بعد التصفية والتشريد.. أزمة “يونيفرسال” تشعل الغضب العمالي ضد الانقلاب

- ‎فيأخبار

قطاع كبير من عمال مصر يعانون في زمن الانقلاب من أوضاع اقتصادية مأساوية فاقمت من ضراوتها تداعيات فيروس كورونا المستجد الذي أطاح بآلاف العمال إلى أرصفة الطرق والشوارع، فيما دفع الكثيرين منهم إلى قبول إجراءات أخرى قاسية كتقليص الرواتب ومضاعفة الجهد المبذول ، وهو ما انعكس على الحالة المعيشية للسواد الأعظم من المصريين.

في أكتوبر الماضي أنهت أكثر من 40 شركة عقود عمل عشرات الآلاف من العمال ، بعضهم كان يقبع في وظيفته لعشرات السنين، وهو ما صعّد من حالة الاحتقان لدى العمال .

وكشف تقرير أصدرته دار الخدمات النقابية والعمالية، بعنوان "أوضاع العمال المصريين في ظل أزمة كورونا وآفاق المستقبل" أن خروج العمال عن صمتهم وتكسيرهم لقيود التهديد والوعيد السلطوية والتنفيس عن حالة الغضب التي تخيم عليهم ، يعكس بشكل واضح إلى أي مدى وصلت الأوضاع على أرض الواقع.

وأكد التقرير أن هذه الأوضاع الصعبة تنسحب على قطاعات أخرى كثيرة لم تُتح لهم الفرصة في الاحتجاج ، وعلى رأسهم الفلاحون والمزارعون ممن يعانون من أحوال بالغة السوء .

 

أزمة يونيفرسال

في هذا السياق يعاني عمال شركة «يونيفرسال» من أزمات طاحنة، تتعلق بتأخر صرف مستحقاتهم المالية، وحرمانهم من الحوافز، الأمر الذي أصبح يهدد حياتهم المعيشية، بسبب أوضاعهم المالية المتأزمة.

تعود أزمة عمال «يونيفرسال» والذين كان يبلغ عددهم حينها 5700 عامل، إلى عام 2019، عندما امتنعت الإدارة عن صرف مرتبات عمال الشركة.

ونظم العمال حينها، إضرابا عن العمل، احتجاجا على تأخر رواتبهم، وهو ما دفع  وزارة القوى العاملة بحكومة الانقلاب للتدخل بزعم حل الأزمة، وألزمت صاحب الشركة بدفع نصف الرواتب المتأخرة لمدة 6 أشهر.

كما حصل صاحب الشركة على قرض بنحو 240 مليون جنيه لشراء الخامات وتشغيل الشركة التي ادعى أنها متعثرة، بكافة طاقتها.

وتوصل عمال الشركة إلى اتفاق مع الإدارة، في شهر أكتوبر من العام الماضي 2021 بعد 20 يوما من الإضراب عن العمل، عبر جلسة مفاوضة جماعية، التزمت الإدارة بصرف الرواتب والحوافز المتأخرة للعمال على دفعات بجدول زمني حدده محضر الاتفاق، وهو ما لم يتم تنفيذه، لتعود الأزمة من جديد إلى السطح، بسبب عدم تنفيذ الوعود.

واشتكى العمال من عدم صرف الرواتب، والحرمان من الحوافز، والتي تسببت في كثرة الديون عليهم، وكذلك زيادة معدلات الطلاق بسبب عدم الوفاء بالتزاماتهم.

 

سيناريو التصفية

حول أزمة العمال وتعنت إدارة الشركة قال محمد كمال، أحد العمال بالمصنع، إن "الأزمة جاءت بسبب التأخر في صرف الرواتب، وعندما تدخلت وزارة القوى العاملة بحكومة الانقلاب تم دفع نصف الرواتب فقط ".

وأضاف كمال في تصريحات صحفية أن الأزمة عادت من جديد خلال شهر سبتمبر الماضي ، حينما وجدنا أن رواتبنا لا يتم دفعها مرة واحدة، مؤكدا أن راتب شهر ديسمبر الماضي تم صرفه على حوالي 15 مرة.

وأشار إلى أن الإداريين ومن تتجاوز رواتبهم الـ5 آلاف جنيه لم يتقاضوا رواتبهم منذ أكثر من ثلاثة أشهر، مطالبا بصرف المستحقات المتأخرة، وكذلك حسم موقف الشركة ، وعما إذا كانت لديها نية الاستمرار أم ستلجأ لسيناريو التصفية حتى لا يتكرر سيناريو الأزمات الحالي.

وتابع كمال أن الديون تفاقمت على العمال بشكل كبير ،حيث اضطروا للاستدانة لتغطية المصاريف، مشيرا إلى أنه بعد 18 سنة أصبح يبحث عن فرصة عمل من أجل أن يستطيع الإنفاق على أسرته في ظل الحياة الصعبة وارتفاع الأسعار.

 

مطالب شرعية

وقال علي حسام الدين، أحد المشرفين بالمصنع إن "وزارة القوى العاملة بحكومة الانقلاب نصحت العمال باللجوء إلى القضاء لحل أزمتهم، خاصة أن الشركة تنصلت من الوعود التي قطعتها على نفسها رغم التسهيلات التي وفرت لها ، مشيرا إلى أن قوى عاملة الانقلاب تزعم أنها لا تستطيع حل الأزمة ولا إجبار الشركة على دفع مرتبات العاملين".

وكشف حسام الدين في تصريحات صحفية أن هناك رغبة من قبل الشركة في عدم العمل وتسريح العمال، وكنا في السابق نستهلك أكثر من 100 طن ألمونيوم شهريا كمواد خام في حين أننا في الوقت الحالي لا نتعدى الـ3 أطنان .

وأوضح أن العمال يطالبون بمرتباتهم عن شهر 9 ونصف شهر 1 وحوافز أكثر من 16 شهرا وبدل مخاطر أكثر من سنتين، مؤكدا أن هذه مطالب شرعية جاءت نتيجة لتعب ومجهود، من العمال وعلى الشركة تنفيذها.

وأضاف حسام الدين: في السابق كان عددنا يفوق الـ5 آلاف عامل والآن بعد تسريح الآلاف منهم أصبحنا 3 آلاف عامل فقط ، مشيرا إلى أن العمال بصدد اللجوء إلى القضاء ، حيث تم جمع توكيلات أكثر من 900 عامل لرفع دعاوى قضائية.

 

حقوق العمال

وقال شعبان خليفة، رئيس نقابة العاملين بالقطاع الخاص، إنه "سيتم انتهاج الطريق القضائي من قبل العمال للحصول على حقوقهم المادية وفقا للقانون ومواجهة تعنت صاحب العمل معهم فيما يتعلق بحقوقهم".

وقال خليفة في تصريحات صحفية "ما السر في تعمد إدارة الشركة عدم إيجاد مواد خام لمواصلة العمل والانتاج؟ وما السر في محاولة عدم تشغيل المصنع ؟مؤكدا أن العمال حريصون على الاستمرار في العمل".

وكشف عن تضرر العمال بشكل كبير من هذه الأوضاع ومن التعنت الذي تمارسه الشركة وعدم صرف المرتبات والحوافز والبدلات ، مؤكدا وقوع ما يزيد عن 200 حالة طلاق بسبب الأزمة المادية، فضلا عن إصابة البعض بجلطات .

وأشار خليفة إلى وفاة أحد العمال بطريقة غير معلومة حتى الآن، وأنه طلب من زملائه ممن يدين لهم بالأموال أن يسامحوه ، وترك رسالة مؤثرة تشير إلى احتمالية انتحاره بسبب الظروف التي يمر بها.

وأضاف، لما عامل عندك توفي، ما المكافأة التي ذهبت لأسرة وأطفال العامل الذين لا يتجاوز سن أكبرهم 6 سنوات، لما أبوهم مات وتركهم على فيض الكريم، وهل أسرته صرفت مستحقاته ولا إيه ؟ متابعا، اللي حصل أنهم أرسلوا نص شهر متأخر وشهرين مصاريف جنازة .

وأكد حليفة أن دولة العسكر منحت المستثمر الأراضي ومكنته من إيصال المرافق وقدمت له تسهيلات كبيرة من أجل التشغيل والعمل لتوفير فرص عمل للمواطنين ، لكن رغم ذلك تواصل إدارة الشركة التعنت من أجل تسريح العمال الذين لا يجدون من يدافع عنهم أو يحنو عليهم .