بعد خروج الأموال الساخنة..عودة السوق السوداء والدولار يسجل 53 جنيها

- ‎فيتقارير

 

مع تراجع قيمة الجنيه المصري أمام الدولار والعملات الأجنبية خلال الأسبوعين الآخيرين، عادت السوق السوداء من جديد وسجل الدولار أكثر من 53 جنيها، خاصة مع هروب المستثمرين الأجانب وخروج الأموال الساخنة من البلاد .

الخبراء أرجعوا عودة السوق السوداء إلى الضغوط القوية التي يتعرض لها الجنيه، على مدار أسبوعين، جراء تمويل البنوك عمليات خروج الأموال الساخنة بقيمة 4 مليارات دولار، بحثا عن ملاذ آمن، في ظل تصاعد حرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال الصهيوني على قطاع غزة، وعدم خفض البنك الفيدرالي الأمريكي معدل الفائدة على الدولار، وارتفاع أسعار الذهب بالبورصات العالمية والصاغة، والهزة الأخيرة التي تعرضت لها أسواق المال العالمية.

كانت عمليات التعامل مع السوق السوداء لسعر الصرف قد تراجعت بشكل كبير في الأشهر الأخيرة ، بعد قرار «البنك المركزي» المصري في مارس الماضي، بتعويم الجنيه .

وقال متعاملون: إن “هناك توقفا تاما في حركة البيع والشراء للورقة الخضراء، انتظارا لمزيد من القرارات من قبل البنك المركزي تخص السياسة النقدية، خاصة فيما يتعلق بأسعار الدولار”.

وأوضح الخبراء أن انهيار أسواق الأسهم في البورصات الدولية، بداية أغسطس الجاري، والعدوان الإسرائيلي على غزة، وتصاعد الصراع بين إيران وحزب الله من جانب والاحتلال الصهيوني من جانب آخر، تسبب في زيادة حالة التوتر، التي تشهدها أسواق المال، ونشر حالة من الضبابية تدفع إلى تذبذب التعاملات بالبورصة، وارتفاع أسعار السلع، خاصة المرتبطة بسلاسل التوريد والتي تتطلب توفير كميات كبيرة من الدولار.

 

الأموال الساخنة

 

حول هذه الظاهرة قال الخبير المصرفي محمد بدرة: إن “الضغوط التي يتعرض لها الاقتصاد المصري، جراء حالة التوتر الجيوسياسي، والتي تدفع إلى خروج الأموال الساخنة بكميات كبيرة من البنوك، والتي تقدر بنحو أربعة مليارات دولار حتى الآن، جعلت البنك المركزي المصري يتجه إلى رفع سعر الفائدة على أذون الخزانة والسندات، مؤكدا أن تلك الضغوط أدت إلى خفض الجنيه مقابل الدولار والعملات الرئيسية، وهذه الظاهرة تزايدت خلال الأسبوع الحالي”.

وأوضح بدرة في تصريحات صحفية أن توجه “المركزي” إلى رفع سعر الفائدة بعد خفض قيمة الجنيه، يضمن ألا يستفيد أصحاب الأموال الساخنة مرتين عند الخروج من السوق المحلية، بناء على ارتفاع سعر الصرف وتراجع قيمة الجنيه مقابل الدولار، مع الحصول على عوائد الفائدة المرتفعة.

واعتبر اتفاق حكومة الانقلاب مع صندوق النقد الدولي على تحرير سعر الصرف وإطلاق آليات السوق لتحديد قيمة الجنيه، ظاهره العذاب، المترتب على تراجع قيمة الجنيه، بينما باطنه الرحمة في تقديره، حيث يضمن عدم تحرك الأموال الساخنة من السوق المحلية بسرعة، رغبة في الحفاظ على الأرباح التي يجنيها أصحاب هذه الأموال من عوائد الأسهم والسندات وأذون الخزانة، بينما يعزز قيمة الجنيه على المدى المتوسط والبعيد.

 

البنك المركزي

 

وحذر بدرة البنك المركزي المصرى من  التدخل في سعر الصرف، والتوجه نحو دعم الجنيه، مقابل العملات الأخرى، الأمر الذي يهدر مليارات الدولارات التي حصلت عليها حكومة الانقلاب من عوائد بيع الأصول العامة، وتحويلات المصريين العاملين بالخارج، والتي تذهب عوائدها إلى المستثمرين بالأموال الساخنة وحملة الدولار، مشيراً إلى أن ارتكاب البنك المركزي تلك المخالفة ثلاث مرات، منذ عام 2016، تسبب في إهدار مليارات الدولار من الاحتياطي النقدي .

وكشف أن حكومة الانقلاب لم تعد تملك رفاهية الوقت في مواجهة أزمات النقد الأجنبي، داعياً إلى تنظيم حملات قوية في السوق العربية، لتنشيط حركة السياحة إلى مصر بما يمكن من تدبير موارد سهلة وسريعة من العملة الصعبة، تساعد في الحفاظ على قيمة الجنيه أمام الدولار.

وحول أسباب ارتفاع الدولار في البنوك مؤخراً، أوضح بدرة أن زيادة الطلب على الدولار رفعت سعره، بالتزامن مع تراكم طلبات الشراء على الدولار .

 

الاحتياطي النقدي

 

وقال الخبير الاقتصادي وائل النحاس: إن “شائعات ارتفاع سعر الدولار في السوق السوداء، مرتبطة بما تم تداوله عن طلب وفد صندوق النقد الدولي، خلال المراجعة الثالثة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري، زيادة الاحتياطي النقدي بالنبك المركزي المصري لنحو 56 مليار دولار”.

واعتبر النحاس في تصريحات صحفية ما يتم تداوله بخصوص سعر الدولار في السوق السوداء، محاولة من بعض الأشخاص الذين يحتفظون بكميات كبيرة من الدولار، للتصرف فيها، بأسعار تفوق السعر الرسمي في البنوك، مشيرا إلى أن ما يحدث ليست حركة سوق، ولكنها بفعل فاعل.

وأوضح أن القيمة الحقيقية للدولار تتراوح بين 48 و49 جنيها ، ولا توجد أي ضغوط أو أعباء اقتصادية تغيّر من هذه القيمة في الفترة الحالية، متسائلا إذا كان الحال كذلك فما المبرر لارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه وعودة السوق السوداء من جديد ؟.  

وطالب النحاس بضرورة تدخل حكومة الانقلاب لمنع مثل هذه المداولات، حتى لا تخرج أسعار الدولار عن السيطرة .

 

مكاسب المضاربين

 

واعتبرت الخبيرة المصرفية الدكتورة سهر الدماطي، النائب السابق لرئيس بنك مصر، ما يتم تداوله بشأن ارتفاع سعر الدولار في السوق السوداء مجرد شائعات، هدفها تحقيق مكاسب لبعض المضاربين بالدولار في السوق السوداء.

وأرجعت سهر الدماطي في تصريحات صحفية توقيت انتشار هذه الشائعات إلى رغبة البعض في الاستفادة من أموال المصريين العائدين من الخارج في فترة الإجازات.

وحذّرت من التعامل خارج القطاع المصرفي الرسمي، مؤكدة أنه لا يوجد أى مبرر لارتفاع سعر صرف الدولار أمام الجنيه خاصة في ظل وجود وفرة في احتياطي النقد الأجنبي، والبنوك المصرية توفر احتياجات المواطنين والمنتجين والمستوردين من الدولار بضوابط محددة.

وأوضحت سهر الدماطي أن السوق السوداء تنشأ عندما يكون هناك طلب على الدولار ولا يوجد معروض، مشيرة إلى أن هناك وفرة في العملة الصعبة في الفترة الأخيرة بضخ نحو 58 مليار دولار، ومؤشرات ذلك، ارتفاع الاحتياطي النقدي لنحو 46 مليار دولار لأول مرة، وتحول صافي الأصول الأجنبية في البنوك من سالب إلى موجب.