انعقد مجلس وزراء الداخلية العرب في الدورة الحادية والأربعين ، بالقاهرة، الاثنين الماضي، دون التطرق لمجازر الفلسطينيين الدائرة ، تحت سمع وبصر العالم، ودون الالتفات لأوضاع حقوق الإنسان بجميع الدول العربية.
ودعا المؤتمرون لتعزيز التعاون الأمني المشترك، بما يرسخ منظومة الاستقرار، ويعزز فرص التنمية والازدهار وتحقيق المنجزات، وحماية الشعوب العربية من آفة الإرهاب، وانتشار المخدرات، وارتكاب الجرائم على اختلافها، متجاهلين جرائم الإسرائيليين بحق الشعب العربي الفلسطيني.
مؤتمرالعار
وفي وقت تسيل فيه دماء الأطفال والنساء والعجائز في غزة، وبدلا من منح الشعب الفلسطيني وسام الصمود، أو تقديم الدعم العيني والعسكري والسياسي للفلسطينيين، تم الإعلان عن منح المجلس «وسام الأمير نايف للأمن العربي» من الدرجة الممتازة، لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود؛ تقديرا لما قدمه من خدمات جليلة لأمن المجتمع العربي»، والذي يراق دمه وتنتهك حرماته في فلسطين ، وتسلمه الأمير عبد العزيز بن سعود وزير الداخلية.
وفي مزيد من التهميش للقضية الفلسطينية وكأنها اقتطعت تمام من خريطة الوطن العربي ألقى الأمير عبد العزيز، خلال الاجتماع كلمة، تمنى أن يُحقق الاجتماع ما يعزز الأمن العربي المشترك في حاضر البلدان العربية ومستقبلها، دون كلمة واحدة عن مأساة الشعب الفلسطيني.
طق حنك
وفي كلمة توضح ما وصلت إليه الأنظمة العربية من خنوع للإسرائيليين، قال الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب الدكتور محمد بن علي كومان: “ندين المجازر الوحشية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين، والتي خلفت آلاف الضحايا من المدنيين الأبرياء العزل”.
وذلك دون اتخاذ أي موقف أو إجراء لوقف الحرب على الفلسطينيين ومساعدة الضحايا.
وكأن فلسطين ليست دولة عربية فلم تتطرق التوصيات لها ، حيث دعا المؤتمر الدول الأعضاء إلى تكثيف الإنتاج الإعلامي الأمني في مجال الوعي بحقوق الإنسان ودور الشرطة في حمايتها مع التركيز على المبادرات الإنسانية والإجتماعية التى تقوم بها أجهزة الشرطة ، خاصة لحماية حقوق الفئات الأولى بالرعاية، وتعزيز التعاون مع منظمات حقوق الإنسان الوطنية والعربية والدولية، وإنشاء مزيد من الصفحات الرسمية الشرطية على مواقع التواصل الاجتماعي.
انتهاكات حقوقية
وفي حين أن جميع الدول المشاركة في المؤتمر تنتهك حقوق الإنسان، أكد المؤتمر على أهمية نشر ثقافة حقوق الإنسان لجميع العاملين بالشرطة، ودعا الدول الأعضاء إلى استحداث برامج تدريبية تتواكب مع المتغيرات العربية والدولية، كما حثها على العمل على تشكيل قوافل تدريبية تضم نخبة من الخبراء والمتخصصين في مجال حقوق الإنسان تقوم بتنفيذ برامج تدريبية في مؤسسات التدريب الأمني، والعمل على بناء شراكات إستراتيجية بين إدارات حقوق الإنسان بوزارات الداخلية والمنظمات الوطنية والاقليمية والدولية العاملة في هذا المجال.
شهود زور على انتهاكات سجن العاشر من رمضان
ورغم السجل السيئ والمزري لتلك الدول، إلا أنهم تجاهلوا ذلك ، حيث استعرض المؤتمر تجارب عدد من الدول الأعضاء في مجال حقوق الإنسان” غير الحقيقي”، وطلب من الأمانة العامة تعميمها على الدول الأعضاء للاستفادة منها، وكأنه يوصي بتعميم تجارب القمع وانتهاك الحريات والزج بالمعارضين إلى السجون.
ورغم رصد العديد من الانتهاكات ضد المعتقلين والمعتقلات بسجن العاشر من رمضان ، بالشرقية، إلا أن المشاركين على هامش فعاليات المؤتمر قاموا بزيارة ميدانية لمركز الإصلاح والتأهيل بمدينة العاشر من رمضان، وتناسوا تلك الشكاوى، وعلى عكس الواقع حيث لم يتحاوروا مع المعتقلين أو المعتقلات، وكأنهم “شربوا الشاي بالياسمين” ليشيدوا بتجربة جمهورية مصر العربية في مجال في تعزيز حقوق الإنسان في العمل الأمني، وجهودها الملموسة في تكريس هذه الحقوق خاصة في التعامل مع نزلاء المؤسسات الإصلاحية والتهذيبية، وكأن حالات الوفاة المتكررة واستغاثات المرضى والمظلومين لم تصل إليهم .
وأخيرا جاء موعد توزيع الهدايا على أكثر العناصر الإجرامية في الوطن العربي ليتلقوا شهادات تقدير على إجرامهم في حق بني جلدتهم، بتوزيع شهادات تقدير للمشاركين..
منظمة العفو الدولية تكذب وزراء الداخلية العرب
وذكرت منظمة العفو الدولية ، في آخر تقرير لها تزايد انتهاكات حقوق الإنسان في جميع الدول العربية، حيث كان للتصاعد المدمر للعنف في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني تداعياته العميقة في مختلف أرجاء المنطقة، وفي جميع أنحاء العالم. ومنذ أكتوبر، قتلت القوات الإسرائيلية أكثر من 40,000 من سكان غزة، أغلبهم من المدنيين، وكثيرون منهم قتلوا بصورة غير مشروعة.
وتقاعست حكومات المنطقة عن اتخاذ إجراءات كافية للتصدي للارتفاع الحاد في تكلفة المعيشة، والأزمات الاقتصادية، والكوارث الطبيعية والكوارث المرتبطة بتغير المناخ، وكلها تؤثر على الحقوق الإنسانية الأساسية للملايين من البشر.
واحتجزت السلطات العربية الآلاف من المعارضين والمنتقدين وعرّضتهم للتعذيب ولاحقتهم قضائيًا ظلمًا، وفرضت عليهم عقوبات قاسية، بما في ذلك عقوبة الإعدام، والمنع من السفر، والتهديدات، وغير ذلك من المضايقات.
وكان من بين أولئك المستهدفين صحفيون، ومعلقون على الإنترنت، ومدافعون عن حقوق الإنسان – بما في ذلك مناضلون من أجل حقوق المرأة، ومجتمعات مهمشة – ونشطاء من نقابات عمالية.
وفي الأردن ومصر، سعت قوات الأمن لقمع المظاهرات باستخدام القوة غير المشروعة، بل والفتاكة أحيانًا، إلى جانب الاختفاء القسري والاعتقالات التعسفية الجماعية، وظل معظم مرتكبي تلك الانتهاكات لحقوق الإنسان ينعمون بحصانة من العقاب على جرائمهم.
الإرهاب بالقوانين
استخدام قوانين مكافحة الإرهاب أو التهم الزائفة لإسكات المعارضة وإنزال عقوبات قاسية بمنتقديها.
ففي الجزائر، قامت السلطات بملاحقة النشطاء والصحفيين أمام القضاء بسبب تعبيرهم عن آرائهم، بشكل أساسي على الإنترنت، وأغلقت بعض وسائل الإعلام.
أما السلطات العراقية فقد اعتدت على الحق في حرية التعبير، وسعت لسن قوانين ولوائح لتقييد هذا الحق.
وفي تونس، صعَّدت السلطات قمعها للمعارضة، وتمادت في استخدام تهمتي التآمر والإرهاب، اللتين لا أساس لهما، ضد شخصيات بارزة في المعارضة ومنتقدين آخرين؛ وكثيرًا ما لجأت إلى استخدام قانون قمعي جديد، وهو المرسوم المتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال، واستُهدف أعضاء حركة النهضة المعارضة بوجه خاص، إذ أودع الكثيرون من قادة الحركة قيد الإيقاف التحفظي لفترات طويلة، وخضع أكثر من 50 ناشطا سياسيًا للتحقيق بتهمة التآمر الملفقة، في حين رفعت النيابة وتعرّض عشرات المشاركين في احتجاجات تتعلق بالعدالة الاجتماعية والبيئة للمقاضاة ظلمًا.
وفي السعودية، استهدفت السلطات بلا هوادة معارضين مفترضين، فقد أدانت المحكمة الجزائية المتخصصة، التي أُنشِئَت لمحاكمة مرتكبي الجرائم المتعلقة بالإرهاب، بعض الأفراد وحكمت عليهم بالسجن مددًا طويلة إثر محاكمات فادحة الجور، بسبب ممارستهم لحقوقهم في حرية تكوين الجمعيات أو الانضمام إليها وحرية التعبير، بما في ذلك التعبير السلمي على الإنترنت، وأيّدت دائرة الاستئناف بالمحكمة الجزائية المتخصصة الحكم بإدانة سلمى الشهاب بتهم تتعلق بالإرهاب، من بينها نشر تغريدات “بهدف الإخلال بالنظام العام وزعزعة أمن المجتمع واستقرار الدولة”، وذلك بسبب ما نشرته على وسائل التواصل الاجتماعي من تغريدات تدعم فيها حقوق المرأة، وحكمت عليها المحكمة بالسجن لمدة 27 عامًا، يعقبها المنع من السفر لمدة مماثلة.