قراءة عسكرية.. هل مرّغت كتائب القسام سُمعة المارد الأمريكي في التراب؟

- ‎فيتقارير

 

بنبرة الصدمة يقول وزير الدفاع الأمريكي متحسرا لن ندع حماس أو بوتين ينتصران، ألا يعني ذلك أن أمريكا ترى بأن قوة حماس في الميدان تعادل قوة روسيا؟

وتأتي انتصارات القسام الذراع العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، في معارك طوفان الأقصى وصموده الأسطوري لأكثر من 45 يوما، على وقع عبارة كررها الكاتب الأمريكي الشهير توماس فريدمان عن وضع الولايات المتحدة بنهاية عام 2021، حينما قال بلدي ليس بخير، هكذا كرر الجملة 3 مرات بصوت ينضح بالحسرة والحزن.

فريدمان، الحائز على جائزة البوليتزر للصحافة 3 مرات وهي بمثابة الأوسكار في مجال الفن، كان يرد على سؤال بشأن ما إذا كانت الهيمنة الأمريكية على العالم قد وصلت إلى محطة النهاية.

ولم يكن فريدمان مبالغا في حزنه، فهناك ما يشبه الإجماع بين المحللين وخبراء الاستراتيجية في الغرب والشرق على السواء بأن 2021 هو عام ضياع الهيبة الأمريكية عالميا، لكن يبدو أن الرئيس جو بايدن وجد الحل السحري كي يحقق هدفه الرئيسي وهو عودة أمريكا لقيادة العالم.

ودون مقدمات، أصبحت الحرب في أوكرانيا بمثابة حبل النجاة لقوة عظمى بدأت تظهر عليها أعراض الشيخوخة؛ فالعنصرية والانقسام بين الجمهوريين والديمقراطيين والانسحاب المهين من أفغانستان وفقدان النفوذ في الشرق الأوسط واهتزاز ثقة الحلفاء والانكماش الاقتصادي وغيرها كثير، أمور شجعت الكثيرين على تحدي الهيمنة الأمريكية، وأصبح الحديث عن أفول نجم العم سام ملء السمع والبصر.

وهكذا بدأت طبول الحرب في أوروبا على الحدود بين روسيا وأوكرانيا، تدق أولا من داخل المكتب البيضاوي في البيت الأبيض، فتحذيرات بايدن للرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أي تحرك عسكري في أوكرانيا تحولت إلى وجبة يومية يتم فرضها فرضا من خلال الإعلام الأمريكي والغربي بطبيعة الحال.

تعاني من الشيخوخة فالجيش الروسي يواجه مقاومة شرسة في أوكرانيا وفقد كثيرا من الهالة المرعبة التي كانت تحيط به، بعد مرور شهر من الهجوم الروسي.

الطلب على السلاح الأمريكي ارتفع لمستويات قياسية، وأوروبا عادت للاحتماء بقوة واشنطن العسكرية، وحتى أسعار الطاقة المرتفعة تصب في صالح صناعة النفط الأمريكية، ومآرب أخرى يبدو أن الأمريكيين في طريقهم لتحقيقها.

أم عن الشرق الأوسط فيقول الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء فايز الدويري: إن “70% من إجمالي قوات كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس منغمسة كليا أو جزئيا في التصدي لجيش الاحتلال المتوغل في عدة محاور شمالي قطاع غزة”.

وأوضح الدويري في تحليله العسكري على قناة الجزيرة، أن القوات الضاربة في مدينة غزة لم تشترك بعد في المعركة في إشارة إلى كتيبتي الشجاعية والتفاح، وهي من ضمن كتائب الاحتياط في كتائب القسام التي لم تدخل المعركة البرية بعد إلى جانب كتيبتي تل الزعتر وجباليا البلد.

وأشار الخبير العسكري إلى أن كتيبتي الشجاعية والتفاح مسؤولتان عن أسر الجندي الإسرائيلي شاؤول آرون في العدوان على غزة عام 2014، حيث تصدت بقوة للواء جولاني وهو اللواء رقم 1 في جيش الاحتلال.

وشدد الدويري في قراءة استشرافية، أن قوات القسام وبقية فصائل المقاومة في غزة لا تزال متماسكة وتؤدي دورها بصورة رائعة بعد 15 يوما من الحرب البرية التي تشنها إسرائيل رغم الألم و الدمار والحصار.

وأكد أن المقاومة بخير وصاحبة اليد العليا في الميدان، وأضاف أن جيش الاحتلال وقادته لن يستطيعوا هزيمة حماس أو القضاء عليها.

وأشار الدويري إلى أن تنظيم كتائب القسام يرتكز على ألوية وكتائب، ويختلف بناء الكتيبة من موقع لآخر، ولفت إلى أن قوات القسام بنيت على أساس جغرافي إذ قسم قطاع غزة لمناطق وخصص لكل منطقة كتيبة، وأحيانا لواء لكن هذا لا ينسجم مع المقياس العالمي، فهو خاص بغزة فقط.

ويوجد 12 كتيبة لدى القسام بغض النظر عن أعدادها ومكوناتها -وفق الدويري- الذي قال إن “بعضها مشتبك اشتباكا كليا وحاسما مع قوات الاحتلال التي تهاجم من الشمال والجنوب، وجزء آخر مشتبك اشتباكا جزئيا”.

والكتائب المشتبكة اشتباكا كاملا منذ 15 يوما من العملية البرية هي، كتيبة الشاطئ، وكتيبة تل الهوا، وكتيبة غرب جباليا بيت لاهيا، وكتيبة بيت حانون.

وبحسب الدويري تعادل هذه الكتائب 35% من إجمالي قوات القسام، وشدد على أنها لا تزال متماسكة وتحتفظ بالقيادة والسيطرة وتمنع قوات الاحتلال من أي إنجازات.

أما كتائب الاشتباك الجزئي فهي وفق الخبير العسكري كتيبة الشيخ رضوان، وكتيبة الزيتون، وكتيبة جباليا، وكتيبة بيت لاهيا، حيث أشار إلى أنها تتمتع بقدرة قتالية عالية وانخرط ما نسبته 30 إلى 50% من قوامها في التصدي لجيش الاحتلال.

ولفت الدويري إلى أن هناك احتياطا إستراتيجيا لدى كتائب القسام، متمثلا في لواء رفح، ولواء خان يونس، ولواء الوسطى المقسم إلى دير البلح والنصيرات والبريج والمغازي.

 

ونوه إلى أن هذه الألوية تشكل 30% من إجمالي قوات كتائب القسام، وهو ما يتوافق مع المفاهيم العسكرية بأن قوة الاحتياط لا بد أن تكون 30% من الإجمالي.