نشر أحمد فهمي المتحدث الرسمي باسم السيسي، فيديو حضور المنقلب عبد الفتاح السيسي، الثلاثاء، الاختبارات التي تعقد للمعلمين المتقدمين للالتحاق بوظائف بوزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، والتي تتم بالتعاون مع الأكاديمية العسكرية ضمن خطوات تعيين 70 ألف موظف منهم 30 ألف معلم من أصل من 240 ألف معلم متقدم.
لجنة الاختبار التي استعرضها الفيديو تصدرها السيسي وإلى جواره الفريق أول محمد زكي وزيـر الـدفاع والإنتاج الحربي، عن يمينه وعن يسار كان الفريق أشرف سالم زاهر مدير الأكاديمية العسكرية المصرية العليا، ثم تاليا لهما الدكتور رضا حجازي وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، بحكومة السيسي وسط كبار قادة القوات المسلحة.
وخصصت الحكومة الانقلابية 3.7 مليارات جنيه، الدولار يعادل 30.9 جنيها، لتعيين 30 ألف معلم و30 ألف طبيب وصيدلي، بالإضافة إلى تعيين 10 آلاف موظف في مختلف قطاعات الدولة، بالإضافة إلى تخصيص نصف مليار جنيه لإجراء حركة ترقيات العاملين بالدولة.
وتراجعت حصة الأجور والمرتبات إلى 15% من حجم الموازنة العامة الجديدة بدلا من 25% في ميزانية السنوات السابقة، وتضمنت تخصيص 470 مليار جنيه للأجور للارتقاء بأحوال العاملين بالدولة.
ونجحت الحكومة في تقليل عدد الموظفين، وقبل سنوات وضع الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة خطط لتقليص الأعداد إلى 4 ملايين موظف مقابل نحو 6 ملايين ليصبح هناك موظف لكل 26 مواطنا بدلا من موظف لكل 13.5 مواطنا.
وفي فبراير 2016 قال عبد الفتاح السيسي، إن "هناك 7 ملايين موظف لا تحتاج الحكومة منهم سوى مليون موظف، وألقى باللوم على ثورة 25 يناير عام 2011 في تعيين مليون موظف بسبب الضغوط الشعبية".
وقال مراقبون: إن "الخطوة تأتي ضمن استمرار عبد الفتاح السيسي، في عسكرة جوانب الحياة المدنية في مصر لضمان السيطرة على السلطة، ولاء وانتماء المعينين له شخصيا، حيث عاود القيام مع عسكريين باختبارات للمتقدمين على غرار ما حدث للمعينين في وزارة النقل للالتحاق بوظائف بوزارة التربية والتعليم، بالتعاون مع الأكاديمية العسكرية والتي من المقرر أن يكون دورها تدريبيا في هذا الإطار.
وزعم السيسي "حرص الدولة على اتباع أعلى المعايير لانتقاء أفضل الكوادر المؤهلة علميا وفنيا وشخصيا، وذلك بعد اجتيازهم لفترة تدريب شاملة ومتكاملة، وفقا لأحدث وسائل وبرامج التدريب والتأهيل الفني والشخصي التي تتناسب مع طبيعة عملهم وتؤهلهم لأداء مهامهم".
وسبق أن فعل السيسي ذلك مع موظفي وزارة النقل وغيرهم، أيضا بحضور محمد زكي وزير الدفاع والإنتاج الحربي، والفريق أشرف سالم زاهر مدير الأكاديمية العسكرية، وكبار قادة القوات المسلحة .
وتعاني وزارة التربية والتعليم من عجز هائل في المعلمين يقدر بنحو 324 ألف معلم أو ما يعادل 30% في أعداد المعلمين.
ويعاني قطاع الصحة من تراجع أعداد الأطباء، ويصل عدد العاملين في مستشفيات وزارة الصحة وفي المستشفيات الجامعية الحكومية والخاصة والتابعة لجامعة الأزهر بحوالي 82 ألف طبيب ومن المفترض أن يكونوا أكثر من 200 ألف طبيب، وبنسبة عجز أكثر من 50% من القوة الأساسية للأطباء في مصر.
كشف هيئة
الاختبارات التي حضرها السيسي كانت عبارة عن كشف هيئة نهائي، لمن اجتازوا الاختبارات والتدريبات المرتبطة بمسابقة الـ 30 ألف معلم، قبيل بدء إجراءات التعاقد معهم رسميا، عن طريق المديريات التعليمية بالمحافظات، أشار رضا حجازي أن الوزارة قبلت منهم 28 ألفا حتى الآن للمعلمين فقط في مرحلة رياض الأطفال مروا بتدريبات السمات الشخصية وتحقيق الولاء واللياقة البدنية والعلمية.
وقال رضا حجازي في الفيديو إلى أن دورة التأهيل داخل الأكاديمية العسكرية لمدة 6 شهور من شروط التعيين في الحكومة، ولكن بالنسبة لـ 30 ألف معلم، لم يطبق هذا الشرط، كاستثناء سببه العدد الكبير، وأن الاتفاق كان التدريب التربوي والاختبار الذهني من خلال الجامعات الحكومية، وكانت دورة الأكاديمية العسكرية فقط لإكمال فترة الاختبارات المؤهلة للتعاقد.
رغم أن حجازي وزير التربية والتعليم بحكومة السيسي، أعلن في وقت سابق عن منح عدد من المعلمين تدريبا شاملا بإقامة كاملة لمدة 6 أشهر ضمن المبادرة الرئاسية لاختيار ألف مدير مدرسة من المعلمين الشباب، على أن يتم منح من يجتاز منهم هذا البرنامج دبلومة القيادة التربوية والأمن القومي، بدون أن يوضح طبيعة تلك الدورة، لكنه اعتبرها ضرورية لاختيار الأكفأ، على حد قوله.
اختبارات المتقدمين للالتحاق بوظائف بوزارة التربية والتعليم، التي تُعقد بالتعاون مع الأكاديمية العسكرية، سبق أن حضر السيسي في 3 أبريل الماضي، اختبارات مماثلة، خاصة بالشباب المتقدمين لوظيفة مدير مدرسة.
وتتضمن شروط مسابقة الـ 30 ألف معلم، وفق ما أعلن الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة قبيل بدء التقديم رسميا، أن يكون متمتعا بالجنسية المصرية، محمود السيرة، حسن السمعة، وألا يكون سبق الحُكم عليه بعقوبة جنائية أو بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة ما لم يكن قد رُد إليه اعتباره، وألا يكون قد سبق فصله من الخدمة بحكم أو قرار تأديبي نهائي، ما لم يمض على صدوره أربع سنوات على الأقل، وألا يزيد سن المتقدم عن 40 عاما من تاريخ نشر تفاصيل الإعلان.
عبر "الكلية الحربية"
ووفق موقع "مدى مصر" صدر خطاب دوري عن أمين عام مجلس الوزراء في نهاية أبريل الماضي باعتبار شهادة التأهيل الصادرة من مركز إصدار الوثائق المؤمنة بعد الحصول على الدورة، ضمن مسوغات التعيين في جميع الوزارات والجهات التابعة لها.
وكشفت مصادر حكومية في وزارتي التخطيط والتربية والتعليم، لم تسمها، أن الكلية الحربية أصبحت منذ عدة أشهر صاحبة الكلمة الأولى في الترقيات والتعيينات داخل الجهاز الإداري للدولة.
وأكد مصدر بوزارة التربية والتعليم، أن اجتياز الدورة التأهيلية في الكلية الحربية "دبلومة القيادة التربوية والأمن القومي" أصبح هو الشرط الرئيسي للترقي في كل الوظائف داخل الوزارات، موضحا أن الحصول على تلك الدورة يسبقه كثير من الإجراءات والاختبارات.
واعتاد السيسي مشاركة الاختبارات النهائية للطلاب المتقدمين للكليات العسكرية، مثل الحربية والشرطة، لكنه أصبح يشارك في اختبارات المتقدمين للالتحاق بعدد من الوظائف المدنية، مثل التربية والتعليم والهيئات التابعة لوزارة النقل، التي حضرها أيضا في فبراير الماضي.
ووصف باحث عمالي الإجراءات الجديدة بالبدعة وقال: إنها "ليست موجودة ضمن مسوغات التعيين الرسمية في قانون الخدمة المدنية، وظهور الكلية الحربية ضمن شروط التوظيف والترقية من خلال الحصول على دورة تأهيل عسكرية لمدة 6 شهور، وأن تكون مكانا لإجراء المقابلات الشخصية ليس قانونيا".
وأضاف الباحث (فضل عدم ذكر اسمه)، في حديثه للجزيرة نت، أن الهدف من هذه الشروط الجديدة ليس زيادة الوعي الأمني والوطني للموظفين الجدد "بقدر ما هو ضمان كتلة وظيفية مؤيدة للسلطة، وتجييش الموظف المدني.
أهلا وسهلا
وفي رده على ما قد يثار حول عسكرة القطاعات المدنية باتباع هذه الآلية الجديدة، قال وزير النقل الفريق كامل الوزير "أهلا وسهلا بالعسكرة لو أن اختيار الموظفين سيكون وفق هذه الطريقة"، مستطردا "ما العيب في أن نُعلم المتقدمين الأمن لكي نحميهم ونحصنهم، وبالتالي نحصن قطاع السكة الحديد من شرورهم".
وتتضمن تلك الاختبارات المشابهة لاختبارات الكليات العسكرية، وفق الوزير، إجراء اختبارات فنية، وفي مرحلة تالية اختبارات طبية ونفسية في الكلية الحربية، وبعد ذلك الحصول على دورة تدريبية لمدة 6 أشهر في كلية التكنولوجيا العسكرية، لضمان ثقل خبراتهم على مستويات عدة مثل التكنولوجيا والأمن القومي.
جواب الأمن الحديث
ولا تستغن هذه الإجراءات والدورات مطلقا عن التحريات الأمنية من قبل أجهزة المخابرات والأمن الوطني حول هؤلاء المتقدمين، "مما يضمن أن يكون الموظف منتميا لمصر وليس لأي جهة أخرى"، وفقا للإعلامي المصري أحمد موسى المقرب من الأجهزة الأمنية.
وقال النائب العمالي السابق طارق مرسي، أن إلزام المتقدمين إلى وظائف مدنية أو ترقيات جديدة في القطاعات المدنية بالحصول على دورات في الكلية الحربية هو سابقة في تاريخ التعيين والترقية في مصر، ولا ينص عليها قانون الخدمة المدنية، ويتجاوز دور المشرعين في مجلس النواب.
وأضاف في تصريحات صحفية، أنه ليس من مهام الأكاديمية العسكرية ولا الكلية الحربية ولا أي جهة عسكرية منح رخص للعاملين المدنيين، مردفا أن الكلية الحربية والمؤسسات العسكرية أصبحت كما لو كانت مجلس تشخيص مصلحة النظام، وأصبحت هي من تعطي صك الوطنية، والمواطن يظل محل شك في وطنيته وانتمائه حتى يأخذ صك البراءة بعد حضور دورة التأهيل العسكرية.