مع الارتفاع الجنونى فى الأسعار يلجأ بعض مربى المواشى والدواجن إلى استخدام محفزات النمو لزيادة وزن الحيوان أو الطائر فى فترة زمنية قصيرة وتحقيق أرباح ومكاسب كبيرة دون اهتمام بصحة الإنسان خاصة أن هذه المحفزات عبارة عن هرمونات تسبب أمراضا خطيرة للإنسان مثل السرطانات والفشل الكلوى والكبد وغيرها .
وبسبب غياب الرقابة من جانب حكومة الانقلاب يلجأ بعض معدومى الضمير من التجار والمربين إلى أساليب من غش اللحوم والدواجن قد تؤدى إلى أضرار صحية تصيب الإنسان بسبب المضادات الحيوية وهرمونات النمو ، التى تتراكم فى خلايا الجسم مع مرور السنوات، وتسبب الإصابة بالأورام والفشل الكبدى والكلوى، وتحولات بيولوجية أخرى.
المضادات الحيوية
فى هذا السياق كشف الدكتور طارق المتناوى، أستاذ الطفيليات بالمركز القومى للبحوث، مخاطر المضادات الحيوية «البيطرية» ومتبقيات الأدوية فى اللحوم والدواجن على صحة الإنسان، مؤكدا أن بعض متبقيات المضادات الحيوية تمكث فى اللحوم والدواجن ومنتجاتهما، ومن المفترض إيقاف المضاد الحيوى قبل الذبح بـ10 أيام على الأقل، وبعض المربين لا يستشيرون أطباء بيطريين، ويعملون بالمضاد الحيوى طول الوقت .
وقال «المتناوى» فى تصريحات صحفية: ان المربى “ممكن يحقن اليوم مضاد حيوى وتانى يوم يبيع الفراخ” مشددا على أن تلك النوعية من المربين تحتاج إلى كنترول وإشراف من وزارة زراعة الانقلاب وإلزامهم بمتابعة أطباء بيطريين.
وحذر من أن الإنسان لو أكل لحوما بها متبقيات مضاد حيوى من نفس عائلة المضاد الحيوى البشرى، تحدث مشكلة لديه، وقد يسبب له طفرة جينية، ويمكن أن يتحول المضاد الحيوى البيطرى إلى ميكروب تتغذى عليه البكتيريا داخل جسم الإنسان، لافتا الى أنه فى حال احتاج إلى هذه المضادات فى العلاج حال مرضه لن يستجيب الجسم، لأن خلايا الإنسان تعرفت عليه عند تناول اللحوم، وبالتالى لن تتأثر بالعلاج البشرى.
وأكد «المتناوى» أن المواد الكيماوية إذا زادت عن حدها تؤدى إلى فشل كلوى وكبدى وأورام، وكل المسكنات تؤثر على الكبد.
هرمون أندروجين
وقال الدكتور نبيل ياسين، رئيس قسم الرقابة الصحية على الأغذية بكلية الطب البيطرى بالقاهرة، إن أشهر عقار منتشر فى مصر يستعمل كمحفز للنمو «هرمون أندروجين»، وهو عبارة عن هرمون الاستروجين المخلط، الذى يعمل على زيادة نسب البروتين والمياه فى اللحوم مع زيادة سرعة نمو العضلات.
وأكد ياسين فى تصريحات صحفية أن دول العالم تمنع محفزات النمو لأنها مسرطنة، ومواد هرمونية مخلقة، لكنها للأسف تستخدم فى مصر، موضحا أن اللحوم المستوردة أكثر أمانا من اللحوم المحلية .
وأضاف: لدينا فى مصر 475 مجزرًا فرعيًا، أكبرها المجزر الآلى فى منطقة البساتين، وهذه المجازر ليس لديها إمكانية الكشف عن متبقيات الهرمونات فى اللحوم المحلية ، مؤكدا أن بعض معدومى الضمير من أصحاب المزارع يستخدمون تلك الهرمونات فى مزارع تسمين العجول والأغنام والدواجن، ولا يوجد معمل فى مجازر مصر يمتلك جهاز فحص المتبقيات الدقيقة .
وشدد ياسين على أن الاستروجين المخلط «محرم» لكن معدومى الضمير يستخدمونه من الأبواب الخلفية للرقابة والتفتيش، موضحًا أن استمرار استهلاك اللحوم المهرمنة يؤدى إلى عدة أمراض، خاصة أن المواطنين يأكلون من «جزارين» ثابتين، وبعضهم يتعامل مع جزار واحد طوال حياته، ونفترض أن اللحوم مهرمنة، ستتحول الحالة الفسيولوجية للإنسان إلى ميول أنثوية، وتحول الخلايا إلى مسرطنة، وقد تكون من مسببات انتشار السرطان أخيرا، إلى جانب أن عوامل وراثية وطرق طهى اللحوم وتكوين مركبات هيدوركربونية «لونه بنى غامق أو مسود فى لحوم الشواء أو المحمرة» فى درجة حرارة عالية، تجعل اللحوم مسرطنة.
لحوم الدواجن
وقال الدكتور علوى على عاشور- أستاذ تغذية الدواجن بكلية الزراعة جامعة الزقازيق، إن المضادات الحيوية فى الدواجن وغيرها تنتقل عبر اللحم والبيض، وتؤدى إلى زيادة مقاومة المضادات الحيوية البشرية وعدم فاعليتها فى علاج الإنسان، مشيرا إلى أن هناك مضادات بيطرية مشابهة داخل الجسم، وهو ما سيؤدى إلى عدم استجابة جسم الإنسان لأدوية نزلات البرد، نظرا لقدرة الميكروبات التى تصيب الإنسان على تكوين مناعة ضد المضادات الحيوية، نتيجة لتعرضها لمستويات منخفضة من المضادات الحيوية «البيطرية» الموجودة فى الغذاء من اللحوم والجبن والألبان والبيض.
وأكد «علوى» فى تصريحات صحفية أن ترسب المضادات الحيوية البيطرية فى جسم الإنسان يزيد من احتمالية الإصابة ببعض الأمراض، مثل: الأورام والفشل الكبدى والكلوى، مشيرا إلى أن الجمعيات الأهلية والهيئات العلمية بمختلف دول العالم اتجهت نحو حظر استخدام المضادات الحيوية المنشطة، واستبدالها بأعلاف وأغذية عضوية تنتج لحومًا آمنة.
وأوضح أنه فى سبعينيات القرن الماضى كان مربو الدواجن يستخدمون «حبوب منع الحمل» فى تسمين الدواجن، ومع الرقابة الشديدة انخفضت تلك الممارسات، مؤكدا أن إنتاج كتكوت بوزن 2 كيلو فى 35 يوما عبارة عن عملية «بيولوجية» عبر تركيبات وراثية تنتجها شركات عالمية تسمى «تهجين وراثة»، وتصدر لنا «الجدُود» ونأخذ منها «الأمهات» ومن ثم تتجمع قوة «الهجين» فى كتكوت التسمين بشكله النهائى، ومن هنا يمتلك الكتكوت جينات وراثية قوية تحتاج إلى ظروف بيئية مناسبة، تتمثل فى «الحرارة – الرطوبة – الأدوية – التغذية» تمكن الكتكوت من إنتاج وزن فى 35 يوما على الأكثر فى حين أن الفراخ البلدى تحتاج من 90 إلى 120 يوما حتى تزن كيلو وربع.
وأضاف «علوى» أن تربية الدواجن فى مصر حاليا لا تعتمد على هرمونات نمو، ولكن على مواد طبيعية، مثل: الكائنات الحية النافعة التى تضاف إلى الأعلاف أو المياه، فتزاحم البكتيريا الضارة الموجودة فى أمعاء الطائر، وبدلا من ملء فراغ الأمعاء بكائنات ممرضة يُملأ بالبكتيريا النافعة، ومن هنا نقضى على البكتيريا الضارة وتنمو النافعة التى يتغذى عليها الطائر، كما تتم الاستعانة بالسكريات المعقدة التى تغذى البكتيريا النافعة داخل أمعاء الطائر نفسه، فضلا عن الأحماض العضوية والخمائر والإنزيمات وبدائل المضادات الحيوية.
المشكلة الأكبر
وأكد أنه فى 2006 منع الاتحاد الأوروبى استخدام المضادات الحيوية «البيطرية» كمحفز نمو، وقصر استخدامها على الحالات العلاجية فقط، فكل مضاد حيوى له فترة سحب أو تصريف من جسم الدواجن، ومن المفترض ألا يتم الذبح خلال فترة تصريف المضاد الحيوى، والبيع يكون بعد 10 أيام من وقت الجرعة حتى يتم تصريف رواسب المضاد الحيوى، خاصة أن المشكلة أن بعض المربين يرغبون فى بيع الدواجن فور زيادة وزنها دون انتظار لانتهاء فترة تصريف المتبقيات.
وكشف «علوى» أن المشكلة الأكبر أن هناك حقنة تحت الجلد مباشرة تُؤخذ قبل البيع بيوم، تمنح الدواجن قوة على تحمل عوامل الجو، فتصل إلى المستهلك دون فترة تصريف، ولهذا كثيرا ما نجد شخصًا مصابًا بنزلة برد، وأخذ مضادات حيوية وحقن لكنها لا تؤثر فيه بسبب الأدوية فى اللحوم والألبان والبيض، مشيرا إلى أن الدواجن المهرمنة تكون رائحتها «زفرة».
وحول طرق وأساليب أصحاب المجازر فى غش لحوم الدواجن، قال ، إن المجازر تتقن أساليب عديدة لغش اللحوم، فمنهم من يفتح صدور الدواجن ويخمرها فى مياه بالليمون والخل حتى تتشبع بالمياه، ثم يضعها فى الفريزر حتى تتجمد فتزيد فى الوزن، وعندما يشترى المستهلك كيلو «بانيه» وعند تصفيته من المياه يزن 750 جراما، كذلك الأمر بالنسبة للدجاجة الكاملة فإنه يضع خرطوم المياه داخلها ويضعها فى الفريزر تتجمد.