رغم أن السلع التموينية تعتبر الملاذ الأخير للأسر الفقيرة، التي لا تمتلك قوت يومها، حيث يعيش أكثر من 70 مليون مصري تحت خط الفقر وفق بيانات البنك الدولي، إلا أن حكومة الانقلاب تعمل على تقليص أعداد المستفيدين من هذه السلع من ناحية وزيادة أسعارها من ناحية آخرى، والأكثر كارثية أن بقالي التموين بالتعاون مع عصابة العسكر يتلاعبون في الأوزان والأسعار، ويتربحون من وراء ذلك مبالغ طائلة دون رقابة من وزارة تموين الانقلاب، ما أدى في النهاية إلى عدم استفادة غالبية المواطنين من الدعم التمويني .
يشار إلى أن عمليات التلاعب لم تتوقف على السلع التموينية وحدها، فكثير من التجار ابتكروا حيلا شيطانية للتلاعب في أسعار كل السلع، واستغل التجار الظروف لرفع أسعار السلع بنسب كبيرة، وتحولت الأسواق إلى فوضى تلهب جيوب المواطنين خاصة محدودي الدخل، وتوالت ارتفاعات أسعار السكر والزيت والأرز وهي من أكثر السلع استهلاكا في كل بيت.
وتباع السلع التموينية في محلات البقالة بأسعار أعلى مما حددته تموين الانقلاب، حيث ارتفع سعر لتر الزيت من 45 جنيها إلى 50 جنيها، وكيلو السكر من 13 إلى 18 جنيها، وكيلو الأرز من 33 جنيها إلى35 جنيها، وعلبة السمن كبيرة الحجم قفز سعرها إلى 120 جنيها، والصغيرة 60 جنيها، وكيس المكرونة 400 جرام بـ9 جنيهات.
في المقابل كانت تموين الانقلاب قد حددت أسعار هذه السلع بـ23.82 جنيها لكيلو الأرز ، وكيلو الفول 36.83 جنيها، وكيلو الدقيق 35.4 جنيها، ولتر زيت عباد الشمس 61.68 جنيها، وكيلو السكر المعبأ: 19.68 جنيها، وكيلو المكرونة 21.54 جنيها، وكيلو العدس 45.44 جنيها، ولتر زيت الذرة كريستال 72.1 جنيها، وكيلو الأرز السائب 26.17 جنيها، كيلو الفول السائب 37.14 جنيها، وكيلو الجبن الأبيض 90.59 جنيها، وكيلو الجبن الرومي 170.59 جنيها، ولتر اللبن السائب 18.87 جنيها، لتر اللبن المعبأ 26.43 جنيها.
تلاعب في الأسعار
حول هذه الكارثة قالت سلمى محمود- 42 عاما من سكان شبرا الخيمة: إن "أسعار السلع الغذائية والتموينية تختلف من مكان لآخر ومن محافظة لأخرى، مؤكدة أن كل منطقة يتلاعب تجارها بالأسعار كما يحلو لها".
وأضافت، حاولت الاتصال بحماية المستهلك لتقديم شكاوى ضد المحلات الغذائية التي تتلاعب في الأسعار ولكن لم يستجب أحد لشكواي .
وأكدت سيدة إبراهيم 53 عاما من سكان إمبابة، أن نسبة كبيرة من المواطنين يبحثون عن شراء سلع الزيت والسمن من محلات السرجة التي تبيعها بأسعار مخفضة .
وأرجعت ذلك إلى عدم قدرة المواطنين على شراء السلع من التجار والمولات والمحلات، لأنها تبيع السلع بأسعار عالية تفوق قدرة أغلب الأسر المصرية .
سلع خارج المنظومة
وقال حسن إبراهيم 35 عاما من سكان الشرابية: إن "منافذ السلع التموينية بالشرابية تتلاعب في هذه السلع ، وتصرف لأصحاب البطاقات التموينية سلعا خارج المنظومة التموينية، وعندما يعترض أحد المواطنين يقول له البائع: انتظر حتى توفر وزارة تموين الانقلاب السلع الخاصة بك".
وأكد إبراهيم أنه بعد الانتظار أكثر من 25 يوما لا يحصل المواطن على أي سلع، إلا المحددة من قبل التاجر الذي يتلاعب في صرف السلع التموينية.
الأوزان
وأكد سعيد محمود من سكان الزاوية الحمراء أن محلات التموين تحصل على حصص من السكر «السايب» من المخازن الحاصلة على رخصة تعبئة، بدلا من المعبئة الجاهزة بمعرفة وزارة تموين الانقلاب، ويقوم البائع بالتعبئة 800 جرام، بدلا من 1000 جرام، ويقدمها لأصحاب البطاقات التموينية رغم أن وزارة تموين الانقلاب توزع على محلات التموين المكيال كامل 1000 جرام.
وكشف محمود أن أحد المنافذ معروف عنه التلاعب في أوزان السكر والأرز، ورغم تقدم الأهالي بالعديد من الشكاوى لمكتب التموين إلا أنه لا يستجيب لأحد.
وأكد حسن عمار، أحد سكان إمبابة أن ارتفاع أسعار السلع التموينية شجع تجار المحلات التي تبيع السلع الحرة على التلاعب في الأسعار وإذا اعترض أحد المواطنين على تفاوت الأسعار من محل لآخر يقول البائع: إن "الأسعار تتغير يوميا رغم أن وزارة تموين الانقلاب تحدد أسعار السلع وتطلب من جميع المنافذ وضع التسعيرة على المنتجات ".
جشع
من جانبه انتقد محمود العسقلاني رئيس جمعية مواطنون ضد الغلاء، زيادة أسعار السلع التموينية لأنها تؤثر على المواطن خارج المنظومة التموينية، خاصة شريحة الفقراء، مؤكدا أن نسبة الزيادة التي طالت المنظومة التموينية أعطت إشارة قوية لتجار السلع الغذائية برفع جميع أنواع السلع ويعاني من الأزمة بشكل أكبر من لا يملكون بطاقات تموين، أي أنهم خارج منظومة الدعم، وهم شريحة كبيرة داخل المجتمع.
وقال العسقلاني في تصريحات صحفية : "كنا نأمل أن يؤجل قرار زيادة أسعار السلع التموينية بسبب الظروف الاقتصادية التى يمر بها المواطن، وظروف الحياة القاسية وأسعار المعيشة التى ترتفع يوما تلو الآخر على جميع فئات المجتمع".
وشدد على أن أي قرار يساعد على تحريك أسعار السوق مرفوض لأنه غير ملائم سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وإنسانيا، لافتا إلى أن قرار حكومة الانقلاب بزيادة سعر السولار قبل أسابيع قليلة تسبب في زيادة سعر السلع التموينية وجميع السلع.
وأكد العسقلاني أن المخصصات التي يتم توفيرها من نسبة الزيادة على السلع التموينية لا تعادل حالة الغليان التي تنتاب المواطنين في الوقت الحالي، موضحا أن جميع التجار أصابتهم حالة من الجشع في غياب دور الرقابة على السلع الغذائية، حتى وصل سعر ربطة الجرجير لـ3 جنيهات بدلا من 25 قرشا.
وأعرب عن اندهاشه لأن أسعار السلع التموينية تختلف من محافظة لأخرى، بالإضافة للتلاعب في الميزان أثناء التعبئة والتغليف خارج المنافذ الحكومية، مطالبا المواطنين بإبلاغ الرقابة التموينية عن أي تلاعب حتى تتصدى حكومة الانقلاب لمعدومي الضمير الذين يأكلون حقوق المواطنين من السلع التموينية.