نوستالجيا النشيد .. أبو مازن حركية الأداء للشعر والدعوة

- ‎فيتقارير

 

يعتبر المنشد أبو مازن من رواد منشدي الصحوة، حيث اشتهر بأناشيده التي تناولت مواضيع الدعوة والإصلاح والصمود في وجه الظلم والطغيان، والتي كانت تُنشد بألحان حزينة تناسب الأجواء التي يعيشها السجناء تحت أقبية السجون الحالكة، وفي ظروف الظلم والطغيان التي تسود سوريا وغيرها من بلدان العالم الإسلامي.

وبحسب المتابعين فإن لأبي مازن صوت هادئ جميل يقتحم القلوب دون استئذان، عززه بألحان رائعة تستبطن المعنى، وترسم باقتدار بارع الجو العام للنص، وقد كان حريصا على انتقاء النصوص الإنشادية بعناية فائقة، ومن شعرائه الشيخ يوسف القرضاوي والإستاذ سيد قطب والأستاذ يوسف العظم والداعية جمال فوزي والشاعر هاشم الرفاعي.

ومن هذه الكلمات الباقية

وُنشهد من دَّب فوق الثرى … وتحت السما عزة المسلِم

دعاة إلى الحق لسنا نرى … له فديًة دون بذل الدِم

تآخت على الله أرواحنا … إخاء يُروُع بناَء الَزَمْن

وباتت فدى الحق آجالُنا … بتوجيه قرآِننا المؤتمْن

رقاق إذا ما الدجا زارنا … غمرنا محاريَبنا بالَحَزْن

وجند شداد إذا رامنا … لبأس رأى أسدنا لا تهْن

أخا الكفر إماَ تِبعَت الهدى … فأصبحَت فينا الأَخ المفتَدى

وإماَ جِهلَت فنحن الكماة … نقاضي إلى الَّرْوع منَه َّددا

إذاً لأذقناك ضعف الحياة … وضعف الممات ولن ُتْنَجدا

رابط النشيد

https://youtu.be/GKZEapNnazw

رائد النشيد الحركي

وفي يوليو 2013، أذاعت الجزيرة الفيلم الوثائقي عن المنشد (أبو مازن)  رضوان خليل عنان (71 عاما)، بعنوان (رائد النشيد الحركي).

وكأن الكلمات والألحان اختلطت بنبض القلوب وامتزجت برفيف الأرواح، حيث اقتصر النشيد الإسلامي على المدائح النبوية وظل أسيرا للمناسبات، لكن ومنذ عام 1970 وعلى يد شاب سوري لم يتجاوز 17 من عمره آنذاك برزت ظاهرة النشيد الحركي الإسلامي، الذي أصبح أيقونة يرددها الملايين من شباب الصحوة الإسلامية حول العالم.

وركز الفلم على أبرز مراحل ومحطات تطور شخصية فنان عشق الكلمة فصاغها أجمل الألحان، وبينما يروي فصول تجربته، نعزز شهادته بآراء نخبة مختارة من الضيوف، بعضهم من نقاد هذا الفن وآخرون من صناعه وآخرون من مريديه.

شهد على العهد القادة والسياسيون والدعاة يحكون كيف شكل نشيد أبي مازن علامة فارقة في وعي أجيال متتابعة، مترنمين ببعض أهم مقاطع نشيده وأكثرها رواجا وتأثيرا.
 

https://youtu.be/PofAt1UnRnA

وتوفي المنشد السوري الشهير (أبو مازن) رضوان خليل عنان صباح الأربعاء 23 من شعبان 1444 الموافق 15 مارس 2023 في العاصمة المصرية القاهرة، وهو من مواليد دمشق عام 1952م دمشق، وتخرج من كلية العلوم بجامعة دمشق بتخصص الرياضيات.

وبدأ الأستاذ رضوان خليل عنان الإنشاد الملتزم وهو طالب في المرحلة الثانوية، وأنتج خلال عامين أشرطته التسعة، وكانت من أشهر أناشيده (أناشيد أبي مازن)، والتي حققت شهرة واسعة في السبعينيات والثمانينيات، ومن بين أشهر أناشيده (ملحمة الدعوة، وقصة شهيد، وأخي أنت حر، وآنست نور الله، ونم يا صغيري)، وأنشد شريطا عاشرا بعنوان (لا تحزني) عام ٢٠٠٠.

بعد توقف أيام البطش والقهر أوائل الثمانينيات، انتقل الأستاذ رضوان خليل عنان إلى العمل في مجال الهندسة وهاجر من سوريا عام ١٩٨٧ ليفتح مصنعا في مصر، حيث عاش وعمل حتى وفاته، اللهم اغفر له وارحمه ، وعافه واعفُ عنه ، وأكرم نُزله ، ووسع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبَرد ، ونقهِ من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله دارا خيرا من داره، وأهلا خيرا من أهله، وزوجا خيرا من زوجه، وأدخله الجنة ونجِّهِ من النار .

مهندس الأنشودة

وقال أبو بكر الوادي تحت عنوان “وداعا مهندس الإنشودة الإسلامية” أنه لا يُذكر النشيد الإسلامي إلا وذكر معه المنشد السوري الكبير أبو مازن، فهو مهندسه البارع ورائده المبدع الذي خرج به من ضيق الأطر التقليدية المنغلقة على الابتهالات الدينية والمدائح النبوية إلى فضاء الهم الإسلامي الواسع فسعى في تحديث مضامينه وتنويع موضوعاته مواكبة لما يعتمل في الواقع الإسلامي من أحداث كبرى وتغنيا بمآثر الإسلام ورصدا لمسيرة دعاته وحكاية عن المحن التي تعصف بهم هنا وهناك، وتصويرا للأهوال والمحن التي يكابدونها في أقبية السجون والمعتقلات بغية إسكات أصواتهم وإخماد مشاعل النور التي حملوها في ليل الامتهان والذل.

 

وأضاف أن تجربة أبو مازن الإنشادية أواخر الستينات، بدأت بشريط متكامل يشتمل على خمس أناشيد سجلها بجهد ذاتي وبأدوات متواضعة.

وأضاف أنه “لم يكن يتوقع أن تحدث ذلك الأثر، ولا أن تنتشر بسرعة كبيرة تجاوزت القطر السوري إلى عدد من الدول العربية، فوضعه هذا الإنجاز أمام مسئولية كبيرة في مواصلة المشوار، فكانت أشرطته التسعة التي أنجزها خلال أعوام ثلاثة”.

وأوضح أن الراحل كان في أناشيده الدعوي والتاريخي والاجتماعي، وأولى واقع الدعوة والدعاة اهتماما خاصا. فكانت (ملحمة الدعوة) و(قصة شهيد) و(حبيبتي بلادي) و(اليوم عيد) وتلقى عشاق هذا الفن والمهتمون به هذه الأشرطة بترحاب واسع جعل من أبي مازن ألمع اسم في الفن الإسلامي يومئذ، وفتح الباب أمام تجارب أخرى لخوض هذه التجربة عبر منشدين منفردين كأبي راتب، أو فرقا إنشادية كروابي القدس والرابطة الفلسطينية وغيرهما.

وأوضح أن أبا مازن لقي مضايقات جمة جعلته يتوقف عن الإنشاد في ذروة عطائه، ولما وصلت هذه المضايقات حدا لا يُحتمل؛ لم يكن أمامه غير السفر خارجا فاستقر في مصر، وأسس هناك مشروعا صغيرا ظل يعتاش منه.

وأبان أن أبا مازن أنجز خلال إقامته في مصر والتي امتدت لأربعة عقود شريطا إنشاديا واحدا عنوانه (لا تحزني) لانشغاله أولا، ولأن الساحة الإنشادية أصبحت تعج بعشرات الأصوات فوجد فيها ما يكفي لإبقاء هذا الفن الرسالي حيا وحاضرا في حياة الناس.