جنون في أسعارها.. حتى ساندوتشات الفول والطعمية يحرم السيسي المصريين منها

- ‎فيتقارير

الارتفاع الجنوني في أسعار الفول يمثل تهديدا لوجبة المصريين الأساسية في الإفطار التي تعتمد على الفول والطعمية، كما أن هذه الوجبة تمثل طعام الغلابة طوال اليوم ، لأنهم لا يستطيعون شراء اللحوم والدواجن والأسماك ، لكن بعد ارتفاع الأسعار أصبح الحصول على ساندوتش فول أو طعمية مشكلة تواجه عددا كبيرا من المصريين حيث وصل سعر ساندوتش الفول أو الطعمية لـ3 جنيهات ، وفي بعض المناطق الراقية تقدم بـ10 جنيهات، وقرص الطعمية بجنيه، وقد يصل إلى 5 جنيهات في بعض المناطق ، الأمر الذي انعكس على عدد كبير من المصريين، فوجبة الإفطار لفرد واحد في منطقة شعبية تصل إلى 15 جنيها، وإذا كانت أسرة مكونة من 3 أفراد قد تصل إلى 50 جنيها خاصة بعد وصول سعر رغيف العيش إلى جنيه ووزنه لا يزيد على 90 جراما.

 

حمل ثقيل

حول ارتفاع أسعار الفول والطعمية قال صابر خلف الله عامل "الغلاء جعل وجبة الفول والطعمية حملا ثقيلا، مشيرا إلى أن أسرته المكونة من 4 أبناء وزوجته يحتاجون إلى 40 جنيها للإفطار على الأقل ، وكل واحد يأكل قرصين طعمية ومش بيشبع .

واضاف خلف الله، إن يوميته 150 جنيها يصرف منها 50 جنيها للإفطار والغداء أثناء العمل، و40 جنيها لإفطار الأسرة، متسائلا ماذا يتبقى لتوفير باقي الوجبات لهم وماذا يتبقى لتعليمهم وعلاجهم؟

 

سعر طن الفول

وقال عارف السيد، صاحب محل فول وفلافل، بمنطقة جاردن سيتي، إن "سعر ساندوتش الفول أصبح خمسة جنيهات، بسبب ارتفاع متوسط سعر طن الفول البلدي بسوق الجملة إلى 20 ألف جنيه مقابل 14500 جنيه قبل الزيادة، مشيرا إلى أن كيلو الفول المستورد يباع ما بين 24 و26 جنيها، وكيلو الفول البلدي ما بين 28 و32 جنيها، والمدشوش ما بين 23 و25 جنيها للكيلو.

وكشف السيد في تصريحات صحفية أن سعر طن الفول المستورد في سوق الجملة يصل إلى 10 آلاف جنيه بعد أن كان 9 آلاف جنيه قبل الزيادة، ويتراوح سعر كيلو الفول المستورد في الأسواق بين 14 و16 جنيها، ويتراوح سعر طن الفول البلدي حاليا بين 20 و24 ألف جنيه، وكل هذا كان سببا في ارتفاع أسعار ساندوتش الفول .

وتابع ، طبعا الكلام ده غير مصاريف إيجار المحل والعمالة والكهرباء والمياه، هنجيب ده كله منين  فلازم نعوّض .

وبشأن بعض المحلات التي قررت عدم منح الزبون المخلل مجانا مع الساندوتش ودفع 3 جنيهات قيمة كيس المخلل، قال  "هذه حيلة لجأ لها أصحاب المحلات لزيادة أرباحهم، مشيرا إلى أن هناك محلات تحقق أرباحا تقدر ب3 آلاف جنيه مكسب يوميا من بيع المخللات فقط ، وهذا ما جعل غيرهم يفكرون بنفس الطريقة".

 

الزبون الضحية

وقال جمال صادق صاحب محل فول وفلافل بمنطقة الإسعاف، إن "صاحب المحل مبيتغلبش، والزبون هو الضحية".

وكشف صادق في تصريحات صحفية أن هناك العديد من الحيل التي من خلالها يتمكن صاحب المحل من تحقيق مكاسب مادية بعد ارتفاع سعر الفول، منها خلط الفول والفلافل بالأرز والعدس والخبز، بحيث تكون داخل القدرة الواحدة ما بين الثلث والثلثين أرز وعدس وخبز .

وأشار إلى أن بعض أصحاب المحال يقومون ببل الخبز وفرمه مع الفلافل حتى لا تشرب كمية كبيرة من الزيت.

 

ثقافة خاصة

تعليقا على ارتفاع أسعار الفول قالت الخبيرة الاقتصادية الدكتورة وفاء على إن "هذه الوجبة شكلت لنفسها ثقافة خاصة استمدت قوتها من طبيعة حب المصريين لها، ومن ارتباط أشكالها بذكريات وتجمعات أسرية، وارتباطها الوثيق بشهر رمضان المعظم ، مما جعله يأخذ حظه من حياة الشعب المصري، موضحة أنه حتى عندما تطورت المجتمعات تم تعليب الفول وأصبح القدر الصغير موجودا في معظم البيوت التي تقوم بتدميس الفول في شهر رمضان".

وأضافت وفاء علي في تصريحات صحفية، الفول المدمس جزء من تاريخنا منذ الفراعنة وما زال بطل الموائد ومع زيادة عدد السكان أصبح استهلاك مصر من الفول البلدي كبيرا ، خصوصا أننا نستورد أكثر من ٧٥ % من احتياجاتنا منه طبقا لبيانات عام ٢٠٢١ لتبلغ قيمته حوالي ١٨٠مليونا و٧٣ ألف دولار مما يضغط على العملة الصعبة ، وبالتالي يؤثر سلبا على مستوى معيشة المواطن.

وأشارت إلى أنه نتيجة التعدي على الأراضى الزراعية وتحويلها إلى مبان والاستغناء عن زراعة الفول البلدي انخفض حجم الاكتفاء الذاتي إلى ٣٠% مع زيادة معدل الاستهلاك بسبب الزيادة السكانية المطردة.

وتابعت، تشير البيانات إلى أن حجم استهلاك المصريين من الفول يصل لـ ٧٠٠ ألف طن سنويا، وترتفع كمية الاستهلاك الشهري خلال شهر رمضان، مطالبة بزيادة المساحة المزروعة من الفول إلى ٣٥٠ ألف فدان مما يحقق إنتاجا كليا يصل إلى ٤٨٠ ألف طن لتحقيق الاكتفاء الذاتي.

 

غير قابل للتنفيذ

وأكد الدكتور محمود إبراهيم عبدالمحسن، الأستاذ المتفرغ بمركز البحوث الزراعية، أن تحقيق الاكتفاء الذاتي من الفول أمر غير قابل للتنفيذ، لأنه محصول شتوي يزرع من شهر نوفمبر حتى شهر مايو، وينافسه محصولا القمح والبرسيم، مشيرا إلى أن محصول القمح يقدر من 3 إلى 3 ونصف مليون فدان وهو محصول استراتيجي لا يمكن الاستغناء عنه، ومعه 3 ملايين فدان برسيم، ليكون إجمالي الأراضى المزروعة بهما 6 ونصف مليون فدان .

وتساءل عبد المحسن في تصريحات صحفية، كم يتبقى لزراعة الفول بجانب هذه المحاصيل؟ مؤكدا أن المساحة الزراعية في مصر لا تكفي لزراعة الفول بالقدر الكافي لتنخفض أسعاره في الأسواق.

وأشار إلى أن متوسط استهلاك الفرد من الفول سنويا يصل إلى 6 كيلو جرامات، ولكي يتم تحقيق الاكتفاء الذاتي لابد من زراعة ما بين 400 إلى 450 الف فدان على مستوى الجمهورية ، مؤكدا أن جميع أسعار الحاصلات ارتفعت بشكل كبير، خاصة مع اعتمادنا على الاستيراد والاكتفاء بتصدير الفواكه .

وأوضح عبد المحسن أن هناك حلولا للخروج من هذه الأزمة، منها التوسع الرأسي في زراعة الفول من خلال زراعته بجانب المحاصيل الأخرى في الشتاء واستغلال مساحة الأراضي الفارغة في منطقة النوبارية والتي تقدر بـ100 ألف فدان.

وتابع، يمكن أيضا زراعة الفول بجانب بنجر السكر والتي تقترب مساحته على مستوى الجمهورية من 700 ألف فدان إلى مليون فدان، مطالبا وزارة زراعة الانقلاب بإعادة الدورة الزراعية، لنتمكن من زراعة الفول بجانب المحاصيل الأخرى .

وشدد عبدالمحسن على ضرورة تولي دولة العسكر مسؤولية استيراد وتصدير الحاصلات الزراعية، مشيرا إلى أن ما يحدث الآن هو شراء التجار المحاصيل من المزارعين بـتراب الفلوس ، ويقومون بتصديرها بأسعار عالية، أو استيراد المحاصيل المطلوبة في السوق المصري وبيعها بالأسعار التي تحلو لهم.