قضية مخدرات “منة شلبي”.. لماذا نظام السيسي هو المدان في كل الاحتمالات؟

- ‎فيتقارير

نظام الدكتاتور عبدالفتاح السيسي وأجهزته الأمنية هو المدان في قضية المخدرات المتهم فيها  الممثلة المعروفة منة شلبي؛ فكل الاحتمالات والأبعاد تؤكد أن النظام هو المدان الأول  في القضية للأسباب الآتية:

الجانب الأول في  القضية أن لها احتمالان:

الاحتمال الأول أن تكون الاتهامات حقيقية وقد جرى ضبط كمية المخدرات المرصودة في محاضر النيابة؛ فقد ضبطت سلطات جمارك مطار القاهرة  الممثلة الشهيرة ظهر الجمعة 25 نوفمبر 2022م  أثناء عودتها من الولايات المتحدة الأمريكية، ظهر الجمعة 25 نوفمبر 2022م متلبسة بتهمة "حيازة المخدرات"؛ حيث جرى احتجازها  لساعات  في إحدى غرف الاستقبال بالمطار  ححلحين اتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة، ثم تم إخلاء سبيلها على ذمة القضية بكفالة قدرها خمسون ألف جنيه (50 ألف جنيه). وأعلنت الجمارك المصرية أن تفاصيل المضبوطات شملت “6 أكياس بلاستيك مرقوم عليهم lychee بداخلهم نبات الماريجوانا المخدر بوزن 45 جراما، وكيسين بلاستيك مرقوم عليهما sherb بداخلهما نبات الماريجوانا المخدر بوزن 15 جراما، وكيس بلاستيك مرقوم عليه cannbrs فيهه نفس النبات المخدر بوزن 6 جرامات، وكيس بلاستيك مرقوم عليه parpie punch به نفس النبات المخدر بوزن 7 جرامات”.

فإذا كان ذلك صحيحا  فلماذا تم إخلاء سبيلها؟ وماذا لو كان المتهم مواطنا عاديا؛ هل كانت النيابة ستخلي سبيله بالكفالة كما جرى مع الممثلة المعروفة بالأدوار المنفلتة أخلاقيا؟ وهل قرار النيابة تم بمحض إرادتها أم بتدخل من مسئولين كبار بالدولة تربطهم بالممثلة الشهيرة علاقات قوية؟

ثم لماذا قضت المحكمة في القضية من أول جلسة، رغم أن محاكم النظام تترك آلاف المتعقلين محبوسين احتياطيا بتهم ملفقة لأكثر من عامين  دون أي محاكمة؟!  ولماذا جاء الحكم مخففا لدرجة  مثيرة للسخرية والشفقة؟ فقد أصدرت محكمة شمال القاهرة بحي العباسية، حكماً يوم الخميس 05 يناير 2023م، بحبس شلبي التي تغيبت عن الجلسة الأولى، في قضية اتهامها بتعاطي المخدرات، وتغريمها 10 آلاف جنيه مصري، بحضور عشرة محامين عن المتهمة على رأسهم محمد أبو شقة مستشار حملة السيسي الرئاسية للشئون القانونية! فلماذا  يتعامل قضاء السيسي برحمة وشفقة مع المتهمين في قضايا مخدرات بينما يتم التعامل بمنتهي القسوة والعنف مع المعارضين السياسيين المتهمين في قضايا ملفقة لا دليل عليها؟! وهو لو كانت مواطنة عادية هل كانت المحكمة ستترأف بحالها وتقضي هذا الحكم الذي يساوي في حقيقته البراءة؟!  ولماذا بات القضاء في مصر أعورا لا ينظر إلى القضية بعينين معصوبتين بناء على الجريمة  بل يحدد الحكم بناء على مرتكب الجريمة ومدى قربه أو بعده من النظام وأجهزته؟!

 

الاحتمال الثاني، أن القضية ملفقة؛ فالنظام أدمن تلفيق وفبركة القضايا؛ وكل القضايا التي حوكم فيها معارضو النظام منذ انقلاب 03 يوليو 2013م مفبركة ولا دليل عليها  سوى التحريات الأمنية؛ بل إن النظام غير قانون السلطة القضائية ومحكمة النقض خصيصا من أجل قوننة الأخذ بالتحريات الأمنية وحدها كدليل إدانة  في مخالفة صارخة لكل الأسس والمبادئ التي قامت عليها المحاكم في مصر. لكن ذلك يحدث مع معارضي النظام؛ فلماذا يتم تلفيق قضية لممثلة شهيرة؟! قد يبدو الأمر مستبعدا؛ لكن العالمين بطبيعة انحطاط ما يسمى بالوسط الفني يدركون تماما اليقين  أن للشهيرة ضريبتها، ولا تصل ممثلة إلى مصاف النجوم إلا بتنازلات مؤلمة للمنتجين  من جهة والمخرجين من جهة ثانية؛ والكل يعرف  بفضيحة المخرج خالد يوسف الذي دأب على ابتزاز ومساومة الممثلات الصغار  جنسيا من أجل اختيارهن للأدوار الكبرى في الأعمال السينمائية أو الدرامية. واليوم باتت الدولة ممثلة في جهاز المخابرات هي المنتج للغالبية الساحقة من الأعمال الدرامية والفنية، هي من تحدد النجوم وهي من تعاقب من تشاء بحرمانه من المشاركة في أي عمل فني أو درامي. وقد تكون الممثلة الشهيرة قد رفضت مساومات وابتزاز  شخصية كبرى مسئولة عن الإنتاج الفني فقرر سيادته الانتقام منها بهذه الطريقة. هذا سيناريو ليس مستبعدا في ظل شبه دولة تنهار تحكمها أجهزة متمردة اختطفت الدولة كلها لحسابها وتمارس سلطات مطلقة بلا أي رقابة أو محاسبة.

 

بيان النيابة

وجاءت مرافقة فريق الدافع عن الممثلة الشهيرة ليعلب على هذا الوتر؛ رغم النيابة العامة طالبت بأقصى عقوبة على الممثلة الشهيرة وأكدت في بيان إحالتها القضية لمحكمة الجنايات  يوم الأربعاء 21 ديسمبر 2022م، أنها «أمرت بإحالة المتهمة منة شلبي للمحاكمة الجنائية، لمعاقبتها على ما أسند إليها من إحرازها جوهر الحشيش المخدر بقصد التعاطي في غير الأحوال المصرّح بها قانوناً، وقد أقامت النيابة العامة الدليلَ قِبَلها من شهادة خمسة شهود على الواقعة، وما توصلت إليه تحريات الشرطة، وما ثبت بتسجيلات آلات المراقبة في محل ضبطها، فضلاً عمَّا أسفر عنه فحص المعمل الكيماوي للمضبوطات المعثور عليها في حوزتها».  وأفادت النيابة العامة بأنها "استكملت تحقيقاتها بعد ضبط المتهمة بالاستماع لشهادة خمسة من العاملين في مطار القاهرة الدولي، والتي كان حاصلها أن فحص حقائب المتهمة بجهاز الأشعة أثناء إنهائها الإجراءات الجمركية ظهر خلاله وجود كثافات عضوية داخلها، فتم تفتيشها تفتيشاً دقيقاً أسفر عن العثور على موادّ مخدِّرة في الحقائب، فأُلقي القبض على المتهمة، وضبط ما في حوزتها من مخدرات". وأضافت أن "تقرير المعمل الكيماوي أثبت أن المضبوطات تحوي جوهرين مخدرين هما الحشيش والقنّب، المدرجين في الجدول الأول من جداول قانون المخدرات، كما شهِد مُجري التحريات حول الواقعة بصحة ضبط المخدرات في حوزة المتهمة وحيازتها لها بقصد التعاطي".

 

دفوع فريق الدفاع

العجيب في  الأمر أن فريق الدفاع عن الممثلة المتهمة والذي تكون من عشرة محامين على رأسهم محمد بهاء الدين أبو شقة مستشار حملة السيسي الرئاسية في 2018م، للشئون القانونية، ركز دفوعه على اتهام الدولة بتلفيق القضية للممثلة الشهيرة؛ بمعنى أن مستشار السيسي للشئون القانونية يتهم أجهزة الدولة صراحة بتلفيق القضية لمواطنة بتهمة هي بريئة منها!!  وكان أول ما تطرّق إليه أبو شقة أنّ التفتيش يشوبه نقص طبقاً لما ينص عليه قانون الإجراءات الجنائية، وتمّ بدون علم موكلته، كما أكد أنّ الكاميرات الموجودة في مطار القاهرة الدولي، لم تظهر أنّ شلبي تحمل معها أيّ مخدرات. وأصرّ المحامي على عدم ملكية شلبي لحرز الحشيش الذي أثبت المعمل الجنائي احتواءه على المخدرات، مؤكداً أنّ هناك أيادي عبثت بالمواد التي قدمت إلى المعمل، كما لفت إلى وجود تقريرين من الطب الشرعي، فيما لم يعرض على المحكمة سوى تقرير واحد.

فمن هذا الذي تلاعب بالأحراز ودس للمثلة الشهيرة أكياس الحشيش والمخدرات؟ ولماذا فعل ذلك؟ ولماذا يريد إيذاء الممثلة الشهيرة على هذا النحو الذي يشهر بها  ويشينها ويضر بها وبأعمالها الفنية؟ فقد تم استبعاد الممثلة الشهيرة عن بعض الأعمال التي كانت قد تعاقدت عليها قبل القضية، واستبعدت من السباق الرمضاني المقبل. لكل هذه الأسباب لم نستبعد مطلقا  سيناريو  تلفيق القضية للاعتبارات التي ذكرنها وقد يكون بهدف إقصائها لحساب ممثلة أخرى منافسة لها تربطها علاقات وثيقة  بمسئول كبير في شركات الإنتاج الدرامي المملوكة للدولة.

خلاصة الأمر، إذا كانت منة شلبي متهمة فعلا؛ فلماذا تم تخفيف العقوبة عليها على النحو الذي يجعلها قريبة من البراءة؟ وما الجهات التي تدخلت بنفوذها لتخفيف الحكم؟ ولماذا يتم التخفيف عنها وهي متهمة بينما يتم الانتقام من العفيفات الصديقات عايشة الشاطر وهدى عبدالمنعم وسمية ماهر وغيرهن من البريئات في سجون الظالمين؟! فهناك أكثر من مائتي امرأة مصرية في سجون العسكر بتهم سياسية ملفقة  لا دليل عليها سوى أنهن يرفضن انقلاب الجنرال السفيه، كما يتم التنكيل بعشرات الآلاف من العلماء والدعاة إلى الله  في سجون العسكر. وإذا كانت القضية ملفقة،  فلماذا لا يتم كشف الجهة والأشخاص الذين لفقوا القضية وما غرضهم من وراء ذلك؟ وما علاقة ذلك بالانحطاط الأخلاقي داخل الوسط الفني وهو أمر مفروغ منه ولا يحتاج إلى برهان؟!

وتحتل مصر ـ وفق مشروع العدالة في العالم (ذا وورلد جاستيس بروجيكت) مصر في المرتبة الـ135، من بين 140 دولة، في مؤشر العدالة وسيادة القانون الصادر في نوفمبر سنة 2022م. وقامت دراسة هذا المؤشر على 8 نقاط تتمثل في: قياس القيود على سلطات الحكومة، وغياب الفساد، والحكومة المفتوحة، والحقوق الأساسية، والنظام والأمن، والإنفاذ التنظيمي، والعدالة المدنية، العدالة الجنائية. وحصلت مصر على تنقيط 0.35 في مؤشر العدالة وسيادة القانون، مقابل 0.26 لفنزويلا التي تذيلت الترتيب.