ساقت ورقة بحثية قصيرة بعنوان "إخلاء سبيل علا القرضاوي رسائل ودلائل" نشرها الموقع الإلكتروني لـ"الشارع السياسي" 7 رسائل ودلالات وراء إخلاء سبيل السيدة علا يوسف القرضاوي، التي أمضت نحو 4 سنوات ونصف السنة في الحبس الانفرادي بسجن القناطر.
الانتقام من والدها
وأكدت الورقة أن إخلاء سبيل "علا" غير المرتبط بحكم محكمة وبقرار من النيابة العامة، يثبت أن اعتقال وسجن علا القرضاوي كان للانتقام من والدها العالم العلامة د.يوسف القرضاوي لمواقفة الناصعة بوجه الظالمين.
وقالت الورقة إن "الزج بها في السجن ظلما لا لتهمة فعلتها ولا لجريمة اقترفتها، ولكن جرى التنكيل بها انتقاما من والدها الفقيه الذي أفنى حياته في خدمة الإسلام والمسلمين، وألّف مئات الكتب وألقى آلاف المحاضرات والخطب والدروس ليُعلم الناس أمور دينهم، وله مواقف صريحة ضد الظلم والطغيان في بلادنا، وكان أحد أهم الداعمين لثورة يناير والربيع العربي وحق الشعوب في اختيار الحكام وعزلهم وفقا لمدى نجاهم في إدارة البلاد من ناحية، والتزامهم بحماية هويتها وسماتها الحضارية من جهة ثانية".
واستعادت الورقة كيف تم توظيف التهم لها ولزوجها، حيث اعتلقت برفقة زوجها حسام خلف القيادي بحزب الوسط، أثناء قضاء إحدى الإجازات في الساحل الشمالي في شاليه عائلي، في 30 يونيو 2017، وُوجهت لهما في البداية تهم بنقل بعض المفروشات من الشاليه، بحجة أن هذا الشاليه مملوك لوالدها رئيس الاتحاد العام لعلماء المسلمين السابق يوسف القرضاوي الموجود في قطر، المدرج اسمه على قوائم الإرهاب وقوائم التحفظ على الأموال، وبعد إثبات القرضاوي أن الشاليه مملوك لوالدتها، أدرجتهما النيابة على ذمة القضية رقم 316 لسنة 2017 ووجهت لهما تهما بالانضمام لجماعة على خلاف القانون وتمويلها".
وأوضحت أن التهم المنسوبة لها تجددت بقضية تلو أخرى، حيث قضية جديدة برقم 800 لسنة 2019، بنفس التهم في يوليو 2019، وهو ما دخلت على إثره علا في إضراب عن الطعام وقتها.
وأصر نظام السيسي على إيقاع المزيد من الظلم عليها وعلى زوجها، ورغم أن محكمة جنايات القاهرة قررت في 19 فبراير 2020 إخلاء سبيلها إلا أن النيابة استأنفت على هذا القرار في اليوم التالي لتستمر القرضاوي في الحبس حتى 12 ديسمبر 2021م، فيما لم يتم الكشف عن مصير زوجها، وما إذا كان ما زال محبوسا على ذمة القضية الأولى طوال قرابة الخمس سنوات الماضية، أم تم تدويره على ذمة قضية جديدة.
مفاوضات الإطلاق
ولفتت الورقة إلى أن مفاوضات إطلاق علا القرضاوي تمت فعليا في 12 ديسمبر 2021م، وفق تقرير "مدى مصر" 1 يناير 2020م، نقلا عن ثلاثة مصادر حكومية مطلعة.
وأضافت "جرى الاتفاق معها على عدم نشر أسرتها أو المقربين منها أية معلومات بشأن خروجها، خصوصا وأن زوجها ما زال محبوسا وهناك وعود بإخلاء سبيله".
وتابعت أنه "تُرك لأجهزة الأمن مسؤولية تحديد الموعد المناسب لإعلان إخلاء سبيلها".
وأضافت الورقة أن الدائرة الرابعة جنايات إرهاب، نظرت تجديد حبس القرضاوي على ذمة التحقيقات في القضية رقم 800 لسنة 2019 في جلسة 12 ديسمبر الماضي في غيابها، وهو ما اعترض عليه المحامون، لكنهم عرفوا في اليوم التالي بقرار إخلاء سبيلها من سجن القناطر دون معرفة أية تفاصيل أخرى عن مصدر القرار".
سبب التأخير
وأضافت الورقة أن السبب في تأخير الإعلان عن إخلاء سبيل السيدة علا القرضاوي كان محاولة إنهاء سنة 2021، التي حملت الكثير من الفواجع والآلام بقرار يبيض الصورة.
وأكدت الورقة أنه لا يحق للانقلاب التباهي بإطلاق سراح نجلة القرضاوي، لأنها بالأساس لم ترتكب جرما تستحق عليه كل هذا التنكيل والعذاب؛ كما أن الإعلان عن إخلاء سبيل القرضاوي كان مفرحا ويدخل السرور على قلب كل مؤمن أو صاحب ضمير حي.
ونبهت إلى تقارير حقوقية تكشف أن الجرائم والانتهاكات في السحون لا تنتهي ولم تنته عند خروج السيدة علا القرضاوي، حيث توفي 60 سجينا نتيجة الإهمال الطبي، خلال 2021، مقسمين إلى 52 ضحية من السجناء السياسيين، و8 جنائيين، بينهم 6 أطفال، فضلا عن تعرض 277 سيدة للاحتجاز والإخفاء القسري على مدار عام 2021.
ولفتت إلى تنوع حالات الوفاة الستين ما بين 27 سجينا بسبب الإهمال الطبي، و7 سجناء بفيروس كورونا، و6 نتيجة حريق، و4 نتيجة التعذيب، بخلاف حالة وفاة نتيجة شجار، وحالة وفاة واحدة نتيجة غرق في مياه السيول داخل الزنزانة، وحالة انتحار واحدة، وثلاث حالات وفاة طبيعية.
وعن ملف المرأة والمعتقلات، أوضح تقرير استعانت به الورقة إلى أن 277 من النساء والفتيات رهن الاعتقال والاختفاء القسري، من بينهم 187 سيدة رهن الحبس الاحتياطي، و40 سيدة حاصلة على قرارات إخلاء سبيل لكن لم تنفذ، و39 سيدة صادرة بحقهن أحكام قضائية، و10 سيدات رهن الإخفاء القسري، وسيدة واحدة انقضت مدة الحكم عليها كاملة من دون إفراج.
طلب الأمير
ورجحت الورقة أن يكون إخلاء سبيل السيدة علا القرضاوي جاء بطلب -فيما يبدو- من أمير قطر، وقالت "رغم أن المعالجات الإعلامية لم تشر مطلقا إلى أي دور خارجي في عملية إخلاء سبيل نجلة العلامة القرضاوي، وجرى إخراج الأمر على أنه إجراء قضائي طبيعي وقرار صادر من المحكمة، إلا أن النظام يستهدف من وراء ذلك التغطية على الحقيقة، وهي أن الحكومة القطرية تدخلت في الأمر في ظل حالة التقارب بين الدولتين مؤخرا؛ ويبدو أن الأمير القطري قد طالب الدكتاتور السيسي بالإفراج عن علا القرضاوي لثلاثة أسباب: الأول أنها بالأساس بريئة ولم ترتكب أي تهمة تستوجب كل هذا التنكيل، والثاني المكانة التي يتمتع بها العلامة القرضاوي عند أمير قطر والحكومة القطرية عموما، والثالث هو التدليل على أن قطر تستهدف من التقارب مع نظام السيسي جملة من الأهداف بعضها يتعلق بالتخفيف عن بعض المعتقلين في سجون العسكر.
تلميع الصورة
وأضافت الورقة أن إطلاق السيدة القرضاوي يمكن أن يوظفه الانقلاب لمحاولة "تبييض صورته دوليا وإقليميا، باعتباره برهانا على أن النظام قد شرع في عمليات الإفراج عن عدد من المعتقلين في سجونه، وربط ذلك بإطلاق ما تسمى بالإستراتيجية القومية لحقوق الإنسان في سبتمبر 2021م".
واعتبرت أن هذه السمة هي سمة الفراعنة مستدلة بآية من كتاب الله لتباهي الفرعون ومحاولة التعالي على المظلومين، وأنه ليس من الإحسان في شيء أن تحسن (فرعون) إلى فرد واحد (موسى) بينما يتم التنكيل بأمة كاملة (بنو إسرائيل).
ورجحت الورقة أنه من غير المستبعد أن "يتم إخلاء سبيل بعض المعتقلين والمحبوسين احتياطيا، وقد يتم العفو عن عناصر “خلية الأمل” الذين جرى الحكم عليهم مؤخرا، في إطار "تبييض صورة النظام وزعيمه الدكتاتور".
حل جذري
وأكدت الورقة أن "مشكلة المعتقلين السياسيين خصوصا من أبناء التيار الإسلامي بلا حل جذري"؛ وأنه لا دلالة على تغير المؤشرات "ما بقي السيسي على رأس السلطة منذ انقلابه المشئوم في يوليو 2013م".
وأوضحت أنه ما صعد إلا بالدماء والضحايا والدماء "والزج بعشرات الآلاف في السجون ظلما وعدوانا؛ وبالتالي فإن أي قراءة تذهب باتجاه اعتبار إخلاء سبيل نجلة العلامة القرضاوي بداية غيث الإفراج عن المعتقلين ليست في محلها لاعتبارات تتعلق بالطبيعة الخاصة بحالة السيدة علا القرضاوي من جهة، والطبيعة الخاصة بالنظام العسكري من جهة أخرى".
ورأت أن حلحلة أزمة المعتقلين هو أمر غير وارد في الأفق المنظور، وأن العكس مرتبط بشيء غير متوقع يغير موازين المشهد السياسي في البلاد".
وأشارت الورقة أنه "لا يتعين تحميل جماعة “الإخوان المسلمين” شيئا فوق طاقتها بهذا الشأن؛ لأن أي صفقة تتعلق بالمعتقلين تعني الاعتراف بشرعية النظام القائم رغم أنه مغتصب للحكم بأداة من أدوات العنف والإرهاب وهي الانقلاب العسكري".
وانحاز الباحث إلى الرأي الذي يرى "ضرورة أن تبقى الجماعة على موقفها الثابت بوصفه دفاعا عن القيمة الإسلامية أولا وهي رفض أي شكل من أشكل اغتصاب الحكم إلا عبر الشوري والانتخابات الحرة النزيهة، وأن يتم تفويض كل معتقل بإدارة موقفه؛ فمن شاء أن يأخذه بالعزيمة فليفعل ومن شاء أن يأخذ بالرخضة فليفعل، حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا".