ورقة بحثية: الخلافات المصرية الجزائرية مستمرة وزيارة “تبون” مراسمية

- ‎فيعربي ودولي

قالت ورقة بحثية بعنوان "قراءة تحليلية للسياسة الخارجية المصرية خلال الفترة من 24 يناير حتى 1 فبراير 2022" إنه على الرغم من ترويج القنوات الإعلامية المحسوبة على نظام الانقلاب، بأن تلك الزيارة تكشف عن حالة تحسن كبيرة في العلاقات بين البلدين، إلا أن أغلب التحليلات المعمقة قد أكدت على أن الخلافات بين البلدين لا تزال مستمرة، ولم تفلح تلك الزيارة في إزالته.
وبنت الورقة رؤيتها تلك بأن تصريحات السيسي وتبون سارتا في اتجاه مختلف، فبينما ركز السيسي على تعزيز العلاقات الثنائية، وبشكل خاص «تفعيل اللجان الثنائية المشتركة» ركزت رسالة الرئيس الجزائري التي حملها وزير خارجية بلده إلى السيسي «زيادة تعزيز التنسيق والتشاور مع مصر لمواجهة التحديات المختلفة التي تواجه المنطقة والأمة العربية وتعزيز العمل العربي المشترك».

ويؤشر هذا الاختلاف في الصياغة الرسمية على أن أجندتي الجزائر ومصر مختلفتان، فعين الجزائر على التنسيق في القضايا العربية والإقليمية والعمل العربي، بينما مصر عينها على تعزيز التعاون التجاري والاقتصادي، وجلب الأموال الجزائرية للاستثمار في مصر.

وأضافت أن استقراء مواقف الدبلوماسيتين المصرية والجزائرية بإزاء قضايا عربية وإقليمية، يبين أن المواقف المتقاربة جد محدودة، فباستثناء قبول القاهرة والجزائر لعودة سوريا للجامعة العربية من غير شروط، تبقى الملفات الأخرى، نماذج لتباعد المواقف وتناقضها وأحيانا توترها وصراعها.

الخليج وإيران

وأوضحت الورقة أن "مصر كانت حاسمة في اختيار التقارب مع دول الخليج، ومد القطيعة مع إيران، وعدم الاكتراث لرسائل طهران الغزلية للقاهرة، في حين، اختارت الجزائر في سياق صراعها الإقليمي مع المغرب، أن تعزز علاقاتها مع طهران، تقديرا منها أن ذلك يشكل الجواب عن تحدي تطبيع المغرب مع إسرائيل ، واعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بسيادة المغرب على الصحراء.

وأضافت أن مصر ترتبط بعلاقة إستراتيجية مع دول الخليج، إذ ينظر مجلس التعاون الخليجي إليها على أنها صمام أمان لاستقرار المنطقة، بينما تعتبر مصر أمن الخليج من أمنها، في حين تثير علاقة الجزائر مع إيران، وكذا قطع الجزائر العلاقة مع المغرب ورفضها أي وساطة خليجية لتسوية الخلافات بين البلدين قلقا خليجيا، تم التعبير عنه أكثر من مرة، في صورة دعم غير مشروط للمغرب، كان آخر مثال له دعم دول الخليج للقرار الأخير لمجلس الأمن حول الصحراء، والذي انتقدته الجزائر بشدة معتبرة إياه متحيزا للمغرب.

وقالت إن "ما يثير العلاقات الخليجية الجزائرية أكثر هو الخلاف مع الإمارات في الملف الليبي، وصدور اتهامات جزائرية لها بالتآمر ضد أمنها القومي من خلال دعم الجنرال حفتر، وأيضا من خلال تعزيز التقارب الجزائري التركي في هذا الملف".

الهجوم الحوثي

وعن الهجوم الحوثي على الإمارات، قالت الورقة إن "مفردات بيان الخارجية الجزائرية يظهر هو الآخر مدى الخلاف بين الجزائر والقاهرة في النظر إلى موضوع اليمن، والهجوم الحوثي على الإمارات، فالجزائر، وهي تعرب عن تضامنها وتعاطفها مع دولة الإمارات، تأخذ مسارا مختلفا عن مصر، وهي ترفض الأعمال من الطرفين التي من شأنها تقويض الأمن والاستقرار في الإمارات وفي المنطقة، وتدعو إلى تبني الحوار بين الطرفين وتجنب التصعيد، في حين تعتبر مصر استمرار هجمات ميليشيا الحوثي ضد السعودية والإمارات تهديدا صريحا لأمنهما واستقرارهما، وتدعم كل ما تقوم بهما الرياض وأبو ظبي من إجراءات للتصدي لتلك الهجمات".

الصراع مع المغرب

وأشارت إلى أن الجزائر في سياق تدبير صراعها الإقليمي مع المغرب، قفزت على القاهرة، وحاولت الاستثمار في ملف الوحدة بين الفصائل الفلسطينية، من خلال الدعوة إلى اجتماعها في الجزائر، والإشراف على حوار لتقريب الشقة بين الفصائل، والخروج بخارطة طريق للمصالحة، والاتفاق على برنامج نضالي مشترك.

وأبانت أن  نظرة مصر هي بعين الشك والريبة لهذه الخطوة الجزائرية، فملف العلاقة بين الفصائل كان دائما بين يدي المخابرات المصرية، وما زاد حالة الشك المصري في تلك الخطوة الجزائرية، أنها تأتي مع تعثر جهود القاهرة لإقناع الفصائل الفلسطينية بالانخراط في برنامج لإعادة إعمار غزة، وترسيخ الهدنة.

خلاصة
وخلصت الورقة إلى أن "ما يجمع الجزائر بمصر هو أقل بكثير مما يفرقهما، وأن نقطة واحدة ربما هي التي تجمعهما هو توافق على عودة سوريا إلى الجامعة العربية، وما عدا ذلك، فشعاب متفرقة في الملفات المختلف حولها، وربما يكون السبب الرئيسي لزيارة تبون للقاهرة، هو طلب الجزائر توسطا مصريا لإذابة الجليد في العلاقات الجزائرية الخليجية، لأنها توقن أن قرار تأجيل عقد القمة العربية المزمع عقدها في الجزائر، إنما كان في الجوهر قرارا خليجيا محضا، وأن أسرع طريق إلى دول الخليج، يمر عبر القاهرة، وترغب الجزائر في مراجعة مواقف هذه الدول من القمة العربية، حتى لا يتعرض النظام الجزائري لصدمة كبيرة، بتأجيل انعقاد القمة العربية بها".

https://politicalstreet.org/?p=4970