مشروع “التجلي الأعظم” بـ”سانت كاترين واستيلاء الإمارات على “ميناء شرم”.. ما العلاقة؟ 

- ‎فيتقارير

كعادة العقلية العسكرية التي لا تفهم سوى التطوير إلا بزرع أعمدة الخرسانة وتعلية المباني ووضع الطوب والإسمنت في أي مكان وبلا مراعاة لخصوصيات الجغرافيا أو التاريخ، حيث تتصاعد في الفترة الأخيرة صرخات أهالي ونشطاء مدينة سانت كاترين بجنوب سيناء، مما يسمى بمشروع السيسي لتطوير مدينتهم.

وانتقد سكان مدينة سانت كاترين مشروعا حكوميا جديدا لتطوير المدينة، متهمين السلطات بتشويه الملامح الأثرية للمدينة وطمس هويتها، بحسب تقرير نشره موقع Middle East Eye البريطاني، الثلاثاء 8 مارس 2022.

وتتصاعد  المخاوف مما قد يلحق بسمات الموقع التراثي القديم للمدينة من أضرار في المستقبل،  في ظل غياب أي رؤية واضحة فيما يُسمى بخطوات تطويرها.

هذا المشروع الحكومي لتطوير سانت كاترين، والذي أُطلق عليه اسم "التجلي الأعظم" يأتي برعاية شخصية من السيسي.

 

مشروع "التجلي الأعظم"

حكومة السيسي بدأت في تنفيذ مشروع "التجلي الأعظم" خلال العام الماضي، وتقول إن "خطتها ستشهد إنشاء عشرات المنشآت الجديدة ومشروعات البنية التحتية".

من المقرر تشييد معظم هذه المرافق في المناطق المحيطة بجبل الطور ودير سانت كاترين، الذي يعد أحد أهم وجهات السياحة الدينية في مصر، لاسيما أنه من الأماكن الأثرية المدرجة على قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو" منذ عام 2002، فضلا عن أنه يعد أقدم دير في العالم تقريبا.

أحد أركان المشروع هو بناء مزار للسياحة الدينية على الجبال المحيطة بالوادي المقدس في المدينة، ويرمي المشروع إلى ربط مواقع مهمة، مثل جبل موسى الطور بأجزاء أخرى من سيناء، مثل منتجعات البحر الأحمر في شرم الشيخ ودهب، بشبكة طرق حديثة.

ويتهم سكان المدينة مشروع التطوير الجاري ، بأنه بدل الطابع الأصلي والأثري للمدينة باعتماده على مبان حديثة من الخرسانة تمحو سمات الموقع وملامحه الأثرية.

ويشير شهود عيان بسانت كاترين، إلى اقتلاع عشرات الأشجار القديمة لإفساح المجال لبناء طرق جديدة، وخصوا بالانتقادات الطريق الجديد المزمع إنشاؤه بين جبل موسى وسانت كاترين.

حيث يستيقظ السكان كل يوم ليكتشفوا  أن بعض مباني المدينة قد هُدمت ومباني خرسانية ارتفعت مكانها.

ومن المفترض أن يقصر الطريق الجديد المسافة بين المنطقتين، ويُيسر التنقل بينهما، لكن أحد سكان المدينة تساءل مستنكرا "ما قيمة ساعة توفير للوقت أمام هذا التدمير؟

يشار إلى أن مدينة سانت كاترين أكثر مدن سيناء خصوصية وتميزا، فهي أعلى الأماكن المأهولة في سيناء، حيث تقع على هضبة ترتفع 1600 متر فوق سطح البحر في قلب جنوب سيناء على بُعد 300 كم من قناة السويس، وتبلغ مساحتها 5130 كم مربع، وتحيط بها مجموعة جبال هي الأعلى في سيناء وفي مصر كلها، وأعلاها قمة جبل كاترين وجبل موسى وجبل الصفصافة.

في هذا السياق، قال أحمد علي، عامل بالسياحة في منتصف العقد الخامس من عمره ومقيم في سانت كاترين "ما يُباع لنا على أنه تنمية ليس في الواقع إلا تدميرا لهذه المدينة الأثرية الجميلة".

"المباني الخرسانية التي تقام الآن ضمن مشروع التطوير الجديد ، ستحجب الإطلالة على معظم المواقع الأثرية في المدينة".

وبحسب كثير من الأهالي فالتطوير الجديد هو مجرد جرافات تهدم أجزاء مهمة من المدينة، منها مبان أثرية، وإحلالها بكتل من الخرسانة لا تحمل إلا التشويه لسانت كاترين.

 

علاقة التطوير بالإمارات

وبين الرفض ومخاوف الأهالي من وصول سيناريوهات الغشم العسكري إليهم، سواء عبر تهجيرهم قسريا كما فعل مع أهالي الشيخ زويد ورفح وبعض مناطق العريش، أو العبث في خصوصياتهم الحضارية، انكشف مؤخرا سعي الإمارات الحثيث للسيطرة على قطاع السياحة والآثار المصري، والتموضع في الأماكن الإستراتيجية مقابل حفنات من الأموال تذهب لجيوب العسكر.

حيث تتفاوض شركة "موانئ أبوظبي العالمية" مع السلطات المصرية، لإدارة تشغيل ميناء شرم الشيخ المخصص لسياحة اليخوت.

وكشفت صحيفة المال المصرية من مصادر مطلعة، أن عرض الشركة الإماراتية يتضمن تحويل المشروع إلى موقع سياحي متميز عبر تطوير الأرصفة وصالات الوصول، وفقا للمعايير والتصميمات العالمية.

كما تعهد العرض الإماراتي، بتنفيذ خطة ترويجية لجذب أكبر عدد ممكن من سفن الكروز واليخوت إلى مصر.

ووفق المصدر، فإن وفدا إماراتيا زار الميناء مؤخرا، واطلع على إمكانياته الحالية، واحتياجاته المستقبلية بناء على دعوة من وزير النقل كامل الوزير، أثناء زيارته الأخيرة للإمارات منتصف فبراير الماضي.

ومن المقرر أن تعقد هيئة موانئ البحر الأحمر، الأسبوع المقبل، اجتماعا يضم عددا من قيادات وزارة النقل والشركة الخارجية للتفاوض، حول بنود العقد المزمع توقيعه قريبا.

ويعد ميناء شرم الشيخ نقطة ارتكاز لاستقبال السفن واليخوت والسائحين بين موانئ الغردقة ونويبع والعقبة، ويتميز بقربه من مناطق السياحة الدينية والأثرية في سانت كاترين والطور.

وتبلغ المساحة الأرضية للميناء 16 ألفا و787 مترا مربعا، إلى جانب 3500 متر الساحة أمام رصيف اليخوت، بطاقة استيعابية تصل إلى 100 ألف راكب.

ويأتي العرض الإماراتي ضمن سياسة متبعة من الإمارات للسيطرة على موانئ مصر وضمان عدم منافستها للموانىء والأماكن التجارية الحرة في جبل علي، حيث تسيطر شركة موانىء دبي على ميناء العين السخنة بمصر، وميناء الدخيلة ودمياط وتمد الإمارات أياديها للسيطرة على قطاعات الأدوية والصحة بمصر بشراء المستشفيات الخاصة والمشاريع العلاجية، وغيرها من المشاريع الإنتاجية بالبلاد والشركات والخدمات المالية والتكنولوجية، وهو ما يصفه بعض المراقبين بأنه احتلال اقتصادي لمصر.

ولعل ما يدار في سانت كاترين قد يكون قريب الصلة مما يجري في شرم الشيخ للاستيلاء على المشاريع السياحية والأثرية في سيناء، ضمن مشروع نشر الديانة الإبراهيمية التي تتبناه الإمارات وأمريكا وإسرائيل، والذي سبق وأن رفض شيخ الأزهر المشاركة في افتتاح مجمع للأديان بالإمارات، وقد يكون تطوير سانت كاترين جزءا من المشروع الإماراتي الصهيوني، خاصة وأن سيطرة الإمارات على ميناء شرم الشيخ القريب من سانت كاترين قد يكون لتسهيل التواصل والانتقال إلى المدينة المقدسة، وهو ما قد تكشف عنه الأيام المقبلة.