البيان الذي أصدرته منظمة «هيومن رايتس ووتش» الحقوقية، الجمعة 29 إبريل 2022م، والذي تنتقد فيه حملة التضييق التي تمارسها سلطات انقلاب 3 يوليو ممثلة في وزارة الأوقاف على حرية العبادة الخاصة بالمسلمين ومنع صلاة التهجد والاعتكاف وتقليص مدة صلاة عيد الفطر، ثم دعوتها سلطات الانقلاب إلى رفع القيود المفروضة على المسلمين لإقامة شعائرهم الدينية بكل حر ية؛ هو وثيقة تاريخية بمعنى الكلمة؛ لأنها توثق شكلا من أشكال الاضطهاد الذي يتعرض له المسلمون في مصر في عهد الطاغية عبدالفتاح السيسي.
هذا البيان هو وثيقة إدانة لعهد كامل ومرحلة كاملة لو كانوا يعلمون؛ حيث أوضحت المنظمة الدولية المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان أنّه في 20 إبريل 2022، أعلن وزير الأوقاف محمد مختار جمعة حظر الصلوات والشعائر التي تنفرد بها آخر أيام رمضان، وفرض قيودا على الصلاة والاحتفال بعيد الفطر، الذي يأتي ختاماً لشهر رمضان.
وقالت في تقريرها: «استخدم وزير الأوقاف المصرية وسائل التواصل الاجتماعي لإصدار حظره الكامل الاعتكاف وصلاة التهجد، وهما شعيرتان إسلاميتان تُؤدَيان عادة خلال ليالي رمضان الأخيرة. الاعتكاف هو قضاء الليالي العشر الأواخر من رمضان في المسجد، بينما تُقام صلاة التهجد في منتصف الليل، وغالبا تترافق مع الاعتكاف. يرى مسلمون كُثر أن صلوات الاعتكاف تحمل بركة خاصة في رمضان». واستنكر نائب مديرة الشرق الأوسط في المنظمة جو ستورك هذه الممارسات القمعية ضد المسلمين مؤكدا أن "فرض المسؤولون المصريون قيودا غير مقبولة على المصلين بشأن مكان وزمان الصلاة في شهر رمضان والعيد. يجوز تقييد الممارسات الدينية فقط إذا كانت لذلك ضرورة قصوى للصحة والسلامة العامة".
قرار جمعة الاضطهادي ضد المسلمين برره الوزير بأنه يستهدف الحد من انتشار فيروس كورونا؛ لكن الحكومة لم تعلن أي قيود على أي نشاط في مصر، وقررت في 27 مارس 2022م أنه سيسمح بمناسبات المساجد وحفلات الزفاف والاحتفالات في "قاعات الفنادق المغلقة" خلال شهر رمضان "شريطة الالتزام بالإجراءات الاحترازية". كما تزامن قرار جمعة مع السماح بالمهرجانات والاحتفالات المتنوعة في الداخل والهواء الطلق على حد سواء؛ فلماذا تنفرد المساجد دون الكنائس بهذه القيود التعسفية؟ ولماذا توضع العراقيل أمام المسلمين لحرمانهم من أداء شعائرهم دون غيرهم؟ ولماذا يصر السيسي على اضطهاد المسلمين في بلد يدين بالإسلام وغالبيته مسلمون؟!
وفي 14 إبريل 2022م، أعلن جمعة أن خطبة عيد الفطر، وهي طقوس مهمة بمناسبة نهاية شهر رمضان، يجب ألا تتجاوز عشر دقائق بدل ساعات كما هي العادة. وفي 19 إبريل 2022، حظر هشام عبد العزيز، وهو مسؤول كبير بوزارة الأوقاف، صلاة العيد خارج المساجد في الشوارع والساحات العامة. قال أيضا إن صلاة عيد الفطر يجب أن تُقام فقط في مساجد تختارها الوزارة، وليس في جميع المساجد. وفي 25 إبريلن، تراجَع جمعة عن قرار حظر صلاة التهجد بعد رد فعل عنيف على وسائل التواصل الاجتماعي. لا تزال القيود مفروضة على الاعتكاف وخطبة العيد واحتفالات العيد.
بيان المنظمة الحقوقية كشف أن "هيومن رايتس ووتش" اطلعت على صور وفيديوهات تقوم خلالها دوريات وزارة الأوقاف لحراسة أبواب المساجد لمنع إقامة صلاة التهجد ومنع المصلين من حقهم في أداء شعائرهم. وقالت المنظمة إنه في أحد الفيديوهات، دخلت دورية مسجد المراغي في حلوان أثناء صلاة العشاء يوم 24 إبريل، وقطعت الصلاة وأمرت المصلين بالخروج. في 25 إبريل، نفت وزارة الداخلية وقوع الحادث. في 21 إبريل، اعتقلت قوات الأمن الصحفية صفاء الكوربيجي، الموظفة السابقة في مجلة الإذاعة والتلفزيون، بعد أن نشرت فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي تشكو فيه من القيود على خطبة عيد الفطر، وتدعو إلى استمرار الخطبة سبع ساعات. في 24 إبريل، أخذها المسؤولون إلى نيابة أمن الدولة، التي اتهمتها بنشر أخبار كاذبة والانضمام إلى جماعة محظورة.
يشار إلى أنه بموجب المادة 18 من "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية"، تشمل حرية الدين حق المرء في ممارسة عقيدته بشكل جماعي وعلني. يضمن "الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب"، ومصر دولة طرف فيه، حرية ممارسة الشعائر الدينية. تعترف المادة 64 من دستور مصر لعام 2014 بالحق في ممارسة الشعائر الدينية بحرية. كما تقرّ قوانين حقوق الإنسان بأن القيود على بعض الحقوق يمكن تبريرها عندما يكون لها أساس قانوني، وتكون ضرورية للغاية بناء على الأدلة العلمية، ومتناسبة لتحقيق الهدف. ووفقاً لستورك: "يبدو أن هذه القيود على حرية ممارسة الدين تعسفية تماما، وهي دليل آخر على افتقار الحكومة المصرية إلى التسامح مع حرية التعبير في جميع المجالات".