هل يستطيع مدبولي بيع 4 شركات للجيش بالبورصة؟!

- ‎فيتقارير

 

 

ضمن محاولات نظام المنقلب السفيه السيسي استرضاء بعثة صندوق النقد الدولي، لإعادتها إلى مصر لاستكمال المراجعة الرابعة، بعد أن خرجت غاضبة من مصر قبل أسبوعين، لتعثر مسار المفاوضات حول خروج الجيش من الاقتصاد وتقليص مشاركة الجانب الحكومي في الاقتصاد المصري، جاء إعلان رئيس وزراء السيسي، أمس، عن بيع نحو 10 شركات حكومية، من ضمنها 4 شركات مملوكة للجيش، وهو ما يشكك كثيرون في تحقيقه!

 

وبعد سنتين من إعلان لم يُنفذ، جاء إعلان مدبولي أن شركات “وطنية”، و”chill out” للمنتجات البترولية، و”صافي” لتعبئة المياه، و”سايلو” للصناعات الغذائية، المملوكة للقوات المسلحة، ستكون ضمن عشر شركات مملوكة للدولة تُطرح في البورصة على مرحلتين، في منتصف ونهاية العام المقبل، حسبما قال خلال المؤتمر الحكومي الأسبوعي، أمس الأربعاء.

 

ودون أن يقدم أي تفاصيل إضافية حول الجدول الزمني للطرح أو الحصص المرتقب طرحها، أوضح مدبولي أن قائمة الشركات المطروحة ستشمل محطة توليد الرياح بجبل الزيت، وشركة “الأمل الشريف” للبلاستيك، وبنوك “الإسكندرية”، و”القاهرة”، و”المتحد”، وشركتي “مصر” و”سيد” للصناعات الدوائية.

 

ووفقًا لمراقبين، فإن أغلب الشركات التي ذكرها مدبولي، بما فيها المملوكة للقوات المسلحة، كانت ضمن قائمة من 32 شركة سبق وأعلن هو نفسه، قبل عامين، عن طرحها أمام القطاع الخاص خلال سنة، ولم يُطرح منها سوى حصة بـ30% من “المصرف المتحد” خلال الشهر الماضي فقط.

 

وكان صندوق النقد الدولي شدّد خلال مراجعته الأخيرة، في أغسطس الماضي، على ضرورة مُضي الحكومة قُدمًا في عملية تخارج الدولة من الأصول المملوكة لها لإفساح المجال أمام القطاع الخاص.

ولم تُدرج مصر على جدول أعمال مجلس إدارة الصندوق حتى 20 ديسمبر الجاري، على الأقل، بينما يتعثر إقرار المراجعة الرابعة بين الحكومة والصندوق، في ظل عدم وصول الجانبين إلى خطوة “الاتفاق على مستوى الخبراء”، عقب مُغادرة البعثة القاهرة الشهر الماضي، مُعلنة ضرورة استمرار عمل الحكومة على بعض النقاط، بحسب بيان البعثة.

 

ووفقًا لمصادر مطلعة، فالمباحثات بين الحكومة والصندوق عالقة في ثلاثة ملفات أساسية، أبرزها ضرورة التحرك بجدية ووتيرة أسرع في ملف تخارج الدولة من الشركات، وبالأخص التابعة للقوات المسلحة، وهو ما يعوقه عدة أمور منها الاختلاف على تقييمات تلك الأصول. أما الملفان الآخران فهما الإصلاحات الضريبية المطلوبة لزيادة الحصيلة بنسبة 3% من الناتج المحلي الإجمالي، والجدول الزمني المتعلق برفع أسعار الوقود.

ومع إصرار الصندوق، جاء إعلان مدبولي لتهدئة المواقف وتبريدها وصولًا إلى شريحة القرض المتعطلة المقدرة بنحو 864 مليون دولار، قبل بدء العام الجديد المفعم بأقساط الديون.

 

وكانت الإدارات العسكرية الاقتصادية قد لجأت إلى مزيد من التحايل للحفاظ على شركاتها الاقتصادية، عبر تقسيم شركتي “شيل أوت” و”وطنية”، وتفريغهما من الأصول الاقتصادية، واستبدال علاماتهما التجارية بعلامات أخرى، في سبيل المراوغة، وهو أمر يستمر مع استمرار السيسي، الذي لا يستطيع معارضة الجيش، الذي بات يمثل الحزب الأساسي الداعم للسيسي.

 

إفقار المصريين

 

وتأتي محاولات النظام الانقلابي لبيع أصول مصر الاقتصادية في ظل سياسات عامة لإفقار الشعب المصري، فوفقًا للتقديرات الاقتصادية، يقع 3 من بين كل 10 مصريين تحت خط الفقر، بينما يقف ربع المصريين على حافته، وذلك وفقًا لأحدث الإحصاءات الرسمية المصرية المنشورة حتى عام 2019. كما أنه بحساب الموجات التضخمية المتتالية التي شهدتها مصر في العامين الأخيرين، إضافة إلى خفض سعر العملة المحلية وزيادة أسعار الخدمات الأساسية كالمياه والكهرباء والطاقة عدة مرات، من المتوقع سقوط 4 من كل 10 مصريين تحت خط الفقر على الأقل، وبات ثلثا العاملين بأجر في القطاع الخاص تحت خط الفقر بالفعل.

 

وتشير تقديرات البنك الدولي إلى أن أكثر من 70% من المصريين ينفقون أقل من 6.85 دولار يوميًا وفقًا لمقياس معادل القوة الشرائية، ويساوي هذا المبلغ 42 جنيهًا في اليوم، وهو أقل من خط الفقر الوطني المعدل حسب التضخم في عام 2024 ليصبح 58 جنيهًا مصريًا في اليوم.

 

ويفاقم الوضع الاقتصادي بمصر ارتفاع الدين الخارجي بنسبة 75% على مدار السنوات الخمس الماضية ليصل إلى 168 مليار دولار، وليرتفع إجمالي الديون المضمونة من الدولة إلى حوالي 158% من الناتج المحلي الإجمالي.

وتستهلك أقساط الديون وفوائدها 86% من الإنفاق العام، مزاحمة بذلك الإنفاق الاجتماعي، وهو ما يتسبب بدوره في إفقار ملايين إضافية من المواطنين.

 

وينضاف إلى معاناة المصريين تسارع إجراءات الدولة في تسليع الصحة والتعليم من خلال الخصخصة، وتحويل المنشآت المقدمة للخدمات العامة إلى جهات ربحية. انخفض الإنفاق العام على الصحة والتعليم إلى أدنى مستوياته ليصل إلى 1.2% من الناتج القومي للصحة و1.7% للتعليم، وهي نسب تمثل نحو نصف المخصصات المنصوص عليها في دستور 2014. وينفق المصريون ما يقرب من 70% من إجمالي الإنفاق على الصحة من جيوبهم.

ومع استمرار نهج السيسي، أضعفت القوانين المستحدثة مستوى الشفافية والتنافسية في عقود الحكومة، بالموازاة مع توسع الشراكات مع القطاع الخاص. كما زاد البنك المركزي المصري من اقتراضه الخارجي، حيث وصلت قروض البنك المركزي إلى 11.7% من الناتج المحلي الإجمالي، ولا تخضع هذه القروض إلى الرقابة ولا تنتظر الموافقة البرلمانية.