تتصاعد أزمة الدواجن بسبب الارتفاع المتواصل في الأسعار لدرجة دفعت المواطنين لتدشين حملات تدعو لمقاطعة تجار الدواجن بعد تجاوز سعر كيلو الفراخ البيضاء الـ 100 جنيه، وتأتي هذه الحملات احتجاجا على سياسات حكومة الانقلاب التي تتجاهل معاناة المواطنين من ارتفاع الأسعار وعدم قدرتهم على الحصول على احتياجاتهم الأساسية اليومية.
كانت حكومة الانقلاب قد قررت إعفاء مزارع الإنتاج الداجني، من الضرائب على العقارات المبنية المستخدمة في ممارسة هذا النشاط لمدة ثلاث سنوات، تبدأ من 1/1/2022، حتى 21/12/2024، على أن تتحمل مالية الانقلاب كامل قيمة الضرائب على العقارات المبنية المستخدمة في هذا النشاط، وهو ما انتقده الخبراء، مؤكدين أنه لن يساهم في خفض الأسعار.
وطالبوا حكومة الانقلاب بتوفير الأعلاف بأسعار معقولة والإفراج عن الشحنات المحتجزة في المواني والجمارك وتوفير مستلزمات الإنتاج، محذرين من انهيار صناعة الدواجن بسبب ارتفاع أسعار الأعلاف ونقص المعروض في الأسواق، ما يضطر أصحاب المزارع إلى شراء الأعلاف من السوق السوداء بأسعار مبالغ فيها.
مقاطعة
من جانبه قال ياسر التركي، مدشن حملة «بلاها فراخ» إن "تجار الدواجن يضعون أسعار تتزايد يوميا ووصل سعر كيلو الهياكل لأكثر من60 جنيها".
وأضاف التركي في تصريحات صحفية إن حملة «بلاها فراخ» بقالها أكثر من شهر وكل فرخة بيطلع منها كيلو هياكل والتاجر هو رئيس جمهورية نفسه ولا توجد رقابة عليه.
وأشار إلى أن المقاطعة حققت نجاحا حتى الآن في مراكز بني مزار وسمالوط ومركز مغاغة، مؤكدا أن سعر كيلو الفراخ البيضاء انخفض في هذه المراكز لـ60 و70 جنيهًا.
وتابع التركي حملة «بلاها فراخ» تستمد قوتها حتى الآن من الفيس بوك، مطالبا حكومة الانقلاب بسن قوانين لمواجهة الغلاء وأن تدعم وسائل الإعلام حملات المقاطعة.
المُنتِج الكبير
وقال الدكتور عبد العزيز السيد، رئيس شعبة الثروة الداجنة باتحاد الغرف التجارية، إن إعفاء مزارع الإنتاج الداجني، من الضرائب على العقارات لن يستفيد منه المُنتِج الصغير، مؤكدا أن الاستفادة الأكبر من هذا القرار ستعود على المُنتِج أو المستثمر الكبير الذي سيخفف القرار من ضغوط الأعباء الاقتصادية عليه لأن من يملك مزرعة ليس كمن يملك مئات المزارع .
وطالب "عبد العزيز" في تصريحات صحفية بأن يمتد قرار الإعفاء ليكون بصفة دائمة، وليس لمدة عامين فقط، باعتبار صناعة الدواجن نشاطا استراتيجيا يمثل أمنا قوميا للبلاد.
وقال "الأنشطة الإستراتيجية التي تدعّم الاقتصاد القومي وتؤثر تأثيرا مباشرا على المواطن، يجب ألا نحملها أعباء اقتصادية، قدر المستطاع".
معدلات خرافية
وكشف الدكتور أحمد على صالح أستاذ تغذية الدواجن بجامعة كفر الشيخ أن صناعة الدواجن في مصر مرت بالعديد من الأزمات التي نتج عنها تأثر واضح فى الإنتاج ومدى مساهمته في الاكتفاء الذاتي، مشيرا إلى أن مرحلة الاكتفاء الذاتي بدأت منذ عام 2004 حينما زاد إنتاج لحوم الدواجن من 380 ألف طن إلى ما يقرب من 670 ألف طن، وكذلك ارتفع إنتاج البيض من 2.9 مليار بيضة إلى 6.3 مليار بيضة خلال نفس الفترة، وقدرت ثروة مصر من الدواجن بنحو 120 مليون رأس، حيث بلغ عدد المزارع المرخصة أكثر من 9850 مزرعة من إجمالي 12 ألف مزرعة، وقدرت استثماراتها الكلية الثابتة، بما يزيد على 18 مليار جنيه.
وقال صالح في تصريحات صحفية إن "صناعة الدواجن تشهد حاليا أزمة جديدة أثرت بالسلب على معدلات الإنتاج من اللحوم والبيض، وهي عدم توافر المواد الخام اللازمة لتصنيع الأعلاف لقطعان الدواجن، موضحا أن صناعة الأعلاف تعتمد اعتماداً كليا على الذرة الصفراء كمصادر للطاقة في الأعلاف، وكذلك كسب فول الصويا كمصدر للبروتين النباتي، بالإضافة لمصادر الفيتامينات والأحماض الأمينية كل هذا الخامات تعتمد على الاستيراد الخارجي من بعض الدول الأوروبية والأمريكية، ونتيجة التداعيات العالمية من حروب تشهدها القارة الأوروبية، وكذلك مشكلة التغيرات المناخية والتي أثرت بالسلب على إنتاج هذه الدول من الخامات العلفية أدى إلى ارتفاع أسعار هذه الخامات بمعدلات خيالية، حيث زاد سعر طن الذرة الصفراء بمعدل 150% وكذلك كسب فول الصويا بمعدل 300% .
وأشار إلى أن هذه العوامل أدت إلى ارتفاع أسعار أعلاف الدواجن بمعدلات خرافية، مما أثر على معدلات إنتاج المصانع من الأعلاف، وكذلك توقف العديد من المصانع عن تلبية احتياجات السوق من العلف، والذي أدى بدوره إلى حجب العديد من المربين عن تشغيل دورات التسمين والبياض لارتفاع تكلفة الأعلاف.
وكشف صالح أن العديد من المربين لجأوا إلى إغلاق المزارع وتسريح العمالة بها، وكذلك قام مربو قطعان الأمهات المنتجة للكتاكيت بالتخلص من القطعان لتدني أسعار الكتاكيت، والذي سوف يؤدي إلى توقف شبه تام لهذه الصناعة، وأدى ذلك لارتفاع كبير جدا في أسعار لحوم الدواجن، حيث سجل كيلو لحم دجاج التمسين 100 جنيه وكذلك إنتاج البيض، حيث وصل سعر طبق البيض إلى 120 جنيها.
حزمة دعم
وقال الدكتور ثروت الزيني، نائب رئيس اتحاد منتجي الدواجن إن "قرار حكومة الانقلاب بمنع تحصيل الضريبة العقارية على مزارع الفراخ لمدة 3 سنوات، ليس كافيا لتخفيض الأسعار، مطالبا بحزمة دعم أخرى تقدمها حكومة الانقلاب للمربين؛ في ظل ارتفاع أسعار البيض والدواجن".
وشدد الزيني في تصريحات صحفية على ضرورة السعي لحل أزمة المزارع وقطاع الدواجن؛ من خلال عودة الإنتاج مرة أخرى، موضحا أن صناعة الدواجن تعد بروتين الشعب، الذي يوفر فرص عمالة بالملايين، حيث تمثل 75% من بروتين الأسرة المصرية.
وأكد أن علف الذرة وصل إلى سعر قياسي قابل للزيادة بسبب الشحية والاستغلال؛ وهي أمور تمثل عبئا على التكلفة، وارتفاع الأسعار على المستهلك، مشيرا إلى أن الإفراجات الأخيرة عن الأعلاف من الموانئ؛ لم تكن مؤثرة بسبب تعطش الأسواق ولا بد من وجود حل جذري لأزمة الأعلاف.
وطالب الزيني بضرورة أن تقوم حكومة الانقلاب باستيراد علف الذرة والفول الصويا وتوزيعها بشكل مباشر على أصحاب المزارع والمصانع؛ ما يقلل التكلفة، ويمنع الوسطاء؛ ويُساهم في خفض أسعار الدواجن.
وقال إن "أصحاب مزارع الدواجن كانوا منتظرين أن تقوم دولة العسكر باستيراد الأعلاف وتوزيعها على المزارع وتجنب السوق السوداء التي استفاد منها المستورد وتجار الحرب في حين أن المربي دفع التمن وخرج من العملية الإنتاجية".