب الظروف السيئة التي يلاقيها في السجن قائلا "أنا وضعي سيء ولن أستطيع أن أكمل هكذا، مشوني من هذا السجن، وإلا سانتحر وبلغوا والدتي ليلى سويف تأخذ عزائي، وسبقت تهديدات علاء محاولة انتحار المدون محمد أكسجين، بسبب ظروف سجنه.

وقبلها أيام من إعلان علاء نيته الانتحار، أعلن الطبيب المصري محمود سامي، الذي فقد بصره أثناء عمله في علاج مصابي فيروس كورونا في مستشفى العزل الصحي في مدينة بلطيم في كفر الشيخ، في منشور على صفحته على فيسبوك عن تفكيره في الانتحار قبل أن يحذفه ويعتذر، وكتب  الطبيب بدون إثارة للعواطف ومشاعر الخوف والشفقة أنا أفكر في الانتحار، الموضوع أكبر من احتمالي فعلا، وكل يوم تظهر له أبعاد جديدة لا تُحتمل، ليلي يشبه نهاري.

لاتيأس

وفتحت تلك الوقائع الباب للحديث عن ملف الانتحار في مصر، ما دفع مؤسسة الأزهر الشريف إلى إطلاق حملة  "لا تيأس" وجاء في نص حملة الأزهر "أنت غالٍ علينا ونحن جميعا نحبك لا تيأس أو تقنط أو تفقد الأمل أبدا؛ بل واجه الحياة بيقين في كرم الله، وبقوة وصلابة، وتجاوز تحدياتها وعقباتها، وسيأتي يوم عليك تتذكر فيه أيام المِحَن بعد أن وفقك الله في تجاوزها، وستكون مجرد ذكرى فقط، اصبر وحاول وظُن في الله خيرا، واعرف قيمة عمرك، وإعلم أن لك دورا ورسالة في الحياة لن يقوم بها غيرك، وأننا جميعا نُحبُّك".

وقال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية إن "وجود الشَّدائد والابتلاءات سُنة حياتية حتمية، لم يخلُ منها زمان، ولم يسلم منها عبد من عباد الله؛ بَيْدَ أنها تكون بالخير تارة وبالشر أخرى، بالعطاء أوقاتا، وبالحرمان أخرى، وإن كان الابتلاء يحمل الشر من وجه، إلا أنه يحمل الخير من وجوه إذ لا وجود لشر محض، ويستطيع ذوو الألباب والبصائر أن يُعددوا أوجه الخير في كل محنة.

35 حالة شهريا

المؤسسة العربية لحقوق الإنسان قالت فى آخر تقرير لها إن "معدل حالات الانتحار في مصر من 30 إلى 35 حالة شهريا، وأوضحت المؤسسة أن هذا المعدل يزيد في بعض المناسبات منها الشهور التي تشهد امتحانات المراحل الإعدادية والثانوية العامة".

ولفتت، إلى أن معدلات الانتحار في مصر خلال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري وصلت إلى 201 حالة انتحار، وغالبا ما تأتي محافظات القاهرة الكبرى خاصة القاهرة والجيزة في أعلى المعدلات، تليها محافظات الدلتا ثم محافظات الوجه القبلي، وغالبا ما يكون الشباب حتى العقد الثالث أعلى معدلات للانتحار.

كانت إحصاءات المنظمة للعام 2016 وضعت مصر على رأس الدول العربية فيما يتعلق بمعدلات الانتحار بإجمالي 3799 حالة خلال العام، بينما تقلل آخر الإحصاءات الرسمية المرتبطة بالعام 2017 بشكل كبير من هذه المعدلات المتداولة.

ولا تتوافر إحصاءات رسمية حديثة في مصر بعد العام 2017 توضح المعدلات الحقيقية لحالات الانتحار، لعدة أسباب؛ بينها توثيق عدة وقائع على أنها وفاة طبيعية خشية شعور العائلات بالعار أو الخجل والوصم المجتمعي، إلا أن مجلس الوزراء المصري، أصدر في العام 2019 بيانا تحدث فيه آنذاك عن ما وصفه بـ الشائعات بخصوص تصدر مصر المرتبة الأولى في معدلات الانتحار.

 

فتش عن الاكتئاب

ويؤكد الاستشاري في الطب النفسي هشام ماجد في حديث له، عدم وجود أرقام حقيقة لحالات الانتحار في عكس دول الغرب، نظرا لوصمة العار التي قد تلحق بالأسرة في الدول العربية وتخشى منها.

وبيّن ماجد، أن الاكتئاب هو السبب الأساسي للانتحار على مستوى العالم، والثاني حاليا في الأمراض التي تسبب إعاقة للفرد عن تأدية مهامه.

ولفت الطبيب النفسي، إلى أن الاكتئاب يصيب المؤمن وغير المؤمن على حد سواء، لأن الاكتئاب هو مرض نتيجة خلل في المواد الكيميائية في المخ، والجينات تلعب دورا في ذلك، وكذلك التربية الأسرية والمجتمع.

ونوه ماجد إلى أن الفرق بين الاكتئاب والحزن، هو وجود الأعراض لفترة لا تقل عن أسبوعين؛ وتؤدي لإعاقة الفرد عن تأدية مهامه في المجتمع، مشيرا إلى أن علاج ذلك يكون إما دوائيا، أو عبر جلسات علاج سلوكي معرفي، أو جلسات تنظيم إيقاع المخ.