سيدة هزت عرش فراعين العسكر وحفرت اسمها في ذاكرة الكرامة المصرية، وأطلقت لأجلها منظمة العفو الدولية حملة دعت فيها السفاح السيسي إلى الإفراج عنها، هي ابنة القيادي في جماعة الإخوان المسلمين خيرت الشاطر، وزوجها المحامي محمد أبو هريرة، اللذين تعتقلهما عصابة العسكر منذ سنوات، ويخضعان للمحاكمة أمام محاكم أمن الدولة طوارئ، في ظروف قاسية وسط إهمال طبي جسيم.
إنها عائشة ابنة القيادي خيرت الشاطر، والتي تتابع الأخبار أن حالتها الصحية حرجة، وأن وضعها الصحي يقترب من الموت، ذلك أنها تحتاج لعملية زرع نخاع شوكي، وهو أمر لا يمكن أن يتم في مستشفى السجن، وربما أيضا لا يتم في مصر كلها، ولأنها من جماعة الإخوان التي تكالب عليها العسكر في الداخل، والصهاينة وحلفائهم في الخارج، فلن تتم معاملتها إنسانيا ومنحها حقها في العلاج، أسوة برجل الأعمال السجين محمد الأمين، والذي توفي قبل يومين أثناء تلقي العلاج في مستشفى السلام الدولي.
أين تجار حقوق المرأة؟
ما تمر به عائشة وأخواتها في سجون العسكر لا مجال معه للحديث عن التمارض واصطناع الألم، هذا أمر تكشفه التحليلات والبيانات، لكن ما الذي يمنع الإفراج عن عائشة الشاطر، إلى الآن لا تُعرف التهمة التي سُجِنت لأجلها أكثر من عام حتى الآن.
وقبل أشهر تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو مؤثر لأبناء عائشة خيرت الشاطر التي تم اعتقالها وعدد من الحقوقيين على رأسهم الحقوقية هدى عبد المنعم و 4 آخرين، يظهر نداءات من أبناء عائشة مصحوبة بالقهر والألم على والدتهم أمام مقر النيابة بعد منعهم من زيارتها، قائلين بصوت مرتفع حتى يصل إلى والدتهم "يا ماما جينالك أول إمبارح ومدخلوناش، وحشتينا قوي يا ماما، إزيك يا ماما، ياعائشة وحشتيني قوي يا عائشة، ربنا معاكي".
وناشدت منظمة العفو الدولية عصابة الانقلاب إخلاء سبيل عائشة وزوجها، بهدف تمكينها من الحصول على العلاج المناسب خارج السجن، مؤكدة أنها تعرضت للتعذيب، وتخضع وزوجها لظروف احتجاز قاسية، وحياتها معرضة للخطر بسبب الإهمال الطبي.
وأكدت المنظمة أن عائشة وزوجها يخضعان للمحاكمة بتهم زائفة على خلفية انتماءات أسرتهما وممارسة حقوقهما الإنسانية سلميا، وأنها تخضع لحبس انفرادي منذ فترة طويلة، وتُمنع عنها الرعاية الصحية اللازمة، وزيارة أسرتها، والتواصل مع محاميها.
وأوضحت المنظمة، في بيان نشرته عبر موقعها، أن عائشة تخضع للحبس الانفرادي في زنزانة ضيقة بلا تهوية أو مرحاض، وأرغمها السجانون على ارتداء ملابس خفيفة في الشتاء، ومنذ احتجازها وهي محرومة من التواصل مع أسرتها ومحاميها.
كما أشارت إلى معاناة عائشة من فقر الدم اللاتنسجي (حالة نادرة تحدث عندما يتوقف الجسم عن إنتاج قدر كاف من خلايا الدم الجديدة) ويزيد من فرص إصابتها بالتهابات ونزيف يصعب السيطرة عليها، وتمنعها السلطات من تلقي الرعاية الصحية اللازمة في مستشفى خارج السجن.
وتابعت أنها نقلت إلى مستشفى قصر العينى مرتين وكانت مكبلة اليدين وتنزف نزيفا حادا، وتحتاج إلى رعاية صحية متواصلة تحت إشراف طبيب متخصص في أحد المراكز الطبية التي تملك الإمكانيات اللازمة.
وختمت العفو الدولية بمطالبة السفاح السيسي بالإفراج عن عائشة الشاطر وزوجها من دون قيد أو شرط، وإسقاط جميع التهم الموجهة إليهما، إذ إنهما يحتجزان ويحاكمان لعلاقتهما بأحد قيادات جماعة الإخوان المسلمين فقط، كما ناشدت بإتاحة جميع الفرص لهما للتواصل مع أسرتيهما ومحاميهما، وضمان تلقيهما الرعاية الصحية اللازمة إلى حين الإفراج عنهما.
صادمة
وكانت منظمات حقوقية مصرية قد أفادت بتدهور الحالة الصحية لعائشة الشاطر في محبسها بسجن القناطر للنساء، ومعاناتها من مضاعفات صحية سلبية، كحدوث فشل في النخاع العظمي أدى إلى نقص حاد في خلايا الدم مثل الصفائح وكريات الدم الحمراء.
وأثارت صورة لـ"عائشة" ردود فعل واسعة بعد أن بدت شاحبة ومتعبة، وتداول ناشطون ومغردون صورة وصفوها “بالصادمة” وتساءلوا “متى تنتهي الاعتقالات في مصر؟”.
وقارن ناشطون بين صورتها قبل الاعتقال وبعد الاعتقال، وقالوا إن "ابنتها لم تتعرف عليها خلال مثولها في الجلسة ، بسبب الشحوب والوضع الصحي المتدهور الذي تعاني منه".
وطرح ناشطون تصورا أن الشيطان الذي يوحي إلى السفاح السيسي وجنوده وعناصر جيشه وأجهزة أمنه وإعلامه وقضائه بالقوانين الإجرامية كتب قانونا جَرَّم به عمل الخير، وقرر أن القانون هو أن يُقتل الإرهابي أو يُحبس ثم يكون من عقوبته ترك زوجته وأبنائه حتى يموتوا من الجوع؛ فهاهي عائشة قد أخذوها، وعذبوها وأفردوها في الحبس، واشتد عليها المرض، وصارت عبرة لمن يعتبر، وسينظر الجميع إلى عائشة خيرت الشاطر ليتذكر مصيرها فلا تجرؤ نفسه أن تحدثه أن ينفق على زوجة وابن الشهيد أو الأسير حتى يراهم يموتون جوعا خشية على نفسه، ها قد صارت عبرة فلماذا إذن لا يفرج عنها؟
وواجهت عائشة العديد من الانتهاكات الخطيرة منذ اعتقالها في 1 نوفمبر 2018، داخل مقر الأمن الوطني بالعباسية وفي سجن القناطر نساء، منها التعذيب البدني بالضرب والصعق بالكهرباء، والإيذاء النفسي وسوء المعاملة، ووضع غمامة على عينها بشكل شبه دائم، وتعريضها للإخفاء القسري لفترة وصلت إلى ثلاثة أسابيع، فضلا عن منع أسرتها من زيارتها أو الاتصال بها أو التواصل معها بأي صورة منذ نقلها إلى سجن القناطر، وستظل كلماتها في وجه قاضي العسكر تزلزل انقلابهم حين قالت وكأنها مؤمن آل فرعون "هذه المحكمة ستعاد وسيتغير الموقف ، أنتم اليوم بكل رتبكم جنود فرعون، إن شاء الله سنقف معكم على الصراط، وسنقتص منكم واحدا واحدا على كل لحظة ظلم ".