2024 عام تشريد المصريين …2.8 مليون مواطن بلا مأوى

- ‎فيتقارير

رغم أن المادة 35 من دستور عام 2014، والذي صوت عليه عصابة السيسي، نصت على عدم نزع الملكية، إلا مقابل تعويض عادل يدفع مقدمًا، إلا أنه أندلع أمام جهاز التعمير، والهيئة العامة للمساحة المشرفة على تثمين العقارات والأراضي وصرف التعويضات، تظاهرات واعتصامات للمطالبة بصرف التعويضات، نظير إزالة بيوتهم، وطرهم من أراضيهم، دون أن يحصلوا على جنيه واحد.

 

كما أن الفقرة الثانية من المادة (6) من قانون نزع الملكية، على أنه يجب صرف كامل مبلغ التعويض خلال مدة 3 أشهر من تاريخ صدور القرار، وفي حالة التأخر تسدد الجهة طالبة نزع الملكية، تعويضًا إضافيًا عن مدة التأخير بنسبة الفائدة المعلنة من البنك المركزي.

ومع كل هذا العناء الذي يعانيه أصحاب العقارات المُزالة من تأخر المستحقات الزهيدة المقررة لهم من حكومة الانقلاب، وجدوا أنفسهم يسكنون شقق بالإيجار تتراوح ما بين 3 آلاف جنيه و10 آلاف جنيه، بعد أن كانوا يسكنون في أملاكهم، ويعيشون بجوار مصادر رزقهم ومدارس أبنائهم.

 

حِجج العشوائيات

 

ويرى برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، إن 37% من عمران مصر ليس مخططًا، ويقع ضمن السكن العشوائي، والذي أكد أن تلك المناطق غير المخططة، حصل 80% منها دعمًا حكوميًا، إلا أن هذا الدعم تحول إلى بيزنس واستغلت الحكومة فقر المواطنين وضعفهم واستولت على منازلهم بحجة العشوائيات، ثم قامت بتطوير بعضها وطرحها عليهم بأثمان مبالغ بها لا يقدرون على تحمل نفقات الحصول عليها.

 

وتأتي تلك التصريحات تزامنًا مع تصريحات شريف الشربيني، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية،أن إجمالي الاستثمارات التي خصصتها الدولة للتخلص من العشوائيات منذ 2017 بلغ نحو 5 مليارات دولار، مشيرًا إلى أن هذه الميزانية الضخمة جرى توجيهها لتخطيط وتنفيذ مشاريع استراتيجية تعزز من تحسين مستوى معيشة المواطنين وتوفير بيئة سكنية آمنة ومستدامة، وهو ما لم يتحقق على أرض الواقع، حيث لم يستفد من تلك الأموال أحد وسعت الحكومة إلى استردادها عبر طرح تلك العقارات، حيث تخطت أقل الوحدات المليون جنيه ووصلت أعلاها إلى 150 مليون، في حين تقول الحكومة أن تلك الوحدات مدعمة.

 

القاهرة الأكثر فشلاً

 

وربما تجربة القضاء على المناطق العشوائية بالعاصمة القاهرة هي الأكثر فشلاً والتي شكلت واحدة من التحديات الكبرى التي فشلت الدولة فيها، فعلى الرغم من إنشاء مجتمعات عمرانية جديدة تستوعب الملايين إلا إنها لم تستقبل سوى ما يقارب مليون مواطن جرى نقلهم إليها، بعد طردهم من بيوتهم وتعويضهم بأرقام زهيدة جعلتهم مستأجرين بعد أن كان أصحاب أملاك، فضلاً عن بعدها عن مناطق عملهم ومدارس أبنائهم.

 

طرد بالإكراه وتشريد في الشوارع

 

وأشارت دراسة للخبير المعماري والباحث العمراني بمعهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط بواشنطن، إبراهيم عز الدين، إلى أن مصر شهدت عام2024، توسعاً في مشروعات التنمية العمرانية صاحبته سياسات فرض السيطرة واستخدام القوة، حيث تزايدت عمليات إخلاء المساكن بالإكراه وطرد سكان الأحياء الفقيرة، بعضهم تم تغريبه عن منطقته وآخرون لم يجدوا مأوى.

 

تبين الدراسة الصادرة في أغسطس الماضي، أن آلاف الحالات من الإخلاء القسري التي قامت بها الحكومة بكل من ضاحية الجميل بمحافظة بورسعيد، وإخراج الناس بالأمر، دون تعويضات، لصالح مستثمر خليجي، بالتزامن مع إخلاء منطقة مشروع مدينة رأس الحكمة بالقوة مقابل تعويضات زهيدة للأهالي، عن مساكنهم وبيوتهم ومزارعهم.

 

وقالت الدراسة إنه تم إخلاء ما يقرب من 57 ألفاً و343 وحدة سكنية يقطنها 2.8 مليون نسمة بمحافظتي القاهرة والجيزة في قرار صدر من 2018 لاستغلال قيمة الأرض بالمواقع الحيوية في مشروعات استثمارية، كسكان منطقتي نزلة السمان بالجيزة، ومدابغ عين الصيرة جنوبي القاهرة في مدة تتراوح ما بين 14 إلى 30 يوماً فقط.

يذكر التقرير نقلاً عن منظمة هيومن رايتس ووتش، إجلاء السلطات سكان مدينة رفح، وهدم 3 آلاف و255 منزلاً على الأقل خلال 48 ساعة، في الفترة من 2013 إلى 2015، دون تدبير بدائل لهم، بالمخالفة للدستور الذي يحرم التهجير القسري والقوانين التي تحدد آليات التفاوض والتعويض المالي والاجتماعي.

 

تدفع الإجراءات الحكومية كثيرًا من الناس إلى تفضيل الحياة داخل العشوائيات والمناطق المعرضة للهدم، على أن تنتقل إلى المناطق البديلة التي يشعرون فيها بالاغتراب وبكثرة الأعباء المالية وندرة الوظائف، وتمثّل العشوائيات خطرًا كبيرًا على النشء الجديد، إذ تنتشر فيها الجريمة والفقر والأمراض؛ ما يؤدي إلى انحراف الأطفال والشباب.