حقائق حول الانهيار الحاد باحتياطي “حقل ظهر” للغاز الطبيعي…وفشل العسكر بإدارة الملفات الاستراتيجية

- ‎فيتقارير

 

تصاعدت شكاوى المصريين منذ أكثر من عام، إثر اعتماد حكومة السيسي برنامج القطع المبرمج للكهرباء في عموم الجمهورية، على إثر نقص الغاز والوقود المستخدم في محطات توليد الكهرباء، على الرغم من أحاديث عديدة للمسئولين وللسيسي نفسه، بتحقيق فائص بإنتاج الكهرباء، يُصدّر لدول عربية وأوروبية، إلا أن الواقع المحلي بات مريرا، مع أزمات الدولار، وحديث السيسي عن حاجة محطات الكهرباء لنحو 300 مليون دولار شهريا، لشراء غاز ووقود للمحطات،  وأن المبلغ كبير على الموازنة المصرية، وأنه سيوجه لشراء الغذاء والأدوية، مخيرا المصريين بين الكهرباء والأدوية والأغذية، على الرغم من النقص الحاد بالأدوية والغلاء الفاحش بأسعار الغذاء.

 

أصل الأزمة

 

وموخرا، ووفق البيانات الحكومية،  أعربت المصادر الحكومية والمتحدث باسم رئاسة الوزراء، أن  القطع المبرمج للكهرباء يوميا، هدفه توفير مليار دولار سنويا من الغاز الطبيعي يمكن استيراده من الخارج أو تصديره للخارج من خلال محطات الإسالة.

 

ووفق مصادر حكومية، فإن أساس الأزمة، هو انهيار احتياطيات حقل ظهر العملاق بالبحر المتوسط، والذي اكتشف في العام 2015.

 

وتراوحت التقديرات الأولية لاحتياطي حقل ظهر بين 30 و40 تريليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي، ثم تم تعديل هذه التقديرات لاحقا إلى 21 تريليون قدم مكعبة.

 

وتشير التقديرات الحالية إلى أن احتياطي حقل ظهر المتبقي يبلغ حوالي 5 تريليونات قدم مكعبة.

 

وفي هذا الصدد، كشفت منصة الطاقة المتخصصة ومقرّها واشنطن تراجع احتياطيات حقل ظهر بشكل غير مسبوق، مع تراجع ملحوظ في الإنتاج خلال الآونة الأخيرة.

 

وتم تخفيض الاحتياطيات المتبقية في حقل ظهر الذي تديره شركة إيني الإيطالية (Eni) إلى 5.02 تريليون قدم مكعّبة من الغاز في نهاية عام 2023، وفقا لأحدث بيانات نشرة أمريكية متخصصة.

 

هذا يعني أن الاحتياطيات المؤكدة أقل من 10 تريليونات قدم مكعّبة من الغاز، بحسب المنصة، وهو أقل بكثير من الرقم الأصلي البالغ 30 تريليون قدم مكعّبة، الذي كشف عنه في عام 2015 من جانب مصر عند اكتشاف الحقل.

 

وتراجعت احتياطيات حقل ظهر إلى المرتبة الثالثة، بين أكبر ثلاثة حقول في شرق المتوسط، ليحلّ خلف أكبر حقلين في إسرائيل، ليفياثان وتمار.

 

وانخفض إنتاج حقل ظهر من الغاز من ذروة بلغت 2.74 مليار قدم مكعبة في الربع الثالث من عام 2021، إلى أقل من ملياري قدم مكعبة حاليا، وفق مصادر حكومية لصحيفة المال المتخصصة.

 

وقد تم استخراج كميات كبيرة من الغاز من حقل ظهر منذ بدء الإنتاج في عام 2015 ما أدى إلى مشاكل تقنية.

 

ومن الطبيعي أن ينخفض احتياطي أي حقل غازي مع مرور الوقت واستخراجه، فقد تكون هناك حاجة إلى مراجعة التقديرات الأولية لاحتياطي الحقل بناء على بيانات جديدة ومعلومات جيولوجية.

 

وأدى انخفاض إنتاج الحقل بأكثر من 30% إلى تراجع الإنتاج الإجمالي لمصر من الغاز الطبيعي إلى أقل مستوى منذ فبراير 2018، وانخفض الإنتاج الكلي إلى 4.287 مليار متر مكعب خلال شهر فبراير الماضي.

 

ومؤخرا، أوقفت مصر تصدير الغاز المسال لأوربا، بسبب الأزمة المحليةلانقطاع الكهرباء، بل استأجرت سفينة نرويجية لتحويل الغاز المسال إلى طبيعته الغازية، بعدما توسعت في جهود الإسالة   للغاز المحلي والمستورد من إسرائيل، لمحاولة تقليص الأزمة بمصر.

 

وأعرب خبير النفط العالمي، الدكتور ممدوح سلامة، عن اعتقاده بأن انخفاض إنتاج حقل ظهر العملاق في المياه المصرية، يعود ربما إلى حجم الاستخراج الضخم للغاز من هذا الحقل، إضافة إلى تسريب المياه إلى داخل الحقل، من هذه الزاوية يتحتم حل مشكلة هذا التسريب، إضافة إلى تخفيف الضغط عن الحقل من خلال خفض الإنتاج وإعطاء الحقل فترة راحة إن صح التعبير حتى لا تتعاظم المشكلة.

 

وشأن تداعيات ذلك، أوضح في تصريحات صحفية  أنه خلال ذلك تحتاج مصر إلى استيراد كميات أكبر من الغاز الطبيعي من إسرائيل أو من أي مصدر آخر حتى تعوض النقض، ومن هذه الزاوية فإن الانخفاض في حجم إنتاج حقل ظهر يؤثر على حجم الإنتاج الكلي للغاز الطبيعي.

 

ويمثل تراجع الإنتاج وتقلص أرقام الاحتياطيات  تهديدا لطموحات مصر، لكي  تصبح  مركزا عالميا لتصدير الغاز الطبيعي المسال.

 

ووفق الخبراء، فإن  انقطاعات الكهرباء تدل على أن هناك أزمة طاقة، أي أن الصادرات تتقلص وكذلك مصادر العملة الصعبة خاصة بعد انخفاض نشاط قناة السويس بحوالي 50% بسبب حرب غزة وعزوف السفن التجارية عن المرور عبر القناة بعد تدخلات الحوثيين في نوفمبر  2023 لعرقلة الملاحة الإسرائيلية والأمريكية في البحرالأحمر.

 

ويرى مراقبون أن حقل ظهر ، يمثل 40% من إجمالي إنتاج مصر، ومع ظهور أزمة الطاقة في أوروبا نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية فقد صدرت مصر حوالي 9 مليارات متر مكعب من الغاز عام 2022، وجنت إيرادات تزيد على الـ8.4 مليار دولار مقارنة مع 3.5 مليار دولار عام 2021.

 

ويؤدي تراجع الإنتاج وتقلص أرقام الاحتياطيات لارتفاع وتيرة الاستيراد من إسرائيل ولتفادي انقطاعات في الكهرباء الصيف المقبل، ستضطر مصر إلى تخفيض التصدير لإعطاء أولوية للاستهلاك المحلي.

 

 

يشار إلى أن مصطفى مدبولي رئيس الوزراء، قد أكد  مطلع عام 2021، تحقيق الاكتفاء الذاتي من البترول بحلول 2023 ، ذلك التصريح الذي تحول لنكتة، في ظل ما تعانيه مصر من أزمة طاقة حاليا، وتحولت مصر إلى مستورد وأصبح عندها عجز 50%.

 

وتعبر أزمة حقل ظهر، عن غياب التخطيط الاستراتيجي بمصر، ونهم العسكر للحصول على أرباح سريعة، دفعهم للاستخراج الجائر من حقل ظهر، ما أحدث مشكلة بيئية في الحقل وتسرب المياه، وهو نفس المنطق الذي تُدار به مصر في كل المجالات.