في ظل عنجهية عسكرية وتحبط إداري وسياسي من قبل نظام المنقلب السفيه السيسي، يعايش المصريون أزمات مجتمعية عدة ، تسبب لهم عدم الاستقرار الاجتماعي والاضطرابات المجتمعية التي تهدد بفوضى عارمة بمصر، مع تضارب القوانين ، والتوحش المجتمعي في الاستيلاء على أراضي وممتلكات المواطنين، بشعارات مختلفة، تتنوع بي المصلحة العامة والأمن القومي وغيرها من المصطلحات التي تفتح باب الفساد.
وفي إحصاءات قانونية، كشفت مؤخرا، عن تزايد أعداد القضايا المنظورة في ساحات المحاكم المصرية، المتعلقة بمخالفات البناء والنزاعات العقارية والتعويضات، في السنوات العشرة الأخيرة بعد الانقلاب العسكري، إذ رأى أنه يجب الانتهاء من ملف مخالفات البناء كنوع من “مراعاة الظروف الاجتماعية للمواطنين، إضافة إلى الحفاظ على ثروة مصر العقارية” وكان عبد الفتاح السيسي قد لفت في كلمته في افتتاح مشروعات قومية في محافظة الإسكندرية، في أغسطس من عام 2020، إلى تزايد مخالفات البناء خاصة على الأراضي الزراعية، ملوحًا باستدعاء الجيش لمجابهة تلك التعديات حال استمرارها.
وفي إبريل 2019، صدر قانون التصالح في بعض مخالفات البناء وتقنين أوضاعها رقم (17) لسنة 2019، ثم صدرت تعديلاته في يناير من العام التالي، بقانون رقم (1) لسنة 2020، ووفق مادته الثالثة: “يقدم طلب التصالح وتقنين الأوضاع خلال مدة لا تجاوز ستة شهور من تاريخ العمل باللائحة التنفيذية المعدلة، إلى الجهة الإدارية المختصة بتطبيق أحكام قانون البناء، بعد سداد رسم فحص يدفع نقدًا بما لا يجاوز خمسة آلاف جنيه، وتحدد اللائحة التنفيذية لهذا القانون فئات هذا الرسم، ويجوز بقرار من رئيس مجلس الوزراء مد المدة المشار إليها لمدة مماثلة”، ورغم حداثة القانون؛ إلا أنه قد صدر قانون التصالح الجديد رقم (187) لسنة 2023، وجاء في نصه: “مع عدم الإخلال بالحالات التي صدر لها قرار بقبول التصالح وفقًا لأحكام القانون رقم 17 لسنة 2019 في شأن التصالح في بعض مخالفات البناء وتقنين أوضاعها، ومع مراعاة ما ورد في شأنه نص خاص في قانون المحال العامة الصادر بالقانون رقم 154 لسنة 2019، يُعمل بأحكام هذا القانون والقانون المرافق له في شأن التصالح في بعض مخالفات البناء وتقنين أوضاعها”، وكان هذا القانون بهدف حل معضلة الدعاوى القضائية المقامة. ليفتح الباب أمام تساؤلات حول تكرار إصدار قوانين مرتبطة بالملف في أقل من أربعة أعوام.
ووفق تقارير لجنة الاسكان البرلمانية، يوجد بمصر نحو 5 ملايين مخالفة بناء رصدت وفق القانون الجديد، توزعت بين بناء دون ترخيص أو التعدي على أملاك الدولة أو البناء على الأراضي الزراعية، مبينًا أن عدد من تقدموا للتصالح في مخالفات البناء في القانون القديم بلغ نحو مليونين و800 ألف مواطن، لكن لم يتصالح منهم سوى 2% فقط.
وبحسب تقرير صادر عن وزارة التنمية المحلية يرصد الفترة ما بين عامي 2000 و 2017، فقد بلغ عدد المباني المخالفة في كافة محافظات الجمهورية نحو مليونين و800 ألف مبنى من أصل نحو 13.5 مليون مبنى في مصر في تلك الفترة، وفقًا لتعداد 2017، بنسبة تصل إلى 21% من إجمالي عدد المباني في مصر.
فساد المسئولين
وإلى جانب كل ذلك، تتفاقم أزمات الفساد في أروقة الحكومة، حيث أصبح كثير من المسئولين السبب الأساس في تفاقم أزمات المواطنين ، لتصل عدد القضايا المنظورة أمام المحاكم تتهم مسؤولين بالفساد إلى نحو 23 ألف قضية، وفق مصادر قضائية.
وقد اتهم مقيمو الدعاوى بعض المسؤولين الحكوميين بالامتناع عن تنفيذ بنود القانون الجديد؛ ما أدى لتعطيل مصالحهم، بينما في بعض الحالات وحسب الشهادات ومن واقع ملفات المحاكم ، فإن هناك اتهامات بالرشوة لبعض المسؤولين المنوط بهم النظر في طلبات التصالح وصرف التعويضات واستصدار قرارات صرف المستخلصات والمستحقات والتعويضات لأصحابها من المستحقين جراء تنفيذ خطط التطوير الحكومية ونزع أملاكهم، إذ طالبوا بمبالغ مالية مقابل تنفيذ القرارات وصرف التعويضات للمواطنين الذين نزعت ملكياتهم لأغراض المنفعة العامة وغيرها.
بجانب قضايا نزع الملكية، إذ يختصم مواطنون الحكومة، مدعين أنها سحبت أراضي وعقارات يمتلكونها، مطابقة للمواصفات، بدعوى التطوير دون تعويضهم، رغم نص قانون نزع الملكية على منح تعويضات لهم.
وينص قانون نزع الملكية رقم (10) لسنة 1990، على أن “يجري نزع ملكية العقارات اللازمة للمنفعة العامة والتعويض عنه وفقًا لأحكام القانون، ونصت على تعويض الملاك من خلال لجنة فحص وتقييم. ويحق للمُلاك الاعتراض على هذا التقييم خلال 30 يومًا، وصولًا إلى أرقام مرضية للملاك جراء نزع أملاكهم”، والذي تم تصديره مؤخرًا في الساحة بعد زيادة معدلات حالات نزع الملكية للمنفعة العامة.
ووفق تقديرات اقتصادية، يوجد نحو 14 ألف قضية رشوة وتلقي أموال من قبل مسؤولين، مقابل إجراء التصالح على عقارات ووحدات وأبنية مخالفة للقانون، في مقابل الحصول على تراخيص لها وهي غير مطابقة للمواصفات و تفتقر لاشتراطات الأمن والسلامة، إضافة إلى نحو سبعة آلاف قضية تتعلق بالحصول على أموال، مقابل صرف أموال المستحقين للتعويضات ممن صدر لهم قرارات بالفعل، بخلاف وجود نحو ثلاثة آلاف قضية أخرى تخص مخالفة الحكومة والمسؤولين في الدولة لقانون نزع الملكية للصالح العام، وارتكاب مخالفات قانونية ترتقي إلى درجة الجرائم.
