رغم وعود حكومة الانقلاب بحل أزمة السكر قبل حلول شهر رمضان، إلا أن الأزمة تصاعدت وارتفعت أسعار السكر بصورة غير مسبوقة، بل واختفى تماما من المحلات التجارية، ولم يعد في إمكان المواطنين الحصول على كيلو سكر واحد رغم حاجتهم الماسة لهذه السلعة في الشهر المبارك، خاصة مع اقتراب عيد الفطر واستعداد الأسر لعمل الكعك والبسكويت.
المواطنون أعربوا عن استيائهم من استمرار هذه الأزمة بجانب الارتفاع الجنوني في الأسعار ووصول كيلو السكر إلى 70 جنيها في حالة العثور عليه .
في المقابل تتهم حكومة الانقلاب أصحاب المحلات والتجار باحتكار السكر رغم عدم توافره حتى في المجمعات الاستهلاكية ومنافذ القوات المسلحة ومعارض أهلا رمضان، ما يؤكد أن نظام الانقلاب يواجه أزمة خانقة في توفير هذه السلعة الحيوية، وتزداد تعقيدات هذه الأزمة مع ارتفاع غير مسبوق في أسعارها، ما يعزز من حالة القلق بين المواطنين، بسبب اختفاء السكر من الأسواق وعند العثور عليه يُباع بأسعار مرتفعة جدا.
تأتي هذه الأزمة بالتزامن مع شهر رمضان، الذي يشهد زيادة في استهلاك السكر كمكوّن أساسي في العديد من الوصفات والحلويات التقليدية، في الوقت الذي كانت حكومة الانقلاب قد وعدت باتخاذ اتخاذ إجراءات عاجلة لمواجهة هذه الأزمة، من خلال تطبيق سياسات رقابية فعالة للحد من التلاعب بالأسعار وتوفير السلع الأساسية بأسعار معقولة، لضمان حقوق المواطنين في الحصول عليها بأسعار معقولة وفق تعبيرها.
يشار إلى أن مصر تنتج نحو 2.7 مليون طن من المحاصيل السكرية، في حين يبلغ متوسط الاحتياجات السنوية 3.5 مليون طن تقريبا، وتزرع مساحات تتجاوز 300 ألف فدان بقصب السكر، و650 ألف فدان من بنجر السكر سنويا، وفق بيانات مجلس المحاصيل السكرية بوزارة زراعة الانقلاب.
أسعار وهمية
حول أسباب أزمة السكر قال أحمد عتابي عضو شعبة المواد الغذائية بالغرفة التجارية ، أنه لا توجد أزمة في توافر السكر لكن المشكلة الحقيقة تكمن في سوء التوزيع من الشركات الحكومية على بعض التجار من منتهزي الفرص .
وقال عتابي في تصريحات صحفية: إن “التجار يقومون بتخزين البضاعة لزيادة الأسعار على المواطنين، مشيرا إلى أن أسعار كيلو السكر وصلت في عدد من المناطق والمحال التجارية إلى ما يقارب 70 جنيها حال تواجده على الرغم من أنه سلعة محلية تحتكر دولة العسكر إنتاجها، وتوزيعها وهي غير مرتبطة بالدولار”.
وحمل الشركة المنتجة والشركة الموزعة المسئولية عن أزمة السكر، موضحا أن أسعار السكر تشهد حاليا ارتفاعا غير حقيقي وأسعار وهمية، ولكن السعر الحقيقي ثابت عند 27 جنيها للكيلو للسوق الحر، و13 جنيها للمدعم.
وطالب عتابي حكومة الانقلاب بضرورة حل أزمة السكر بسرعة خاصة، ونحن نعيش أيام شهر رمضان المبارك، ومع اقتراب عيد الفطر.
الرقابة على الأسواق
وشدد حازم المنوفي عضو الشعبة العامة للمواد الغذائية بالاتحاد العام للغرف التجارية،على ضرورة أن تعمل حكومة الانقلاب على ضبط الأسواق وأسعار السلع، ووضع آلية للحفاظ على توازن الأسعار للسلع الأساسية للمواطنين بأسعار مناسبة، والاستمرار في ضخ المزيد من الكميات من السلع بالأسواق والمجمعات التجارية على المدى القصير تحقيقا للوفرة والإتاحة .
وقال المنوفي في تصريحات صحفية : “لو حققت حكومة الانقلاب هذه المطالب فسوف تكون أكبر ضربة لمحتكري السلع من ضعاف النفوس الذين يقومون بتعطيش السوق ويتلاعبون بالأمن الغذائي المصري”.
ودعا إلى ضرورة تشديد وإحكام الرقابة على مراحل تداول السلع الغذائية من خلال تكثيف الحملات الرقابية بشكل مستمر من جانب مختلف الجهات الرقابية، وتنفيذ قرار وزير تموين الانقلاب بتحديد وكتابة أسعار السلع الغذائية على العبوات، وهو ما يحد من التلاعب في أسعار السلع وعدم وجود زيادات مبالغ فيها من الحلقات الوسيطة بين المنتج والمستهلك.
وطالب المنوفي بضرورة إشراك مسئولي اتحاد الصناعات المصرية، والغرف التجارية، مع حكومة الانقلاب للتوافق على تكلفة الإنتاج وهامش الربح للسلع الرئيسية التي يتم تحديدها، وذلك بما يضمن وصولها إلى المستهلك بالسعر العادل.
وشدد على ضرورة اتخاذ قرار بتغليظ العقوبة على كل من يحتكر أو يخفي السلع عن المواطنين، ويتسبب في ارتفاع أسعار السلع أو تعطيش السوق وعدم استقراره، وتشكيل لجنة دائمة لمتابعة حركة الأسواق بشكل مستمر، للوقوف علي مدى الالتزام بإنتاج وتوافر السلع، وأسعارها على مستوى الجمهورية.
وقال المنوفي: إن “سعر السكر الحر ارتفع لما يتراوح بين 60 و 70 جنيها، وهذا رقم كبير جدا، ويرجع لأسباب مختلفة أبرزها عدم ضخ كميات للسوق، في حين أنه موجود، مشيرا إلى أن السكر متوفر بس موجود في المخازن ولا يتم ضخه، التجار بيعطشوا السوق، إحنا محتاجين رقابة”.
وحذر من تطبيق نظام التسعيرة الجبرية على السكر، مؤكدا أن هذه التسعيرة سوف تتسبب في عواقب وخيمة وفتح مجالات للأسواق السوداء للانتفاع من الأزمة واستغلالها.
دولة العسكر
وأكد الدكتور عبد النبي عبد المطلب وكيل وزارة التجارة والصناعة الأسبق أن نقص الكميات الموزعة من أسباب أزمة ارتفاع الأسعار واختفاء السكر من الأسواق ومحلات البيع خاصة الفاخر منها.
وحول ما يتردد عن توقف بعض خطوط الإنتاج والاحتكار من بعض التجار، أوضح عبد المطلب فى تصريحات صحفية أن الاحتكار من بعض الموزعين قد يكون من أسباب الأزمة، مشيرا إلى أن مصانع القطاع الخاص لا تستطيع رفع أسعار إنتاجها، لأنها تمثل نسبة قليلة من الإنتاج، بينما الجزء الأكبر تنتجه مصانع السكر المملوكة لدولة العسكر وتوزعه في الأسواق، ما يؤكد أنها هى المسئولة عن نقص الكميات المعروضة وارتفاع الأسعار .
وشدد على ضرورة الرقابة على الأسواق والعمل على زيادة الإنتاج قبل فوات الآوان، موضحا أنه في ظل وجود أزمة نقص الدولار في البنوك، ووضع قيود على الاستيراد وفي نفس الوقت تراجع الإنتاج المحلي ستتزايد الأزمة.