مع قرار البنك المركزي المصري رفع سعر الفائدة وتراجع الجنيه أمام الدولار الأمريكي بنحو ثلاثة جنيهات ليسجل 18.50 جنيها مقابل 15.40 جنيها قبل هذا القرار، تشهد الأسواق ارتفاعا غير مسبوق في الأسعار لمختلف السلع والمنتجات رغم قرب قدوم شهر رمضان الذي تتزايد فيه حركة الشراء ، ما جعل حياة المصريين تتحول إلى جحيم لا يطاق.
هذه التطورات السريعة والمتلاحقة تسببت في حالة من الركود والكساد ، بسبب عزوف المواطنين عن الشراء لعدم توافر الأموال وتوجيه كل ما يملكون لشراء السلع الغذائية التي يستطيعون بها البقاء على قيد الحياة.
وحذر الخبراء من أن موجة ارتفاع الأسعار ستطول كافة السلع خلال الفترة المقبلة بعد قرار رفع الفائدة، وتوقعوا أن تشهد الأسواق مزيدا من الركود والكساد ، ما يهدد بإفلاس عدد كبير من التجار.
التقرير التالي يرصد انعكاسات ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه على عدد من السلع والمنتجات.
الأجهزة الكهربائية
سوق الإلكترونيات والأجهزة الكهربائية شهدت ارتفاعات متفاوتة في أسعار منتجاتها تراوحت نسبتها بين 15-20%، وفي مقدمتها أجهزة البوتاجاز والثلاجات وشاشات التليفزيون سواء محلية أو مستوردة.
وقال حسن مبروك رئيس شعبة الأجهزة الكهربائية بغرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات، إن “أسعار الأجهزة الكهربائية سجلت ارتفاعات كبيرة تأثرا بتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية بنسبة تخطت الـ 15%، نتيجة ارتفاع أسعار المواد الخام ومستلزمات الإنتاج من مسطحات حديد وصاج التي يتم استيرادها من روسيا والصين بنسبة تصل إلى 70%، وهو ما انعكس على ارتفاع قيمة بيع المنتج النهائي”.
وأكد مبروك في تصريحات صحفية أن قرار رفع سعر الفائدة وارتفاع الدولار ، سيزيد من ارتفاعات أسعار الأجهزة الكهربائية سواء على التعاقدات القديمة أو الجديدة، بعدما اضطر الصناع للاعتماد على استيراد من أسواق بديلة في أوروبا ذات الأسعار المرتفعة.
وقال أشرف هلال رئيس شعبة الأدوات المنزلية والأجهزة الكهربائية بالغرف التجارية، إن “الزيادة في أسعار الأدوات المنزلية والأجهزة الكهربائية باتت أمرا حتميا بنسبة 100%، بسبب القفزة الأخيرة في سعر الدولار، وسط ضبابية المشهد في السوق المصرفي” .
وأضاف “هلال” في تصريحات صحفية أن قوائم الأسعار الجديدة لم تحسم حتى الآن، ولهذا هناك حالة توقف في حركة التجارة والبيع في انتظار اتضاح الصورة خاصة بعد ارتفاع سعر الدولار الجمركي.
وأشار إلى أن هناك زيادة 500 جنيه في أسعار الثلاجات الصغيرة لتسجل 4650 جنيها بدلا من 4150 جنيها، وكذا باقي المنتجات من المراوح والتكييفات وتقدر نسبة الزيادة بـ15%.
أسعار السلع
وقال محمد رستم أمين عام شعبة المستوردين إن “رفع سعر الفائدة تسبب في إرباك السوق ، مما سيؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع والخدمات”.
وأشار رستم في تصريحات صحفية إلى أن الغرف التجارية قدرت الزيادات المتوقعة في أسعار السلع والمنتجات بما يتراوح بين 15 و20%.
وأكد أنه لا يوجد منتج في مصر سواء منتج محلي أو مستورد من الخارج إلا وسيتأثر باتفاع سعر الدولار ، موضحا أن غالبية المكونات تأتي مستوردة ، وبالتالي لا يوجد بديل محلي لكافة السلع ، مما سيدفع بأسعار السلع للارتفاع بنسب متفاوتة خاصة في ضوء ارتفاع تكلفة الشحن بنحو 15 ضعفا.
السيارات
وتوقع الخبراء أن يتأثر سوق السيارات بالسلب سواء نتيجة لارتفاع أسعار الفائدة أو زيادة سعر الدولار في البنوك ، مؤكدين زيادة أسعار جميع السيارات بنسبة 10%.
في هذا السياق، قال حسين مصطفى خبير صناعة السيارات، إن “قرار رفع سعر الفائدة يأتي بنتيجة عكسية على سوق السيارت، حيث سيؤدي إلى ارتفاع فائدة القروض، وهو الأمر الذي سيؤدي إلى ارتفاع نسبة فائدة قروض السيارات على التجار والمستوردين، وكذلك ارتفاع تكلفة الفائدة على التسهيلات البنكية للشراء بالتقسيط”.
وأكد «مصطفى» في تصريحات صحفية أن كل ذلك سيؤدي إلى ارتفاع التكلفة النهائية على المستهلك، وبالتالي سترتفع أسعار السيارات مرة أخرى قريبا، بجانب نسبة الـ 10% المتوقعة بسبب ارتفاع سعر الدولار متوقعا انكماش السوق بسبب هذه التطورات .
وحذر من أنه إذا زادت الأزمات العالمية أكثر من ذلك ، فإن الاقتصاد والأسواق ستواجه مشكلة كبيرة .
الخضروات والفواكه
كما تشهد تجار أسعار الخضروات والفاكهة ارتفاعا في الأسعار نتيجة التغيرات المناخية والحرب القائمة بين روسيا وأوكرانيا من جهة ، بالإضافة إلى ارتفاع سعر الدولار من جهة أخرى .
وقال مجدي أبو العلا، نقيب فلاحي الجيزة، إن “ارتفاع أسعار الخضروات والفاكهة جاء نتيحة التغير المناخي الخاص بالشتاء، بالإضافة إلى أن هناك خضروات تزرع في غير موسمها عن طريق الصوب الزراعية والمحمية ، وهو الأمر الذي يرفع من سعر التكلفة الإنتاجية، وبالتالي ترتفع أسعارها على المستهلك”.
وأضاف «أبو العلا» في تصريحات صحفية أن المحاصيل التي تزرع في غير موسمها تعاني أيضا من قلة المعروض ، وهو الأمر الذي يرفع الأسعار مثل ما حدث في سعر الليمون عندما ارتفع سعره لأنه صيفي.
وأشار إلى أنه رغم أن مصر لديها اكتفاء ذاتي من الخضروات والفواكه، وتصدر جميع أنواع الموالح مثل البرتقال واليوسفي والليمون اللارنج والبطاطس والبصل والفرولة والتمور ، إلا أن الأسعار سوف تشهد مزيدا من الارتفاع بسبب ارتفاع الدولار أمام الجنيه.
وأوضح «أبو العلا»، أنه مع الأزمة الأوكرانية الروسية توقفت بعض الصادرات لسد احتياجات السوق المحلي لكن الأسعار ترتفع رغم ذلك.
عمرة رمضان
القرارات الانقلابية الجديدة انعكست على موسم عمرة رمضان وفي هذا السياق قال باسل السيسي نائب رئيس غرفة شركات السياحة السابق إن “الارتفاع المفاجئ في سعر صرف العملات وأهمها الريال السعودي ، سوف يؤدي إلى زيادة مؤكدة في أسعار خدمات العمرة وبالتالي البرنامج ككل”.
وأضاف السيسي في تصريحات صحفية أن رسوم ومصروفات رحلات العمرة بما فيها الإقامة تسدد من جانب شركات السياحة قبل موعد الرحلة بأسبوع ، موضحا أن الارتفاع المفاجئ في أسعار العملة سوف يلقي بظلاله على أسعار رحلات شهر رمضان ، بنسبة قد تصل إلى ١٠٪ مقارنة بالأسعار المعلنة قبل قرار رفع سعر الفائدة.
وأكد أن الشركات أُصيبت بحالة ارتباك عقب تغير سعر العملة، وتنتظر حاليا الإعلان من جانب شركات الطيران عن الأسعار الجديدة ، منوها إلى أن شركات السياحة أعلنت بالفعل عن برامجها لشهر رمضان وتلقت مقدمات حجز من بعض العملاء، لكن الرؤية ليست واضحة حول تكلفة هذه البرامج وكيفية إقناع العملاء بها ويرجع ذلك لعدم استقرار أسعار الصرف.
ونصح السيسي الراغبين في أداء العمرة بالتوجه لشركات السياحة ومراجعة التعاقدات التي سددوا مقدم الحجز الخاص بها للوقوف على التفاصيل النهائية لسعر البرنامج.
وأشار إلى أن أسعار الفنادق في السعودية كما هي ، لكنها أصبحت مرتفعة بالنسبة للشركات المصرية طبقا لتغير سعر العملة، لافتا إلى أن برامج عمرة رمضان مباعة بالكامل لكن مسدد عنها مقدمات حجز فقط وتنتظر الشركات والعملاء ما ستسفر عنه الأزمة الحالية لتحديد سعر نهائي.