بعد “مستشفى المجانين “..الجيش والإمارات يستوليان على حديقتي “الحيوان” و”الأورمان” بعقد سري

- ‎فيتقارير

 

 

بعدما سعت وزارة الإنتاج الحربي ضمن سعيها لتوسيع بيزنس الجيش للسيطرة على سور مستشفى المجانين، تجاهلت رفض جهاز التنسيق الحضاري لخطتها الاستيلاء هي والإمارات على حديقتي الحيوان والأورمان.

 

وكشف مصدر بهيئة الخدمات البيطرية عن توقيع عقد تطوير حديقتي الحيوان والأورمان رسميا، يوم 25 يناير 2023 بمقر وزارة الزراعة وفي حضور ممثلي وزارتي الزراعة والإنتاج الحربي، وشركتي أبناء سيناء المصرية لإبراهيم العرجاني تاجر المخدرات الذي يشارك الجيش في البيزنس، وشركةWorldwide Zoo Consultant الإمارتية.

وأوضح المصدر لموقع «مدى مصر»، أنه جرى الاتفاق على عدم الإعلان بشكل رسمي عن توقيع التعاقد سواء في بيانات رسمية للزراعة أو الإنتاج الحربي لحين حل بعض الأزمات العالقة بالنقاشات مع جهاز التنسيق الحضاري الذي لم يوافق حتى الآن حول فكرة تطوير الحديقتين لأنه سيتم تدمير الاشجار.

بزنس الجيش والإمارات يصل حديقة الحيوان

 

وسوف يتسلم الجيش والإمارات الحديقة بشكل كامل بدءا من 15 فبراير المقبل ليبدأ تدميرها بحجة التطوير ورفع أسعار الدخول لمبالغ خيالية، وستغلق بشكل رسمي في موعد أقصاه أول مارس القادم، ويستمر الإغلاق الكلي للحديقة فترة بين 12 و18 شهرا.

ورفض الجهاز القومي للتنسيق الحضاري بشكل نهائي التصور المُقدم من التحالف التطويري بخصوص إقامة «تليفريك» يربط بين «الحيوان» و«الأورمان» لأنه حال إنشائه سيخالف دليل الجهاز الخاص بالحفاظ على الحدائق ذات الطابع المعماري، نظرا لاحتواء  المخطط على إزالة بعض الأشجار العتيقة التي يزيد عمرها عن 100 عام لتركيب قواعد التليفريك، فضلا عن اعتراض الجهاز على مسألة إقامة تلفريك في هذه المنطقة المزدحمة بالأساس سواء مروريا أو عمرانيا.

وكان السيسي هو من اقترح مشروع تطوير (تدمير) حديقتي الحيوان والأورمان، بدعوي أن على الحكومة تطوير أصول الدولة من حدائق ومتنزهات بالاستعانة بالقطاع الخاص والخبرات الأجنبية ويقصد الإمارات التي يدين لها بدعم انقلابه.

في ديسمبر 2022 وافق مجلس الوزراء على التعاقد بين وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، والهيئة القومية للإنتاج الحربي، والهيئة العامة للخدمات البيطرية، بشأن المشروع.

وبعد الإعلان عن نية الحكومة لتطوير حديقتي الحيوان والأورمان بمشاركة القطاع الخاص، ثار جدال حول ماهية خطة التطوير، وإذا ما كان تشمل بيع الحديقتين للمستثمرين.

وردا على تلك المخاوف، أصدرت وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، بيانا، نشرته أيضا رئاسة الوزراء، نفت فيه نقل ملكية «الحيوان» و«الأورمان» لأي جهة أو دولة أخرى، وإن الحديقتين ستظلان تابعتين لولايتها.

وأوضحت الوزارة أن الهيئة القومية للإنتاج الحربي المسند إليها عملية تطوير الحديقتين والإشراف على الإدارة سوف تستعين بتحالف من الشركات العالمية المتخصصة في تطوير الحدائق وبالشراكة مع القطاع الخاص المصري.

وقال نشطاء ما علاقة وزارة الانتاج الحربي وهي هيئة تصنيع عسكرية بتطوير حديقة حيوان أو استغلال مستشفى المجانين؟

جنون بيزنس العسكر

في ظل الجنون الاقتصادي قررت الإنتاج الحربي أيضا تحويل مساحات خضراء واسعة من مستشفى العباسية للأمراض العقلية لمحال تجارية وكافيهات وأماكن ترفيهية، يديرها الجيش، ثم وجهوا أنظارهم نحو حديقة الحيوانات.

وقالت مصادر داخل حديقة الحيوان بالجيزة إن "خطة التطوير يقصد بها إنشاء كافيهات تدر ربحا".

كشف الخطة

وفي وقت مبكر كشف خطة الاستيلاء على الحديقة المهندس ماجد السرتي، رئيس مجلس إدارة شركة الإنتاج الحربي للمشروعات والاستشارات الهندسية، يوم 25 ديسمبر 2022 مؤكدا أن شركة الإنتاج الحربي استولت على حق انتفاع لحديقتي الحيوان والأورمان 25 عاما.

قال في مداخلة هاتفية مع المذيعة لميس الحديدي على شاشة ON سيجري العمل فيه بتحالف مع شركات عالمية متخصصة في هذا المجال، مع الحصول على حق إدارة حديقة الحيوانات لفترة بنظام حق الانتفاع لمدة 25 عاما.

ما أعلنه، رئيس مجلس إدارة شركة الإنتاج الحربي للمشروعات عن تحالف مع شركات عالمية، كشفته مصادر لموقع " مدي مصر" 1 يناير 2023 مؤكدة أنها شركات إماراتية.

ولبيان مطامع الجيش والإمارات في الحديقة ونفى أنها تخسر، قال مصدر بإدارة الحديقة الحيوان لـ «مدى مصر» إن "الإيرادات السنوية الكلية للحديقة من 2018 وحتى عام 2021 تراوحت بين 35 إلى 38 مليون جنيه سنويا، وهي إيرادات تذاكر الدخول وحق إيجارات الكافيهات والمتاجر داخل الحديقة، وتأجير مطاعم كجزيرة الشاي وغيرها".

أوضح أن إيراد التذاكر السنوي فقط يمثل ما بين 12 إلى 14 مليون جنيه، بينما موازنة الحديثة سواء كأجور الأطباء والعمالة وإطعام وعلاج الحيوانات تتراوح سنويا بين 20 إلى 22 مليون جنيه، وهو ما يعني وجود فائض سنوي في موازنة الحديقة يدخل وزارة المالية.

حتى مستشفى المجانين لم يتركوها

 والعام الماضي أصبح لسان حال مرضى المستشفى يقول إن "المجانين ليسوا في نعيم بعد سيطرة بيزنس الجيش والمخابرات على كل شيء في مصر، بما فيه المكان الذي نقيم  فيه".

وبعدما توسع بيزنس الجيش إلى أنشطة تمس حياة المصريين، كشفت جبهة الدفاع عن مستشفى العباسية للصحة النفسية، أن جهة سيادية لها نية الاستيلاء على قطعة أرض من المستشفى؛ لإقامة بيزنس ومحال تجارية عليها.

محاولات الاستيلاء على سور المستشفى تارة، وأجزاء من أرضها تارة أخرى بحجة إقامة جراج أو مشاريع وإعلانات يرجع تاريخها إلى عام 2018.

وكانت الجهات التي تقدمت للاستيلاء عليها ذات طابع عسكري وشرطي، منها وزارة الإنتاج الحربي، وجهاز مشروعات الجيش والشرطة.

آخر هذه المحاولات التي كشف عنها في بيان، أحمد حسين، مسؤول جبهة الدفاع عن مستشفى العباسية ، وعضو مجلس إدارة المستشفى، 30 أغسطس 2021، هي محاولة جهة سيادية يقول أطباء إنها الجيش، فقد أخذ جزءا من الأرض.

وقال حسين إن "إدارة المستشفى والأمانة العامة للصحة النفسية قامتا أوائل أغسطس 2021 بالترتيب مع إحدى الجهات السيادية غير المعنية بالصحة  ، لاستئجار قطعة أرض من المستشفى لمدة 20 عاما بغرض إقامة محال تجارية.

وردا على تلك الخطوة، تقدمت الجبهة ببلاغ للنيابة الإدارية قيد بقضية رقم 277 لسنة 2021.

قصة السعي لنهب أرض مرضى مستشفى الأمراض النفسية بدأت عام 2010، بمحاولة نقل المستشفى لمدينة بدر على بعد 47 كم من القاهرة، وهدم المستشفى الحالي واستغلال موقعه الهام لأغراض استثمارية.

ورفض العاملون بالمستشفى ذلك، باعتبار أن مبنى المستشفى تاريخي ولبعد مدينة بدر عن المرضى؛ ما سيمثل إرهاقا لعشرات آلاف المرضى، وتم تنظيم وقفة احتجاجية حينئذ.

وفي 24 مارس 2011، تجدد الجدل بشأن نقل المستشفى بعد قرار لمجلس الوزراء بتخصيص قطعة أرض في مدينة بدر بمساحة 50.3 فدانا.

ونص القرار على أنها "مخصصة لإقامة مجمع طبي للصحة النفسية وعلاج الإدمان كبديل لمستشفى العباسية" ثم نفت الحكومة المصرية لاحقا نية هدم أو نقل المستشفى.

في 19 فبراير 2018، رصدت صحيفة المصري اليوم ما قالت إنه "خطابات متبادلة بين وزارة الصحة، وهيئة الاستثمار لشراء جزء من المستشفى وتحويله لـجراج"

وفي 2 فبراير 2021، نشر عضو مجلس إدارة مستشفى العباسية للأمراض النفسية، أحمد حسين، مقالا في موقع "المنصة"، يحذر من أن سور مستشفى العباسية في طريقه إلى وزارة الإنتاج الحربي"

وأشار إلى بدء مفاوضات مع وزارة الإنتاج الحربي لتأجير مساحة من سور المستشفى لمدة 25 سنة بنظام حق الانتفاع، تقوم خلالها بتسويق هذه المساحات كمحال وتوكيلات تجارية.

ونقل "حسين" عن ثلاثة موظفين كبار أن المساحة التي سيتم استقطاعها من سور المستشفى بطول 300 متر وبعمق 25 مترا داخل حرم المستشفى وبإجمالي 7500 متر مربع ، وهي المساحة المطلوب استغلالها ، مقابل حصول مستشفى العباسية على نسبة 40 بالمئة من صافي أرباح العائد من تأجير المحال.

وأوضح أن مسألة تأجير السور عرضت في اجتماع بالمستشفى 15 سبتمبر 2020، وكان البند الثاني في جدول الأعمال فتح عيون تجارية بسور المستشفى بشارع امتداد رمسيس ، وأنه رفض ذلك.

كشف أن بند محضر الاجتماع الرسمي كان يشير لطرح مناقصة يكون أحد المتقدمين لها وزارة الإنتاج الحربي والهيئة العربية للتصنيع ووزارة الداخلية.

وفي 30 أغسطس 2021 عادت جبهة الدفاع عن مستشفى العباسية للصحة النفسية، لتكشف محاولة جديدة من إدارة المستشفى والأمانة العامة للصحة النفسية بوزارة الصحة للاستغناء عن نفس قطعة الأرض ومساحتها 7500 متر.

قالت الجبهة في بيان  إنها "تأكدت من قيام إدارتي المستشفى والأمانة بمحاولة ثانية لاستقدام جهة غير معنية بالصحة، لاستئجار قطعة الأرض المشار إليها لمدة 20 سنة، بغرض إقامة محلات تجارية".

ومع أن بيان جبهة الدفاع عن مستشفى العباسية لم يحدد هذه الجهة غير المعنية التي تقدمت بطلب استئجار الأرض، كشف الطبيب أحمد حسين، لـموقع مدى مصر في 31 أغسطس 2021، أنها إحدى الجهات السيادية.

12  مليون مريض

وقد أكدت "الجبهة" أن هذه الأرض المشار إليها سبق تخصيصها لإنشاء مستشفى لعلاج الاضطرابات النفسية لدى الأطفال، والأمراض النفسية والإدمان لدى المراهقين منذ عام 2017.

وأنه تم إنفاق أكثر من مليون و800 ألف جنيه من ميزانية الصحة النفسية، على الدراسات والرسومات الهندسية لهذا المشروع الذي يعد الأوحد على مستوى الشرق الأوسط.

وأضافت أن دراسة لوزارة الصحة أكدت إصابة 30 بالمئة من المراهقين بالأعراض النفسية، وأخرى لمنظمة الصحة العالمية أوضحت إصابة 10 بالمئة من الأطفال بالاضطرابات النفسية.

وقالت إنه "في ضوء هذه الإحصاءات واحتياجات المرضى، تأتي تصرفات إدارتي المستشفى وأمانة الصحة النفسية بالتفريط في مشروع قومي لعلاج الأطفال والمراهقين والتنازل عن أرض المشروع لإحدى الجهات لإقامة مشروع تجاري.

واعتبرت أن تنفيذ هذا المشروع التجاري وإهدار مشروع مستشفى أطفال الاضطرابات النفسية سيترتب عليه إهدار قرابة مليوني جنيه تم صرفها على المشروع.

ووفقا لإحصاءات آخر أبحاث وزارة الصحة، عن الصحة النفسية ومرض الإدمان، المنشورة أواخر 2017 عبر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، يعاني 10 إلى 12 بالمئة من المصريين المرض النفسي بمختلف أشكاله.

وبحساب تعداد السكان الذي يزيد عن 100 مليون، يعني ذلك أنه يوجد من 10 -12 مليون مريض نفسي في مصر.

وتشير الإحصاءات الرسمية أيضا أن 3.9 بالمئة من المصريين يعانون من مرض الإدمان في المرحلة العمرية من 15 سنة حتى 65 سنة، ما يعني وجود قرابة 2.5 مليون مريض إدمان، ولكن من يلجأ للعلاج منهم 10 بالمئة فقط.

ترجمة هذه الأرقام لواقع طبي واحتياجات المستشفيات، تعني بحسب مصادر طبية في وزارة الصحة ، أن مصر تحتاج لقرابة 17 ألف سرير مريض نفسي بالمستشفيات، لتغطية أعداد المرضى النفسيين المحتاجين لخدمات الحجز الداخلي.

الإحصاءات الرسمية تشير إلى أن المتوفر حاليا في 18 مستشفى مصري للصحة النفسية هو 6700 سرير فقط، وأيضا هناك حاجة لتوفير 5800 سرير علاج إدمان، والموجود منها حاليا 1000 سرير فقط.

جشع الجيش

هذا البيزنس المجنون للجيش منذ تغوله على الاقتصاد المصري عقب انقلاب عام 2013، قدرته صحيفة فايننشيال تايمز 5 يونيو 2021 بـ110 مليار جنيه سنويا، وفق أرقام 2019 فقط، والذي تزايد في العامين الماضيين.

صورت دراسة للصحيفة ما يحدث في مصر على أنه توسع سرطاني للاقتصاد العسكري على حساب القطاعين العام والخاص ورفاهية المصريين المدنيين.

ونقلت عن الباحث في مركز كارنيغي، يزيد صايغ، تأكيده أن الكيانات الاقتصادية المرتبطة بالجيش حققت أرباحا عام 2019 فقط وصلت 7 مليارات دولار .

وأكدت أنه لهذا يدافع الجيش عن هذه المداخيل المالية مهما كان الثمن ويتوسع فيها.