على طريقة الكتاكيت التي أطلقها أصحابها في الطرقات والشوارع والصحاري، لعدم القدرة على توفير الأعلاف وإطعامها، بسبب الغلاء الفاحش وانهيار قيمة الجنيه واختفاء الدولار من الأسواق المصرية، ومن ثم تكدس الأعلاف والبضائع في الموانئ، جاء الدور على القطط والكلاب والحيوانات الأليفة، التي اضطر أصحابها لإطلاقها في الشوارع بعد أن ضاقت بهم سبل توفير الطعام لأطفالهم أنفسهم، بعد موجات الغلاء الطاحنة التي تضرب المصريين، وباتت الشوارع في المدن والأحياء تعج بتلك الحيوانات التي كانت أليفة، ثم تحولت إلى حيوانات متوحشة أو مريضة تنقل العدوى والأمراض للمجتمع.
ووفقا تقرير لـ"المونيتور" فقد أدى عمق الأزمة الاقتصادية العنيفة التي تمر بها مصر حاليا، لتدهور أوضاع المواطنين المعيشية وقدراتهم الشرائية، بل إن العديد من المصريين اضطروا للتخلي عن حيواناتهم الأليفة، بسبب الزيادة السريعة في تكاليف المعيشة.
ومع عدم القدرة على توفير أطعمة تلك الحيوانات لجأ الآلاف من الأسر لتسليم حيواناتهم الأليفة للجمعيات ومع الازدحام ، أطلق الكثيرون حيوانتهم بالشوارع يعانون نقص الغذاء وغياب اللقاحات ، ما حولهم لبؤرة للعدوى والأمراض وفق أطباء بيطريين.
وأدى الارتفاع السريع في تكلفة المعيشة إلى زعزعة الاستقرار المالي للأسر المصرية، لدرجة أنها لم تعد قادرة على توفير الضروريات الأساسية لأطفالها، ناهيك عن الكلاب والقطط.
وغالبا ما يسعى أصحاب الكلاب والقطط للاتصال بالمأوي والجمعيات المخصصة لرعاية الحيوانات، إلا أن الرد يأتي دائما بأنه لا يوجد مكان، وهو ما يعني أن الخيار الوحيد لمقتني الكلاب والقطط هو إطلاقهم بالشارع.
ويعاني المصريون من ظروف اقتصادية ومعيشية صعبة بشكل متزايد منذ أكثر من عام ، حيث انخفض سعر الصرف الرسمي للجنيه منذ 21 مارس 2022 من 15.6 إلى 30.9 جنيه للدولار الأمريكي، بينما وصل إلى 40 جنيها للدولار في السوق الموازية.
وبحسب البنك المركزي المصري، بلغ معدل التضخم السنوي في أبريل 30.6%.
إلا أن الزيادة في أسعار المواد الغذائية والخدمات أعلى بكثير من الأرقام الرسمية، خاصة فيما يتعلق بالسلع المستوردة مثل أغذية الحيوانات الأليفة التي زادت بنحو 300%.
وفي هذا السياق، يقول عبدالرحمن يوسف، مدير فريق إنقاذ الحيوانات بالقاهرة (CART)، وهي منظمة إنقاذ محلية، إن "التكلفة الشهرية لرعاية كلب واحد ارتفعت في العام الماضي من 500 جنيه إلى 1200 جنيه في العام الماضي".
وقال: إن "هذا المبلغ لا يغطي سوى سكن الكلب وطعامه واحتياجات الرعاية الصحية المنتظمة، وتزداد التكلفة إذا كان الكلب يعاني من حالة طبية أو يحتاج إلى علاج خاص".
ويركز يوسف جهوده على إنقاذ الكلاب الضالة.
وقال إنه "أنقذ مؤخرا عددا كبيرا من الكلاب الأصيلة التي هجرها أصحابها في الشوارع".
وقال لـ"المونيتور" : "لا أستطيع التكهن بالسبب الرئيسي وراء التخلي عن المزيد من الحيوانات، لكنني لاحظت أن معظمهم يعانون من أمراض تتطلب علاجا باهظ التكلفة".
وأوضح أن CART تتلقى ما لا يقل عن 5 مكالمات يوميا من أصحاب الحيوانات الأليفة، يسألون عما إذا كان بإمكانهم استيعاب حيواناتهم، بما في ذلك القطط والكلاب.
وأضاف "أثّر ارتفاع الأسعار سلبا أيضا على عملنا كجمعية لإنقاذ الحيوانات".
ولم تتمكن CART من استيعاب العديد من الحيوانات كما فعلت في الماضي، ولم يتمكن الفريق من توفير طعام لائق من حيث الكمية والنوعية، ويأسف يوسف لقلة التمويل والتبرعات، التي لم تكد تغطي في السابق نفقات العمل الميداني.
منى خليل، رئيس الاتحاد المصري لرعاية الحيوان، وهي منظمة غير حكومية محلية تعمل على حماية حقوق الحيوانات، تدير مأوًى للحيوانات في محافظة الجيزة.
اضطرت هذه السيدة، إلى تقليل نوعية وكمية الطعام المقدم للحيوانات، حيث انخفضت التبرعات المالية والعينية المقدمة للمأوى بشكل كبير بسبب الظروف المعيشية الصعبة في البلاد.
وقالت: "لم تعد لدينا القدرة على استيعاب حيوانات جديدة".
واستضاف ملجأها 3000 كلب وقطة العام الماضي، لكن هذا العدد انخفض إلى 2000 بسبب عدم القدرة على تحمل تكلفة إطعام الحيوانات وتقديم الرعاية الطبية لها.
وأضافت أنه على الرغم من عدم وجود مساحة في الملجأ، فإن أصحاب الحيوانات الأليفة يتركون حيواناتهم الأليفة خارج المبنى كل يوم.
ومع ذلك، قالت خليل إنها "تتفهم سبب إجبار الناس على التخلي عن حيواناتهم الأليفة، قائلة إن سعر أغذية القطط الجافة المستوردة، على سبيل المثال، ارتفع من 680 جنيها إلى 3500 جنيه".
كما ارتفع سعر أرجل الدجاج، وهي واحدة من أرخص أغذية الكلاب، من 0.50 قرشا إلى 25 جنيها للكيلو، ويذكر أن كلبا يأكل نحو 3 كيلوجرامات يوميا.
وصنّفت الحكومة أغذية القطط والكلاب المستوردة على أنها سلع فاخرة، وفرضت عليها رسوما جمركية وضرائب منذ عام 2020، بلغت 40% (25% رسوم جمركية بالإضافة إلى 14% ضريبة قيمة مضافة و1% رسوم تنمية موارد الدولة.
وتهدف الحكومة إلى زيادة قيمة الرسوم الجمركية على أغذية الحيوانات الأليفة بنسبة 10% في موازنة 2023-24، مما سيزيد من ارتفاع الأسعار.
وأمام نقص تلك الأغذية ، تصاب الكلاب والقطط باحتباس البول والفشل الكلوي بسبب رداءة جودة المكونات المستخدمة في تصنيع المكولات المحلية.
ويحذر الطبيب البيطري أحمد جمعة الذي يدير عيادة بيطرية في حي المعادي بالقاهرة من أن "ترك حيوانك الأليف في الشارع يعني قتله" إذ تواجه الكلاب الطليقة مخاطر عدة تنتظرها على الطريق، بما في ذلك الاصطدام بالسيارات أو التورط في معارك مميتة مع حيوانات ضالة أخرى.
وأضاف أن العديد من أصحاب الحيوانات الأليفة قد هجّروا حيواناتهم في الأشهر الأخيرة، ويسألني العديد من العملاء عن الملاجئ بمجرد سماعهم ارتفاع تكلفة الرعاية البيطرية".
وقد تضاعفت أسعار اللقاحات والأدوية كلها على الأقل بسبب الانخفاض السريع في قيمة الجنيه المصري.
وتتراوح تكلفة الرعاية الطبية لكلب واحد في مصر من 2000 جنيه إلى 3000 جنيه، إذا تطلب الأمر تطعيمات عالية الجودة لمدة 3 أشهر.
وأدى غلاء الأسعار للترك وإهمال الخدمات البيطرية للكلاب والقطط ، و ما يحولها لبؤر عدوى والإصابة بالأمراض للحيوانات الأخرى والبشر أيضا.
وهكذا تتفاقم أزمات الحيونات الأليفة في مصر بسبب السيسي وسياساته ، كما الحيوانات المنزلية والثروة الداجنة والثروة الحيوانية، ومن قبلهم الإنسان الذي بات يواجه الجوع ونقص الأدوية والأغذية وضيق ذات اليد، والغلاءالذي يطحن معظم المصريين.