قالت ورقة بحثية لموقع الشارع السياسي إن "السيسي ونظامه وأجهزته يناقضون كل هذه التحذيرات ويصرون على تجويع ملايين المصريين من خلال تخفيض مخصصات الدعم؛ الأمر الذي يمكن أن يفضي إلى زعزعة استقرار البلاد واندلاع ثورة جياع إذا استمرت الأوضاع ماضية على النحو القائم والكئيب".
أسباب محلية
وفسرت الورقة أن زيادة أسعار الغذاء محليا بهذا الشكل في مصر رغم تراجعها عالميا لا علاقة له بتفشي جائحة كورونا أو الحرب الروسية الأوكرانية، بل لأسباب محلية بحتة أبرزها على الإطلاق انعدام الكفاءة في إدارة البلاد، والفشل الصارخ في إدارة موارد الدولة على نحو صحيح، والتواطؤ مع مافيا الاحتكار التي تضخمت بشدة في مرحلة ما بعد انقلاب 3 يوليو 2013م، والبرهان على ذلك أزمة الأرز؛ فرغم أن مصر تحقق منه الاكتفاء الذاتي إلا أن أسعاره ارتفعت في غضون الشهور الأخيرة من 6 جنيهات للكيلو إلى 18 جنيها حاليا.
وأضافت أن أزمة شح الدولار وقيود الاستيراد رفعت أسعار القمح والدقيق عن الأسعار العالمية وهو ما يحدث لأول مرة في تاريخ مصر؛ فأسعار الخبز والدقيق أعلى من الأسعار العالمية وتصل إلى الضعف فالطن عالميا يصل إلى 9 آلاف جنيه بينما في مصر يدور بين 15 و16 حتى 19.9 ألف جنيه.
حجم الأزمة
ونبهت الورقة إلى أن مصر تواجه حاليا مشكلة في أمنها الغذائي على نحو خطير وغير مسبوق، لا سيما في ظل شح الدولار وانخفاض قيمة الجنيه، وتزايد معدلات التضخم، فمصر تستورد نحو 65% من غذائها، وتصل بوابة الأهرام الحكومية بالنسبة إلى نحو 80%.
واستندت إلى تصريحات للخبير الزراعي الدكتور نادر نور الدين الذي أشار إلى مصر تتربع على قمة الدول المستوردة للقمح بحجم 13.5 مليون طن سنويًا، ونُعتبر رابع أكبر مستورد للذرة الصفراء بنحو 10 ملايين طن سنويا، وخامس أكبر مستورد لزيوت الطعام بنحو 3 ملايين طن سنويا، ومعها 1.25 طن من السكر ونحو 50% من احتياجاتنا من اللحوم الحمراء والألبان المجففة، و100% من احتياجاتنا من العدس ونحو 80% من الفول.
وضع متدهور
وقالت الورقة إن "هذا الوضع المتدهور في الأمن الغذائي المصري يوجب على نظام الحكم إعادة هيكلة لتحويل الزراعة إلى مهنة مربحة للفلاح والحفاظ على الأراضي الزراعية وزيادة مساحتها والحد من توغل العمران عليها، ووضع استراتيجيات لإنتاج الغذاء تحت ظروف الشح المائي وتحت ظروف الاحترار العالمي وارتفاع درجات الحرارة واستهلاك الزراعة مياها أكثر لإنتاج نفس الكم الحالي من الغذاء والإنفاق على البحث العلمي لإنتاج غذاء أكثر من مياه أقل ومن حاصلات تتحمل العطش وزيادة درجات الحرارة".
وأوضحت أنه "في ظل موجات الغلاء الفاحش وتآكل قيمة الأجور والمرتبات بفعل التضخم وانخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار، كشف النظام عن وجه رأسمالي متوحش لا يليق بالدول والحكومات بل بالمافياوات المسعورة؛ فتم تقليص مخصصات الدعم حتى إنها لا تصل إلى 3% فقط من حجم إنفاق الموازنة العامة للدولة".
تجاهل الفقراء
وأكدت الورقة أن السيسي والنظام يتجاهلان أن للدعم الحكومي للفقراء وظيفة أمنية كبيرة "ذلك أن الدعم إنما يحقق شيئا من العدالة المالية المفقودة داخل المجتمع، ويعتبر جدار حماية للمجتمع من الفوضى والانزلاق نحو صراع أهلي بين الفقراء المحرومين من كل شيء والأثرياء الذين يتمتعون بكل شيء".
واستندت الورقة إلى دراسة عن سياسات الدعم الحكومي في مصر وأثرها على الاستقرار السياسي والاجتماعي، بعنوان « سياسات الدعم الحكومي في مصر وأثرها على الاستقرار السياسي والاجتماعي» أعدها الباحثان محمد مصطفى عبدالباسط ونوير عبدالسلام، ونشرت سنة 2018م بمجلة كلية التجارة للبحوث العلمية بجامعة أسيوط.
حيث استعرضت الدراسة تاريخ الدعم الحكومي في مصر، ومراحل تطور سياسات الدعم الحكومي في مصر وحجم الإنفاق الحكومي الموجه لها، والتي تتمثل في مرحلتين، هما المرحلة الأولي من (1991 – 2011)، والثانية من (2011 – 2016) كما كشفت عن أثر سياسات الدعم الحكومي على حالة الاستقرار السياسي والاجتماعي و«تبين وجود علاقة وطيدة بين الاستقرار السياسي وسياسات الدعم الحكومي، فكلما كانت سياسات الدعم أكثر انضباطا ومناسبة للفئات المستحقة له كلما تمتع النظام السياسي بالاستقرار السياسي.
واختتمت الدراسة مؤكدة على إنه ليس من البديهي في ظل حالة من ارتفاع الأسعار أن تقوم الحكومة بوضع سياسة دعم تهدف إلى تخفيض عدد السلع المدعومة أو تقليل أعداد المستفيدين من الدعم، ففي هذه الفترة وفي ظل ارتفاع أسعار السلع الأساسية ستكون هذه السياسة أو هذا القرار عنيفا وقاتلاً لفئة عريضة من الفقراء ومحدودي الدخل، لذا يجب على متخذ القرار أن يبدأ البداية المناسبة حتى يجد صدى إيجابيا للقرار أو السياسة التي قام باتخاذها".