نقل «محاكمات  الإرهاب» من طرة إلى بدر.. السيسي يواصل الانتقام من المعتقلين

- ‎فيحريات

في برهان على إصرار نظام الدكتاتور عبدالفتاح السيسي على الانتقام من عشرات الآلاف من المعتقلين السياسيين وأسرهم وأهاليهم؛ أصدر وزير (العدل) بحكومة الانقلاب عمر مروان، مؤخرا، إنشاء مأمورية تتبع محكمة استئناف القاهرة بمجمع سجون بدر شرقي القاهرة والتي تبعد 68 كم عن القاهرة؛ وبذلك تنتقل محاكمات قضايا الإرهاب  إلى مجمع سجون بدر؛ وهو ما يمثل تعسفا وانتقاما من عشرات الآلاف من المعتقلين ظلما في سجون النظام العسكري الذي اغتصب حكم مصر بانقلاب عسكري في يوليو 2013م.
وأنشئت مأمورية استئناف القاهرة بطرة في ديسمبر 2018، وفي يوليو 2019 أصدر رئيس محكمة الاستئناف قرارًا بإنشاء إدارة جنائية مستقلة خاصة بدوائر الإرهاب مقرها مجمع محاكم طرة، وأسند إليها كافة الأعمال الإدارية والفنية الخاصة بقضايا الإرهاب.
وينقل موقع "مدى مصر" عن محامين قولهم إن القرار متعسف في حق المحامين وأهالي المتهمين في القضايا ذات الطابع السياسي المتعلقة بحرية الرأي، الذي بات عليهم تكبد الانتقال إلى منطقة غير مأهولة بالسكان تبعد بأكثر من 68 كيلو متر عن وسط القاهرة لحضور المحاكمات، وإخلالًا بضمانات المحاكمة العادلة التي تستوجب تقريب جهات التقاضي، فضلًا عن عدم انعقاد المحاكم في مقار شرطية.
وتضمن القرار الذي نشرته الجريدة الرسمية، الخميس الماضي، برقم 5959 لسنة 2022، توجيه الإدارات المختصة بوزارة العدل والنيابة العامة بتنفيذ قرار «إنشاء مأمورية بمجمع مركز إصلاح وتأهيل بدر (مجمع سجون بدر)» تتبع محكمة استئناف القاهرة، وتختص بنظر المحاكمات الجنائية، وذلك بدلاً من مقر انعقادها الحالى بجوار مبنى معهد أمناء الشرطة بطرة.
القرار الجديد من شأنه أن يرهق المحامين وأهالي المعتقلين ماديًا  وصحيا؛ لارتفاع تكلفة الوصول إلى سجن بدر فضلًا عن طول مدة الوصول  إليه زمنيًا، مما سيترتب عليه إحجام المحامين عن قبول القضايا السياسية وقلة عدد من تتيح لهم ظروفهم المادية الحضور مع المتهمين في ظل عدم امتلاك كثير من المحامين وأهالي المعتقلين لسيارات خاصة.
من جانب  آخر، لم يوضح قرار وزير (العدل!) مبررات القرار، وما إذا كانت بسبب إخلاء مجمع سجون طرة وعدد من السجون العمومية الأخرى على مستوى الجمهورية ونقلها إلى مراكز جديدة بمناطق أقل في القيمة الاستثمارية بحسب وصف وزارة الداخلية في بيان أصدرته في أكتوبر الماضي، كما لم يتطرق إلى الترتيبات الخاصة بانتقال المحامين، ما اعتبره الجنادي وكذلك المحامي طارق خاطر أمرًا بعيدًا عن أولويات وزارة العدل، وشدد خاطر على أن المحامين لم يتم التشاور معهم بشأن هذا القرار أو غيره من عشرات القرارات التي تصدر يوميًا من جهات التقاضي بنقل انعقاد مقار المحاكمات إلى أماكن أخرى بدون تحديد مبرر واضح للمحامين وكذلك أهالي المتهمين.
ورصدت الجبهة المصرية لحقوق الإنسان، خلال النصف الأول من عام 2022، أداء دوائر الإرهاب في مرحلة ما قبل المحاكمة، انعقاد 3 دوائر فقط بمجموع 70 جلسة، نظرت فيها أمر تجديد حبس 13097 متهماً على الأقل موزعين على 1120 قضية، وذلك خلال 61 جلسة، بخلاف 9 جلسات -على مدار حوالي أسبوعين- تم خلالها النظر في 144 قضية ولكن لم تتوفر معلومات بخصوص عدد المنظور في أمر تجديد حبسهم.  
وأصدرت هذه الدوائر في هذه الفترة قرارات بإخلاء سبيل ما لا يقل عن 343 متهماً في هذه القضايا، بنسبة لا تزيد عن 2.7% من إجمالي عدد المتهمين المعروضين أمامها. وتمثل تلك النسبة تراجعاً كبيراً مقارنة بنسبة الإخلاءات وعدد أوامر تجديد الحبس خلال إجمالي عام 2021، إذ أخلت دوائر الإرهاب 3.6% من إجمالي المتهمين المعروضين في جلسات تجديد الحبس أمامها.
وبحسب رصد الجبهة المصرية لحقوق الإنسان لقرارات هذه الدوائر على مدار الستة أشهر الأولى من عام 2022، فقد استمرت الدوائر في إهدار حق المتهمين في افتراض البراءة من إخلال إصدار قرارات باستمرار حبس المتهمين أكثر من إصدار قرارات بإخلاء سبيلهم. كما مارست بعض هذه الدوائر تعسفا غير مفهوم ويناقض نصوص الدستور والقانون فلم تسمح للمحامين بالدفاع بحرية في مرافعاتهم. وحسب الجبهة، لم تستجب دوائر الإرهاب بشكل عام خلال النصف الأول من عام 2022 لاحتياجات الحالات المرضية للمتهمين، حتى مع وجود تقارير طبية صادرة من إدارات السجون بشأن حالاتهم، فلا تعتبر الدوائر الثلاث الأمراض المستعصية سببا كافيا لإصدار قرار بإخلاء سبيل المتهمين، كما تتجاهل تعرض العديد منهم لضغوط نفسية داخل السجن يمكن أن تؤدي بهم إلى الانتحار، مثل ما يثار حول حالة وفاة المتهم ياسر فاروق المحلاوي.