في هدوء وغياب أي فاعلية شعبية أو جماهيرية، بدأ المصريون المقيمون خارج البلاد صباح الجمعة الماضي التصويت في مسرحية الانتخابات الرئاسية التي تجري في الداخل اعتبارا من العاشر من ديسمبر، والتي سيفوز فيها على الأرجح عبد الفتاح السيسي لولاية ثالثة.
وفي الخارج ، فتحت 137 سفارة وقنصلية مصرية في 121 بلدا أبوابها لاستقبال الناخبين حتى اليوم الأحد للتصويت من أجل اختيار رئيس للبلاد.
ولم يتم الإعلان رسميا عن عدد من يحق لهم التصويت من المصريين بالخارج، ولكن وزيرة الهجرة المصرية سها جندي أشارت هذا الأسبوع، بحسب بيان من الوزارة، إلى أنها واثقة من كثافة مشاركة المصريين بالخارج والذين يبلغ تعدادهم نحو 14 مليون مصري في مختلف دول العالم.
وذلك بالرغم من الغياب النهائي لمصوتين، الذين يعلمون أن لاجدوى في مشاركتهم في ظل مشاركة قائد الانقلاب، الذي يتحكم بقوة السلاح في مقاليد الأمور.
وبحسب تقرير نشره الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء المصري عام 2021، فإن غالبية المصريين المقيمين في الخارج تتركز، في الدول العربية وعلى رأسها السعودية، ثم تأتي دول الأميركيتين في المرتبة الثانية.
ويخوض ثلاثة مرشحين كومبارس غير معروفين على نطاق واسع سباق الرئاسة في مواجهة السيسي الذي تفدم بأوراق.
ترشيحه في أكتوبر بعد أن حصل على 424 تزكية من نواب البرلمان البالغ عددهم 596 عضوا وأكثر من 1,1 مليون توكيل من الشعب، والمرشحون الآخرون هم رئيس الحزب المصري الديموقراطي الاجتماعي فريد زهران ورئيس حزب الوفد عبد السند يمامة ورئيس حزب الشعب الجمهوري حازم عمر أحد المقربين للسيسي، وقدموا أوراق ترشحهم مدعومين بعدد التزكيات البرلمانية اللازمة، وقد جمع عمر أكثر من 60 ألف توكيل.
ومن المقرر أن تجري عملية الاقتراع داخل البلاد بين 10 و12ديسمبر، على أن تعلن النتيجة في 18 من الشهر نفسه.
وكان المعارض المصري والبرلماني السابق أحمد الطنطاوي اعتزم خوض الانتخابات الرئاسية قبل أن يعلن في 13 أكتوبر عدم استيفائه شروط الترشح بجمع العدد المطلوب من توكيلات المواطنين حتى يحق له الترشح.
ومنذ أعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات فتح باب الترشح في الرابع من أكتوبر، جمع الطنطاوي البالغ 44 عاما، أكثر من 14 ألف توكيل بما لا يؤهله لخوض سباق الانتخابات الرئاسية الذي يتطلب جمع 25 ألف توكيل بالحد الأدنى من مواطنين في 15 محافظة من محافظات البلاد الـ27، أو أن يحصل على 20 تزكية على الأقل من برلمانيين.
واتهمت حملة الطنطاوي السلطات بتعمد عدم تسجيل توكيلات المواطنين بحجج مختلفة، بينها عطل في أجهزة الحاسوب تارة وعدم توافر الوقت اللازم لدى الموظفين تارة أخرى.
وتجري العملية الانتخابية فيما تشهد البلاد التي يبلغ عدد سكانها 105 ملايين يعيش ثلثهم تحت خط الفقر، واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية في تاريخها بعدما سجل معدل التضخم مستوى قياسيا مدفوعا بتراجع قيمة العملة المحلية ونقص العملة الأجنبية في بلد يستورد معظم حاجاته الغذائية.
كذلك تواجه مصر اتهامات عديدة من منظمات حقوقية محلية ودولية باستهداف معارضين وناشطين في مجال حقوق الإنسان منذ إطاحة الجيش بالرئيس محمد مرسي في 2013 وبتنفيذ حملة قمع واسعة شملت إسلاميين وليبراليين.
السنغاليون ينتخبون السيسي
ومن ضمن المضحكات التي تثير استهزاء المصريين، ما تداوله نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو، يوم السبت 2 ديسمب الماضي، تبين أنه من أمام السفارة المصرية في السنغال، حيث تجرى الانتخابات الرئاسية المصرية، حيث يقف العشرات من المواطنين السنغاليين أمام السفارة، بجانب بعض المصريين الذين ينتظرون دورهم في التصويت في الانتخابات.
وتضمن مقطع الفيديو وجود بعض الأشخاص الذين يحملون صورا لعبد الفتاح السيسي، كما وثق الفيديو وجود شخص مصري، يتكلم مع الأفراد السنغاليين، وبعد فترة وجيزة قام الأفراد السنغاليون بالهتاف باسم ال “سيسي.. سيسي”.
وهو ما دفع العديد من النشطاء للسخرية من مشاركة سنغاليين في الانتخابات الرئاسية المصرية.
وسخر السياسي المصري محمد البرادعي، قائلا على موقع إكس : “أنا مندهش يا دكتور حازم، لأني أعلم يقيناً أن الدكتور عبد السند له شعبية كبيرة في السنغال، لعل المانع خير”.
وعلق الحقوقي أحمد حلمي: “حضور حاشد لانتخابات الرئاسة، في سفارة مصر فى السنغال، مين دول حضرتك؟ دول المصريين في السنغال، ومالهم اسودوا كده ؟ جرى إيه يا ابني أنت ما درستش أن الإنسان يتأثر بالبيئة المحيطة؟ يعني لما تعيش في السنغال تسوّد، لما تعيش في الصين تصفر، لما تعيش في مصر تبقى معرعر”.
وعن الصورة الذهنية السلبية الناتجة عن المقطع كتب إبراهيم عزالدين: “السفارة المصرية في السنغال، جايبين أطفال سنغاليين عاملين طابور قدام السفارة، وبيهتفوا للسيسي كأنهم مصريين داخلين ينتخبوا، تقريبا السفير كان رئيس وحدة محلية قبل مايتعين في الخارجية، اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا”.
وهكذا البداية الساخرة لانتخابات السيسي الديكتاتور، الذي لا يؤمن إلا بهندسة الانتخابات على مقاسه فقط.