حفلات التخرج حولت الجامعات المصرية إلى كازينوهات ليلية في زمن الانقلاب الدموي بقيادة عبدالفتاح السيسي، حيث اجتاحت الجامعات ظاهرة غريبة توثقها السوشيال ميديا، تتمثل في الرقص والغناء بطريقة مستفزة ومثيرة داخل الحرام الجامعي خلال حفلات تخرج الطلاب .
هذه الظاهرة أثارت غضب قطاع عريض من المصريين، خاصة الأكاديميين الذين قالوا إن للحرم الجامعي مكانته وقدسيته، ولا يصح أن تقام مثل هذه الحفلات داخله .
وأكدوا أن الشباب المهووس بالشوشيال ميديا، يفعلون ذلك لركوب التريند والحصول على شهرة زائفة.
كانت الفترة الماضية قد شهدت العديد من الفيديوهات التي تظهر فيها خريجات الجامعات بملابس تبرز مفاتن أجسادهن، ويرقصن على أنغام المهرجانات، أمام أساتذة الجامعة خلال حفلات التخرج، وتتسابق الطالبات في تقديم وصلات رقص، منها ما هو مثير أمام الكاميرات التي راحت تسجل هذه الاحتفالات الغريبة على مجتمعنا، وانتشرت فيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي لفتيات يرقصن أمام الشباب وأولياء الأمور .
يشار إلى أن هذه الحفلات انتشرت في كل جامعات مصر كالنار في الهشيم، وبعد أن كانت حفلات التخرج تتسم بالوقار وتكتفي إدارة الكلية بتسليم الشهادات للطلبة الذين يرتدون الروب الأسود وكاب التخرج تحولت الحفلات إلى «فرح بلدي» يتم إحياؤه عن طريق “الدي جي” وأغاني المهرجانات المبتذلة والرقص الخليع.
تجارة الزقازيق
في هذا السياق انتشر مقطع فيديو مصور خلال الساعات القليلة الماضية لأحد خريجي كلية التجارة جامعة الزقازيق وهو يتراقص على أنغام أغاني شعبية صاخبة منذ لحظة تحركه من مكان جلوسه حتى وصوله إلى خشبة المسرح ومنصة التكريم لاستلام شهادة تخرجه، حيث كان أعضاء هيئة التدريس بالكلية متواجدين على خشبة المسرح وواقفين في استقباله في مشهد أثار الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي.
طالبة أسيوط
لم تكن واقعة طالب جامعة الزقازيق هي الأولى من نوعها، فقد سبقتها واقعة طالبة جامعة أسيوط والتي كانت قد أثارت ضجة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، حين قررت الاحتفال بتخرجها في كلية التربية الرياضية بأسلوب مختلف، وظهرت في فيديو تخرجها وهي تستلم شهادتها وتقوم بأداء حركات رقص وسط زملائها وعدد من أساتذة الكلية وأسرتها.
كلية التمريض
وبعد واقعة طالبة جامعة أسيوط، ظهر فيديو آخر لطالبة وهي ترقص لتعبر عن فرحتها بالتخرج في كلية التمريض بأكاديمية قناة السويس للعلوم المتطورة في الإسماعيلية، ما أثار ضجة كبيرة وانتقادات لما يسمى حفلات تخرج في السنوات الأخيرة.
الحرم الجامعي
من جانبه استنكر استشاري الطب النفسي الدكتور جمال فرويز حفلات التخرج التي تحتوي على رقص خارج وتقاليع بعيدة عن ثقافة مجتمعنا، مؤكدا أن ثقافة المجتمع يجب أن تكون مبنية على التربية والموروثات الثقافية .
وقال فرويز في تصريحات صحفية : “المهووسون بعالم السوشيال ميديا يبحثون عن التريند والشهرة المزيفة، ولذلك خرجت علينا حفلات الرقص التي لا تحترم قدسية الحرم الجامعي، مشددا على أنه : “مينفعش واحدة تطلع ترقص وواحد يغني ويرقص أمام الأساتذة، الكل بيدور على التريند وده شيء كارثي”.
وأضاف: من حقك تفرح لكن بالحفاظ على الإطار المجتمعي، والموروثات الثقافية الرشيدة، مؤكدا أن الحرم الجامعي له قدسيته .
وشدد فروزير على أنه لا يصح أن تقام داخل الجامعة حفلات بها رقص وخارجة عن السلوك العام والتربية الرشيدة وهوية المجتمع، معتبرا أن إقامة مثل هذه الحفلات يعد نوعا من عدم الاحترام للجامعة.
وأعرب عن أسفه لأن كل شيء أصبح مباحا في زمن الانقلاب طالما يحقق تريندا على السوشيال ميديا، لافتا إلى أن «مهاويس السوشيال» ميديا باتوا يفعلون أي شيء للفت وجذب الانتباه.
وأكد فروزير أن العودة للصواب تأتي بعودة الوعي والثقافة الرشيدة، مطالبا بضرورة احترام الحرم الجامعي، وعلى إدارات الجامعات منع أي حفلات تقام داخل أروقتها، وإذا أقيمت حفلة داخل الجامعة يجب أن تكون لها احترامها.
هوس الشهرة
وانتقدت الاستشاري النفسي والأسري ومدرب التطوير الذاتي نورهان النجار ، ما يتم في حفلات التخرج من رقص خارج وحركات لا تليق بالحرم الجامعي، معربة عن اعتقادها أن هوس الشهرة والسوشيال ميديا هو الذي يدفع هؤلاء الأشخاص للبحث عن التريند بحركات تجذب الانتباه لتحقيق شهرة خادعة.
وقالت نورهان النجار في تصريحات صحفية: إن “الشعب المصري محب للاحتفال بصفة عامة، ولكن في إطار الموروثات الثقافية والعادات والتقاليد، مشيرة إلى أن ما يحدث الآن في حفلات التخرج من رقص وحركات مستفزة يعكس مستوى الثقافة المزري الذي وصلنا إليه”.
واضافت أن هيبة العلم والمدرس والجامعة تراجعت عن ذي قبل، مطالبة إدارات الجامعات برفض تلك الحفلات المستفزة، ومنع إقامتها والعودة إلى الثراث الثقافي المصري في الرقي والاحترام.
وأوضحت نورهان النجار أن النشء، أصبحوا يبحثون عن الشهرة دون النظر إلى طريقة تحقيقها فباتوا يبحثون عن التفاهات لركوب التريند، معربة عن أسفها لانهيار المنظومة الأخلاقية .
وأشارت إلى أن بعض الجامعات تستضيف مطربي مهرجانات وبلوجرز وتقدمهم للطلبة على أنهم شخصيات ناجحة مؤثرة في المجتمع، معتبرة ذلك أمرا كارثيا لتصدير فكرة أن مطربي المهرجانات والبلوجرز أفضل من أصحاب العلم والفكر، وبالتالي أصبح الجيل الجديد ينظر إلى تلك الفئة من البلوجرز والمطربين الشعبيين على أنهم قدوة ويحاولون الوصول لشهرتهم ونجاحهم المزعوم.
وأكدت نورهان النجار أن الفيديوهات المنتشرة على السوشيال ميديا لبنات يرقصن بطريقة مثيرة ومستقزة لم تكن بالصدفة أو خلسة، حيث إن عيون البنات ناظرة لعدسة الكاميرا وعلى علم بالتصوير وهذا يدل على انهيار الأخلاق .
وتابعت : مبسوطة أن الناس زعلانة وبتهاجم الفيديوهات دي، ولا بد من إعادة تقويم سلوك هؤلاء الشباب مرة أخرى، مشددة على ضرورة تكاتف الجامعات ووسائل الإعلام لصنع صورة إيجابية ترفع شأن التعليم، ومنع استضافة “ناس هابطة” بالجامعات .