العنف الأسري.. جاهلية العصر [4]

- ‎فيمقالات

«العنف الأسرى: دوافعه وأشكاله»

 تتعدد دوافع العنف الأسرى، وتتنوع أسبابه، لدرجة يصعب معها تحديد أى الأسباب أدت إلى انتشار الظاهرة وتفاقمها؛ فهناك دوافع ذاتية، واجتماعية، واقتصادية، وثقافية، وسياسية.. إلخ، وهناك دوافع للعنف ضد المرأة، وأخرى ضد الطفل، وثالثة ضد الخدم والمسنين.. وهكذا.  لكن يمكننا حصر هذه الأسباب فى: 

– أسباب اقتصادية: مثل انتشار البطالة، والتفاوت الطبقى، والصراع بين الزوج والزوجة، والوضع السكنى الصعب المتمثل فى الإقامة بمناطق عشوائية معدومة الخدمات وفى مساكن ضيقة؛ حيث تعانى الأسر من كثرة عدد  أفرادها. 

إن هذا مما يزيد كم الإحباطات، وبالتالى اتساع دائرة العنف، ناهيك عما يستتبع هذا الفقر من فشل، وفقدان الثقة بالنفس، وعدم القدرة على تحمل المسئولية، ومن ثم التعرض للأزمات والكبوات المادية، وإسقاط آثار ذلك على الطرف الأضعف الذى يكون عادة الزوجة أو الأبناء، فى صورة شحنات من الغضب والعنف الجسدى واللفظى والعاطفى. 

– أسباب اجتماعية: مثل ضعف القيم، وتفكك الأسر، وانعدام القدوة، والانفتاح اللاواعى على سلوكيات العالم المتقدم، وسيطرة تلك السلوكيات المادية على اهتمامات الناس وإطاحتها بالقيم الأصيلة  المتوارثة، فضلاً عن التربية الخاطئة التى غاب عنها الحوار والمناقشة الهادئة والتفاهم، وساد فيها التسلط والإهمال والتذبذب والحرمان من الرعاية الأسرية، واضطراب الروابط العائلية. كما أن هناك اعتقادًا خاطئًا بأن العنف يحل المشكلات، وأنه من دواعى التأديب والتربية. 

– أسباب ذاتية: مثل وجود صفات منحرفة فى الشخص تدفعه إلى العنف كالأنانية، واللامبالاة، وتقلب المزاج، وعدم القدرة على السيطرة على المشاعر، وأيضًا بسبب نقص القدرات العقلية للشخص، أو تعاطى القائم بالعنف للخمور والمخدرات، أو بسبب حرمانه الاجتماعى، وخبراته السابقة المرتبطة بتعرضه للعنف من قِبل أحد أقربائه أو والديه.

 – أسباب ثقافية: تشكل حالة القهر التى تتعرض لها المجتمعات من قِبل أنظمة الحكم، أحد أسباب العنف على الشخصيات الضعيفة كالنساء والأطفال. كما يؤدى نقص الوعى الثقافى بحقوق الإنسان، وانخفاض المستوى التعليمى، وثقافة تمييز الذكور، وصراع القيم بين الأجيال، إلى حالة من القناعة بمشروعية ما يقوم به المعنِّف ضد المعنَّف، بل يزيد الأمر على ذلك فيوصف -فى بعض البيئات- من لم يبادر بالعنف مع أهون سبب، بنقص الرجولة، والعجز وقلة الحيلة، فتكون المبادرة من جانبه بلون من ألوان العنف، نوعًا من إثبات الذات، و(الفحولة) وفرض مكانة أدبية فى المجتمع. 

وتتفاوت أشكال العنف الأسرى، بين العنف المادى، والعنف المعنوى والحسى: 

– فالعنف المادى، يشتمل على: القتل وسائر الاعتداءات الجسدية والعنف البدنى، كالضرب بكل أشكاله، والاعتداءات الجنسية. 

– أما العنف المعنوى والحسى، فيشتمل على: الإيذاء اللفظى (سب، شتم، تجريح، توجيه صفات مزرية للمعنف، امتهان، التهديد، الاستهزاء)، ضمن ما يُعرف بسوء المعاملة النفسية. 

ويدخل ضمن العنف المعنوى والحسى: الطرد من المنزل، الحبس المنزلى أو انتقاص الحرية، نقص الاهتمام العاطفى؛ بحرمان الطفل من الحب والحنان، إهمال تعليم الأطفال ورعايتهم طبيًا، وتشغيلهم فى أعمال لا تتفق مع قدراتهم العقلية والجسمية.