لا يزال هاني جريشة، الصحفي الرياضي مسئول تحرير موقع "سوبر كورة" التابع لليوم السابع، رهن الاعتقال منذ عام ونصف دون تهمة، وبعد أن قضى فترة في ظل الإخفاء القسري.
فمنذ ما يقارب العام والنصف يقضيها الصحفي الزميل داخل السجن، محروما من زوجته، وطفليه الصغيرين نيللي 9 سنوات، ونزار 4 سنوات، ليس لشيء سوى ممارسته مهنته، مدير تحرير موقع رياضي متهم بـ”نشر أخبار كاذبة” و”مشاركة جماعة إرهابية”، مع كل جلسة تجديد حبس تُمني أسرته نفسها بالإفراج عنه فتصطدم بتجديد آخر، بينما لا ينقطع أملها في خروجه المرة القادمة.
“في الواحدة صباح يوم السادس والعشرين من شهر أغسطس 2020، بينما كان يواصل زوجي عمله من المنزل بسبب ظروف جائحة كورونا، دهم 5 رجال أمن شقتنا، وشرعوا في تفتيشها بالكامل، قبل أن يأخذوا زوجي والهاتف المحمول الخاص به، وحافظته بما فيها من بطاقة ونقود وكروت ائتمانية، فضلا عن جهاز الكمبيوتر الخاص بمكان عمله، دون أي تفسير”، هكذا تروي سمر جلال زوجة هاني جريشة تفاصيل ما حدث مع زوجها في تلك الليلة قبل عام ونصف.
وتضيف، في حوارها مع موقع "درب" المهتم بالشأن الحقوقي، “كانت ابنتنا الصغيرة ذات السنوات التسع حاضرة في المشهد، ووجدتها تسألني خائفة “هم واخدين بابا فين”، لم أجد ما أُجيب به عليها، فأردت أن أخفف وطأة الصدمة قائلة “هما معاهم حاجة في الشغل وهيرجعوه تاني”.
ظل "جريشة" مختفيا لمدة 5 أيام دون أن تعلم أسرته عنه شيئا، إلى أن ظهر بعدها في نيابة أمن الدولة بالتجمع الخامس، تم إيداعه في سجن الجيزة المركزي “الكيلو 10 ونصف” لمدة شهر ونصف، قبل تحويله إلى قسم القناطر فيما بعد، حيث تم تجديد حبسه منذ ذلك الوقت حتى الآن، على ذمة القضية 864 أمن دولة لسنة 2020، بتهمة بث ونشر وإذاعة أخبار وبيانات كاذبة، وإساءة استخدام وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، ومشاركة جماعة إرهابية مع العلم والترويج لأغراضها.
لم ترَ سمر زوجها لما يزيد عن شهر منذ تاريخ القبض عليه، حتى إن محامي نقابة الصحفيين لم يكن مسموحا له بالاطلاع على أوراق القضية، ومعرفة طبيعة الاتهامات في ذلك الوقت، وفي أول رؤية له، حكى لها عن ظروف إخفائه قبل ظهوره في نيابة أمن الدولة.
تكمل: قال لي إنه "لم يكن يعلم المكان الذي تم نقله إليه خلال الأيام الخمسة السابقة لظهوره، حيث كان معصوب العينين داخل غرفة فارغة ليس بها سوى ماسورة مكبلة يداه حولها، بينما يجلس على الأرض".
تؤكد سمر أنه لم يتم توجيه اتهامات مباشرة لزوجها بعد القبض عليه، فبعد فحص هاتفه وعدد من الأوراق الأخرى، سأل “أنا موجود هنا ليه؟ أنا متهم بحاجة؟، وكانت الإجابة “هنبقى نشوف، إحنا لسة بندردش مع بعض، والتجديد على الورق فقط دون عرض على النيابة، مؤخرا علمنا طبيعة التهم وهي بث ونشر وإذاعة أخبار وبيانات كاذبة، وإساءة استخدام وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، ومشاركة جماعة إرهابية مع العلم والترويج لأغراضها”.
“الزيارة لا تستغرق أكثر من 10 دقائق لمرة واحدة في كل شهر، فيه سلك من عندي وسلك من عنده وبينهم مسافة مترين، أنا بروح بس علشان أشوفه من غير كلام أو أي حاجة، خاصة أنه بعد 10 دقائق منها مسؤولو السجن يأمرونا بالمغادرة بدعوى انتهاء مدة الزيارة”، توضح زوجة جريشة.
وتواصل “لا نعرف ما علينا أن نحضره في الزيارة، في كل مرة يتم السماح بدخول شيء، وفي المرة الأخرى يتم منعه، فضلا عما يتعرض للإتلاف بسبب عمليات التفتيش، في إحدى المرات تم منع دخول المحشي والكفتة له ضمن الأطعمة، وفي مرات أخرى تم منع دخول رسومات وخطابات أرسلتها طفلتنا نيللي لوالدها، حتى الأدوية، يتم السماح بدخول شريط واحد فقط وإرجاع البقية، بدعوى كثرتها”.
مثلها كأسر باقي المعتقلين؛ غابت الفرحة عن أسرة "جريشة" في كافة المناسبات التي مرت في غيابه، بينما ينظرون إلى مقعده الفارغ على طاولة الاحتفال.
تتابع سمر: “قدمت أكثر من طلب لنقابة الصحفيين لمخاطبتها للتحرك بشأن أوضاع زوجي، فكان الرد أنه ما يزال محبوسا على ذمة قضية وأن “حقوقه محفوظة”، وأن المجلس سيخاطب صحيفته “اليوم السابع”، مسؤول الموارد البشرية في الصحيفة اتصل بي يخبرني بأنهم سينذرون هاني بالفصل لتغيبه عن العمل، على الرغم من علمه بواقعة القبض عليه”.
وتستكمل: “حصلت على خطاب من النيابة يفيد بأنه على ذمة التحقيقات، وتوجهت بها إلى مقر الجريدة، لكن لم يتم السماح لي بالدخول، على الرغم من تأكيدي الحضور في اتصال سابق مع مسؤول الموارد البشرية نفسه”.
كانت قوات الأمن ألقت القبض على "جريشة" وزميله عصام عابدين، في اليوم نفسه، ونظرت تجديد حبسهما على ذمة القضية 864 أمن دولة لسنة 2020، الاثنين 27 ديسمبر.
في بداية شهر سبتمبر 2020 صدر قرار بحبس جريشة وعابدين بعد التحقيق معهما في نيابة أمن الدولة العليا، ويواجهان اتهامات ببث ونشر وإذاعة أخبار وبيانات كاذبة، إساءة استخدام وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، ومشاركة جماعة إرهابية مع العلم والترويج لأغراضها.
وفي تقريرها الأخير، قالت اللجنة الدولية لحماية الصحفيين، إن "مصر الثالثة عالميا في حبس الصحفيين بعد الصين وميانمار بـ 25 صحفيا قيد الحبس في قضايا متنوعة".
وأضافت اللجنة الدولية، في تقريرها الصادر تزامنا مع اليوم العالمي لحقوق الإنسان، أن هذا العدد أقل من العام الماضي، إلا أن احتجاز الصحفيين مستمر.